الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سوريا تحت سطوة الجهاديين..11 ألف مقاتل بينهم 5 آلاف أوروبي يشعلون نار الحرب بدمشق بدعم أمريكي..رحلتهم تبدأ بالسفر لتركيا ثم التسلل لسوريا عبرالحدود..ساسة:الجهاد فكرة استخدمهاالغرب لتقسيم الوطن العربي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دخلت الأزمة السورية إلي حارة سد ، صارت مأساة بكل المقاييس، وتؤكد تقارير أن الوضع الإنساني في دمشق أصبح متدهورًا للغاية منذ بدء الأزمة خلال السنوات الثلاث السابقة ، بسبب القتال الوحشي والمستمر بين عدة جبهات ، وضاعف الأزمة إعلان بعض الحركات السنية والشيعية للجهاد في سوريا ، مما جعل أعدادًا كبيرة من المسلمين الأوروبيين يتوجهون إلى مناطق النزاع في سوريا ليقاتلوا بعضهم البعض تحت راية وفقه الجهاد ، ليصبح المدنيون من الشعب السوري هم الضحية الوحيدة أمام قتال تلك الجماعات فيما بينها تحت المسميات الطائفية المختلفة . 

وتكشف التقارير أن المجاهدين الأوروبيين كانوا ولايزالون بمثابة الوقود لإشعال الحرب الأهلية في سوريا، والتي تنتقل تدريجيًا لدول الجوار حتى تصبح كالعدوى في جسد الشرق الأوسط، وهذا بالفعل ما تعاني منه لبنان في الفترة الماضية ، لتنتقل الحرب إلى سوريا من قتال بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة في سوريا، إلى حرب بين سنة وشيعة .
وتتابع : " باختلاف النبرات السلفية المتفاوتة الداعية للجهاد في سوريا ضد نظام الأسد، توجد النبرات نفسها على الجانب الآخر من الشيعة لدعم الأسد ضد المعارضة المنقسمة، لتصبح سوريا ميدانًا قتاليًا واسعًا للمسلمين يقتلون بعضهم بعضًا على اختلاف مذاهبهم اعتقادًا منهم أنهم يقاتلون لنصرة مذهبم ودينهم " . 
وسلطت صحيفة الجارديان البريطانية في مايو من العام الماضي الضوء على المجاهدين الأوروبيين الذين تركوا بلادهم للتوجه إلى سوريا للقتال، وخاصة ركزت على المخاوف الألمانية من عودة نحو 40 شخصًا يحملون جوازات سفر ألمانية، ذهبوا للقتال في سوريا إلى جانب الميليشيات الإسلامية من أصل 700 مقاتل من مختلف الدول الأوروبية، وفقا لحسابات الحكومة الألمانية، والدعوة إلى وضع سياسات جديدة لمنع هؤلاء من العودة إلى البلاد . 
وحذّر "جيل دي كيريشوف" منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، من قدوم المقاتلين الجهاديين على أرض سوريا ضد نظام بشار إلى أوروبا للعيش بها، وقال: "إن عدد القادمين والخارجين من وإلى سوريا في تزايد مستمر مما يستدعي وقفة صارمة للحد من ذلك".
واعتبر منسق الاتحاد الأوروبي أن هؤلاء المقاتلين يتعلمون القتال في سوريا، ويتم تلقينهم ما زعم أنه تعاليم الإسلام المتشدد الأمر الذي سيشكل خطرًا حقيقيًّا للداخل الأوروبي على حد قوله ، كما حذر "كير يشوف" في مذكرة تم عرضها على اجتماع وزراء الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي من أن هؤلاء المقاتلين غالبًا ما يعتبرون أبطالا عند فئة من الشباب الأوروبي؛ مما يعزز فرص انتدابهم والمضي في نفس الطريق.
وتكشف المذكرة ، أن عدد المقاتلين الأوروبيين في تزايد، ونصت المذكرة أيضًا على ضرورة تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة من أجل فرض مزيد من المراقبة على الحدود التركية السورية، والطرق التي يتخذها "المقاتلون" للدخول إلى سوريا، بالإضافة إلى مراقبة المطارات والرحلات الجوية وخاصة مخيمات اللاجئين. 

