الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قوة النسيج الوطني مرهونة بإدراك المخاطر ومواجهتها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى كل مرة وعندما تحدث فتن طائفية أو كما حدث مؤخرًا فى أسوان من فتنة بين الهلالية والدابودية، يعود العقل الجمعى للمصريين سواء تعلق الأمر بالجمهور العام، أو بالنخبة والمثقفين، إلى حقيقة قوة النسيج الوطنى المصرى وتماسكه وقدرته على مقاومة الفتن والاحتفاظ بطابعه الأصيل الذى تشكل فى أعماق التاريخ.
ولا شك أن قوة ومتانة النسيج الوطنى المصرى هي حقيقة تاريخية، ومعطى تاريخى يضرب بأعماقه فى قلب التاريخ المصرى، ذلك التاريخ الذى يشهد بقدرة هذا النسيج على تمثل واستيعاب مكونات الثقافة المصرية للوافد والمقتبس بحيث يبدو وكأنه جزء لا يتجزأ من هذا النسيج، وبحيث لا يمكن التمييز بينه وبين المكونات الداخلية النابعة من عمق الثقافة المصرية.
بيد أن هذه الحقيقة ينبغى ألا نركن إليها كثيرًا أو أن نعتقد أن كثرة ترديدها كفيل بالاحتفاظ بطابع هذا النسيج الوطنى وأصالته، كما لا يجب أن تصرف هذه الحقيقة أنظارنا عن حقيقة التغير الحادث فى ثقافة المصريين والمستجدات التى طرأت عليها والتى من شأنها أن تؤثر فى قوة هذا النسيج وتماسكه.
فلكى يحتفظ هذا النسيج بقوته وتماسكه علينا أن نمده بالماء والغذاء، وأن نحوطه بالرعاية من كل نوع، فهذا النسيج وقوته لا يستمد طابعه من ذاته، وإنما من الظروف والمعطيات التى توفرت له والتى كفلت له التماسك والبقاء وتلك التى ينبغى توفيرها الآن.
مؤخرًا وخلال الشهور القليلة الماضية جرت مياه كثيرة تحت كل الجسور، حيث تضاءلت هيبة الدولة واضطرت تحت ظروف سياسية أن تلجأ إلى المصالحات العرفية وتسوية النزاعات بالطرق التقليدية، وهو ما يعنى تجاهل تطبيق القانون، فى نفس الوقت امتلكت بعض الجماعات من الإخوان المسلمين والقوى المؤيدة لهم بعض أدوات العنف والسلاح وشنوا هجمات إرهابية كبيرة على قوى الأمن والجيش والمنشآت العامة والخاصة والمواطنين، وأصبح السلاح متاحًا للجميع من منافذ غربية وشرقية وجنوبية، أى من ليبيا وسيناء والسودان.
وإذا أضفنا إلى ذلك انسحاب الدولة من المجال الاقتصادى الاجتماعى واتباع سياسة الخصخصة ومحاولة بعض جماعات التيار الإسلامى ملء هذا الفراغ عبر منظومة من الجمعيات والمستوصفات التى تقدم العون لقطاعات من المصريين بأسعار فى متناول أيديهم، إذا أضفنا كل ذلك لعرفنا أنه لا يمكن الاكتفاء بترديد قوة النسيج الوطنى ومتانته فى مواجهة دعاة الفتن الطائفية والقبلية، ولأدركنا أن هذا النسيج الوطنى يقوى بمقدار ما نمده من أساليب المنعة والقوة والتحصين، خاصة فى مجال التعليم المستنير، والمنفتح، والثقافة الواسعة، الملمة بحقائق الواقع والعصر، وإنهاء الهيمنة الثقافية التى خططت لها جماعات وتيارات الفتنة والأسلمة، ودون اتخاذ إجراءات قوية وتبنى مقاربات مختلفة لتعزيز الاندماج الوطنى والتكامل الوطنى سنكتشف أن النسيج الوطنى عرض للضعف وافتقاد التماسك.