تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أصر "برهامي" على فتواه بترك الزوجة للاغتصاب في حال التعرض للقتل، وأكد في فتوى جديدة على موقع "أنا السلفي" أنه لا يجوز للفرد قتل زوجته لمجرد رؤيتها وشخص غريب عاريين، ما لم ير الفَرْج في الفَرْج.
وقال: قتل الزوج لزوجته وعشيقها حال التلبس بوقوع الزنا منها والأجنبي، يشترط فيه رؤية الفـَرْج في الفَرْج، وهو مِن باب دفع الصائل، ولا يُقبَل شرعًا في الدنيا ادعاؤه إلا بالشهود أو اعتراف أولياء القتيلين.
وهكذا تصدر آلاف الفتاوى ومئات الأحكام الفقهية التي تتداولتها المنتديات والمواقع السلفية، وأكثر منها بأضعاف ما تناقلته المواقع الجهادية ومنتديات تابعة لتنظيم القاعدة، لتثير الجدل كل يوم.
لن نستطيع مطلقًا أن نقدم إحصاءً دقيقًا لما تقدمه مواقع أو فضائيات السلفية، فضلًا عن مواعظهم ودروسهم في المساجد التي تمتلئ بآلاف من هذه الفتاوى.
ولو ألقينا نظرة واحدة على موقع "صوت السلف" وهو لسان سلفية الإسكندرية، وهي أكبر السلفيات في مصر، لوجدنا 3780 فتوى في باب المعاملات وحدها، ومنها حرمة حفلات التخرج، جواز التصوير في الحفلات وعدم جواز تصوير النساء، مشاهدة الكرة مع تفويت العبادات حرام، عدم جواز مشاهدة المصارعة الحرة، عدم جواز تصوير الزوج لزوجته، عدم جواز العمل الصحفى في الفن والرياضات النسائية، وعدم جواز تعليق صورة بطوطة في غرف الأطفال، ومن هذه الأمثلة مئات الفتاوى.
وقبل ثورة 25 يناير كانت هناك مجموعة من الفتاوى، مثل فتوى الاختلاط التي أفتى بها الشيخ أحمد الغامدي، ورغم أنه من السعودية لكن اسمه في أوساط السلفيين كان معروفًا، واصطدمت فتواه مع ما يعتبره بعض السلفيين من المسلمات الشرعية التي يؤمنون بها، حيث أباح مصافحة المرأة.
وجاءت فتوى أخرى لا تقل أهمية، لكنها سياسية هذه المرة تتعلق بانفصال الجنوب السوداني حيث أفتى السلفيون بحرمة انفصال الجنوب السوداني، مطالبين حكومة الخرطوم بتطبيق الشريعة الإسلامية دون الأخذ بعين الاعتبار ما يقرره الجنوبيون، ومحذرين في الوقت نفسه من مخطط "غربي يهودي" لتقسيم السودان إلى خمس دويلات "هزيلة".
وصدرت فتوى خطيرة تزامنت مع حملة تبرعات أطلقها نادي الزمالك تحت اسم "ناديك يناديك" لمواجهة الأزمة المالية الطاحنة التي يمر بها النادي وللصرف منها على أنشطته الرياضية والاجتماعية، وجاءت الفتوى على المواقع السلفية لترد على دكتور سعد الدين هلالي، بأنه يجوز للمسلم أن يوقف جزءًا من أمواله لإنشاء كيان ما أو نادٍ ولو للأغنياء فقط من باب تأليف قلوبهم باعتبار ذلك "من قبيل العمل الإنساني ونشر الخير"، مشيرا إلى أن هذا هو رأي الجمهور رغم عدم إجازة الحنفية لذلك الرأي، وهو ما أثار جدلًا ما بين مواقف الرافضين لها باعتبار أن فقه الأولويات لا يجيز تقديم الرفاهيات على الضروريات، وما بين المؤيدين لها الذين يؤكدون صحة الفتوى شرعًا، وما بين الذين يرون القولين صحيحين معًا باعتبار أن الفتوى صحيحة، لكن تم تنزيلها على غير محلها وفي غير مكانها.
وهناك فتوى أثارت جدلًا كبيرًا وكانت هذه المرة من الشيخ محمد حسان وهي حول رده على سؤال ورده حول حكم بيع الآثار: "إن كانت هذه الآثار في أرض تملكها أو في بيت لك فهذا حقك ورزق ساقه الله ولا إثم عليك في ذلك ولا حرج، وليس من حق دولة ولا مجلس ولا أي أحد أن يسلبك هذا الحق، وهذا الرزق الذي رزقك الله إياه، هذا ركاز أو كنز أو ذهب أو غير ذلك فهذا حقك إن كان في ملكك".
ثم تبعت الفتوى السابقة فتوى خطيرة من أحد شيوخ السلفيين المعروفين وهو الشيخ محمود عامر، وأثار جدلًا شرعيًا وسياسيًا هو الأعنف من نوعه، فالفتوى لم تتعلق بما هو حلال وحرام فقط، بل تتعلق بإباحة دم أحد رموز المعارضة المصرية بدعوى "شق عصا الناس".
ففي النصف الأخير من شهر ديسمبر دعا الشيخ السلفي لقتل الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يفكر في الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية.
بعد 30 يونيو أصدر السلفيون سيلًا من الفتاوى، حول إسلام السيسي، وحول وجوب المشارك في لجنة التعديلات الدستورية، وحول جواز المشاركة في خارطة الطريق.
وأخيرًا صدرت فتوى ترك الزجة فريسة للاغتصاب، بعد أن أصبحت صناعة الفتوى الدينية لدى السلفيين، كلاما مباحًا، لكل من يتصور أن لديه القدرة على فهم النص أو إدراك الواقع، وكل من يستطيع من خلال مجموعة من الأدوات أن يمارس عملية الإفتاء، فيقوم بتنزيل رؤية الدين في الواقع، أو محاولة أن يحكم النص الديني الواقع بفهمه الخاص، ما أحدث الكثير من اللغط وسوء الفهم.
وهنا التساؤل حول إلزامية الفتوى ومن يكون مصدرها؟ ومن هو الذي يستحق الأهلية للتعبير عن الدين، واحتكار التمثيل الرمزي للشرعية المؤسسة على الدين، خاصة إذا أصدر المفتى فتوى تتعلق بقضية تشغل بال المجتمع.
وما الفرق بين الفتوى القضائية والفتوى الاجتهادية، وكيف نخرج من سيل الفتاوى، وفي نفس الوقت نسمح بمساحة واسعة من التنوع والتجدد، حسب الأزمان والأماكن المختلفة، ما يعطي الفتوى الجانب البشري، ويبعدها عن التقديس؛ نظرًا لاحتمالية الصواب والخطأ فيها، فالإفتاء هو ضمير الأمة في بعض فتراتها التاريخية، وهو الضابط لتفاعلات الأمة لكن نحن أمام نوعين من الإفتاء الرسمي والمدني، وانتهى إلى دور قيادي للإفتاء الرسمي، في مجال السياسات الاجتماعية، ودور معارض للإفتاء المدني، في مجال السياسات الإستراتيجية، وهذه هي المشكلة التي تواجه المجتمع في هذه الأيام.