واعترف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بأن مسالة المقاتلين الأجانب في سوريا أصبحت مصدر قلق متزايدًا للحكومات الغربية.
وأشار المعهد الى أنه وفقًا للعديد من المصادر أصبح هناك ما يقدر بنحو 11 ألف مقاتل من 74 دولة في صفوف المعارضة السورية ، وأن عدد المقاتلين من أوروبا الغربية تضاعف منذ شهر ابريل الماضي من 600 فقط الى 1900 حاليًا.

وقال آرون زيلين الباحث بمعهد واشنطن أنه بين عامي 2011 و2013 ارتفع عدد المقاتلين الاجانب من 3300 الى 11 ألفًا مشيرًا الى أنهم ذهبوا الى سوريا للانضمام إلى صفوف المعارضة.

وأضاف الباحث أن هذا العدد يشمل الذين مازالوا في سوريا حاليا وهؤلاء الذين عادوا الى أوطانهم حيث تم القاء القبض عليهم أو لقوا حتفهم.
ويشير الباحث الى انه على الرغم من أن غالبية المقاتلين الأجانب في سوريا هم من دول عربية أو أوروبية اذ تصل نسبتهم الى 80 بالمائة إلا أن هناك مقاتلين من جنوب شرق آسيا وامريكا الشمالية واستراليا ومن دول افريقية.
ووفقا للإحصاءات الرسمية قال زيلين إن حكومتي فرنسا والدانمارك قدرا زيادة المقاتلين بالضعف منذ ربيع هذا العام بينما تقديرات بريطانيا وبلجيكا والمانيا تقول إن العدد ازداد أربعة أضعاف.
ويرى الباحث ان كثرة المجاهدين الأوروبيين في الأراضي السورية، من الذين تركوا بلادهم ليتخذوا من الأراضي السورية ساحة قتال لهم، أسقطت المعايير والضوابط لمعاقبة المجاهدين الاوروبيين سواء عقب عودتهم إلى بلادهم، أو عند بقائهم في سوريا، ومن جانبه قال السفير جمال بيومي سفير مصر السابق بالاتحاد الأوروبي والأمين العام الحالي للمشاركة المصرية الأوروبية، إنه لا توجد قوانين أو مواثيق تحكم قضية ذهاب مواطنين إلى دولة أخرى للحرب أو الجهاد، مشيرًا إلى أن الجهاديين من أصول أوروبية في سوريا لن يتم إيقافهم أو محاكمتهم من قبل الدول الغربية في حال عودتهم مرة أخرى إلى بلادهم.

وأضاف السفير بيومي في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن الدول الغربية لن تحاكم الجهاديين ذوي الأصول الأوروبية، لأنهم معارضون لنظام الأسد، وأن هؤلاء الجهاديين ينتمون للمعارضة والجيش السوري الحر، لافتًا إلى أن أوروبا تحاكم فقط على المواطنين العائدين لها في حال ثبوت عليهم تهم جنائية، أو جرائم حرب، ولكن لن يستطيعوا أن يحددوا أشخاصًا بعينهم لمشاركتهم في الحرب الأهلية في سوريا بداعي الجهاد.

وأكد سفير مصر السابق بالاتحاد الأوروبي أن بقاء هؤلاء الجهاديين الأوروبيين في سوريا يعتمد على نتائج الحرب الأهلية فإذا انتصرت المعارضة فبقاؤهم لا شك فيه، ولكن إذا ظل الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه، فسيعودون إلى بلادهم، مشددًا إلى أن الواقع هو الذي تفرضه الثورات ومن يحكم على الأرض، فرجوع هؤلاء الأوروبيين إلى بلادهم مرتبط بترجيح كفة المعارضة.
والظاهرة اللافتة أن ميدان الجهاد في سوريا جذب أعدادٍ كبيرة من المجاهدين الأوروبيين والغربيين على عكس ما كان الحال في أفغانستان و العراق، وتشير مجلة تايم الأمريكية إلى أن تجنيد مجاهدين من الدول الأوروبية والغربية للحرب في سوريا أسهل مقارنة بحالتي أفغانستان والعراق, حيث إنهم لم يصطدموا بفكرة مواجهة بني أوطانهم في ميدان المعركة، نظرًا لعدم وجود جيوش غربية في سوريا.
وتتفاوت التقديرات حول عدد المقاتلين الأوروبيين في سوريا، فيؤكد معهد واشنطن أن عددهم نحو 1900 مقاتل، بينما كشفت صحيفة لا ليبر بلجيك البلجيكية نقلا عن مصادر أمنية بلجيكية عن أن عدد الأوروبيين المجاهدين يتراوح ما بين4 إلى 5 آلاف شخص، وهو ما يضع أوروبا أمام تحديات جمة لكنها بالتأكيد ليست أخطر مما ينتظر الشرق الأوسط، ولعل هذا العدد الهائل يثير علامات استفهام كثيرة أبرزها طريقة تجنيد الجهاديين في أوروبا وإذا ما كانت هناك منظمات تعمل بشكل منهجي بهذا الصدد ومدى إحاطة المخابرات الغربية علمًا بهذه الأنشطة. وما يؤكد هذه الشكوك ، أنه عندما كشفت صحيفة الـ جورنالي الايطالية في يونيو الماضي عن مقتل شاب إيطالي تحول إلي الإسلام في سوريا أثناء قتاله في صفوف أكثر المجموعات تطرفا. وأكدت مصادر مخابراتية ايطالية للصحيفة أن هناك مقاتلين إيطاليين آخرين في سوريا غالبيتهم من أصول مهاجرة، وأنهم جميعًا قيد رصد ومراقبة المخابرات الايطالية.

وإذا كانت همزة الوصل بين المسلحين في سوريا والمرشحين للجهاد في أوروبا غائبة ، فإن خط سير المتطوعين يبدأ بالسفر إلي تركيا ـ في الأغلب بحسب معهد واشنطن ـ وفي بعض الأحيان لبنان أو الأردن والعراق، يتوجه بعد ذلك المتطوع إلي منطقة الحدود مع سوريا، حيث يكون الاتصال بعناصر تقوم بضمهم الى إحدى المجموعات القتالية.

ولكن هناك شيئًا مؤكدًا كشفته تلك الصراعات التي تدور بالمنطقة في الفترة الأخيرة فالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت وبنجاح نقل ساحة المعركة مع الإرهاب من أراضيها إلى الأراضي العربية، ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وبعدها كان غزو العراق الذي تسبب في تقسيم العراق واندلاع حرب طائفية مازالت مستمرة حتى وقتنا هذا، تسببت في خلق بؤر إرهابية تحت مسمى الجهاد، انتشرت هذه البؤر في كل أنحاء العراق لتخرج إلى دول الجوار، وكانت أبرز تلك البؤر الإرهابية جماعة داعش التي انتقلت إلى سوريا مؤخرًا لتستكمل القتال تحت نفس المسمى الذين يتخذونه عذرًا لدخول بلاد ليست لهم، وهو مسمى "الجهاد".

فبكل المقاييس تمكن الغرب وبكل سهولة استخدام لفظ الجهاد والفكر التكفيري لكسب عدة نقاط مهمة في صالحهم ودون أي جهد سواء كان جهدًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا، أولى تلك النقاط هي أن تكون بلادهم آمنة في حين تغرق بلادنا في الفتنة والدم، ثانيًا يتم تقسيم الوطن العربي لعدة دويلات صغيرة بسبب تلك الحروب والنزاعات الكاذبة التي اندلعت بمسميات الطائفية الدينية أو القبلية، ثالثًا أن يصبح العرب والمسلمون في أعين البشر كافة، هم الجناة والمجني عليهم في الوقت ذاته دون تورط حكومات الدول الغربية، فبالفعل تعلمت الدول الغربية من غزو العراق بتوفير مواردها البشرية والعسكرية والاقتصادية، وتخلق الفتنة التي تجذب المجاهدين من كل حدب وصوب، ويصبح دور الحكومات الغربية هو دور المشاهد، فيما أنه هو اللاعب الأساسي من خلف الستار.

ويتخوف مسئولون استخباراتيون من الأعداد المتزايدة من الشباب الذين يتركون أوروبا والولايات المتحدة للتوجه إلى سوريا والجهاد ضد نظام بشار الأسد.

وكذا استمرار حكم الرئيس السوري بشار الأسد يثير مخاوف من أن يؤدي التمرد في البلاد إلى خلق جيل جديد من الجهاديين، وفي جميع أنحاء أوروبا، يتحدث مسئولو المخابرات وضباط الشرطة والأخصائيون الاجتماعيون عن دفع قوي في الأشهر الأخيرة من قبل المتطرفين الإسلاميين لتجنيد الشباب الأوروبيين للقتال في ساحة المعركة السورية.

ووفقًا لمسئولين وخبراء رصد الاتجاهات في ألمانيا، فإن معظم المجندين الجهاديين من الرجال، لكنهم يتضمنون بعض النساء اللواتي يتركن ألمانيا بهدف المساعدة في إنشاء دولة إسلامية في سوريا، ويقدر مسئولو الاستخبارات الأمريكية والأوروبية أن" 1.200 " شاب انضموا إلى الجماعات المتمردة في سوريا، بعضها يرتبط بعلاقات بتنظيم القاعدة.

وقال توماس دي مايتسيره، وزير الداخلية الألماني، بعد اجتماعه مع رؤساء المخابرات والشرطة الألمانية إن الإرهاب الدولي له الأولوية على لائحة المخاطر التي يجب التنبه إليها، واصفًا تدفق الشباب إلى ساحة المعركة السورية بالخطر الكبير، "خصوصًا إذا عادوا إلى وطنهم بعد أن تدربوا على استخدام الأسلحة والمتفجرات".

ويقول مسئولون وخبراء استخباراتيون إن معظم الذين يتوجهون إلى ساحة المعركة هم من الأسر المهاجرة، وغالبًا من ذوي خلفية مسلمة، وفشلوا في المدرسة وفي الحياة.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى مؤشرات عن أن مسئولي الاستخبارات الغربية يجمعون المعلومات حول مشاركة الغربيين بالقتال في سوريا، وأن معظم أعمال المراقبة والبحث تتم عبر الحدود التركية. 

في الولايات المتحدة، قال كبار مسئولي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب لصحيفة نيويورك تايمز إن 70 أمريكيًا على الاقل سافروا إلى سوريا، أو حاولوا منذ بدء الصراع هناك منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. وأعرب المسئولون أيضًا عن قلقهم من أن هؤلاء سيخططون لشن هجمات بعد عودتهم إلى ديارهم.

يشار إلى أن ولاية هيس الألمانية، حيث تقع فرانكفورت، تعتبر واحدة من المصادر الرئيسية لتجنيد الجهاديين إلى سوريا.

ويقول مسئولون في هيس إن 23 شابًا انتقلوا للمشاركة في القتال ضد الأسد في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك تسعة طلاب، وأشارت المصادر إلى أن أحدهم يبلغ من العمر 16 عامًا وهو من فرانكفورت، وقد قتل في المعارك في مدينة حلب الشهر الماضي.