الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إهمال انتخابات البرلمان انتكاسة للثورة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقوم الآن بعض المصنفين فى خانة الثوريين الأكثر تطرفاً بما قد يعجز أصحاب الثورة المضادة من الإخوان وحلفائهم عن الإقدام عليه! وباتت تصرفات هؤلاء تبدو وكأنها من إبداعات تفكير وتخطيط مطبخ الإخوان، لسبب بسيط وهو أنها تصبّ بالكامل فى صالحهم!
ذلك لأن بشائر انتصار الثورة لن تبدأ فى التجلى الحقيقى، الذى يمكن رصده موضوعياً للجميع دون المجادلة فى صحة ما يرون، إلا بعد أن يصل ممثلو الثورة إلى الحكم وعندما تكون لهم الأغلبية فى البرلمان، وليس قبل هذا!
وكل ما يساعد على بلوغ هذا الهدف، بأسرع السبل وبأقل التكلفة وبأخفّ التضحية، هو عمل ثورى، وأما كل مَن يُعطِّل هذا الإنجاز، أو يستنزف الثورة فى مسارب أخرى، أو يفرض مسائل فرعية تبدد الوقت والطاقة، أو يثير الريبة فى صحة الأولويات، أو يصر على ما يعيق التوجه نحو الهدف، فهو من أعوان الثورة المضادة، أو هو ممن تتفق أفعاله مع مصلحة الثورة المضادة، حتى إذا جاءت هذه الأفعال من تحت راية الشعارات الأكثر ثورية، وحتى إذا ادعى صاحبها إخلاص النية!
انظر إلى عينة مما يقولون ويفعلون، ولن تبذل جهداً كبيراً حتى ترى التوافق الذى قد يتطابق أحياناً مع ما يطرحه الإخوان وحلفاؤهم الذين لا يخفون هدفهم فى عرقلة خارطة المستقبل التى على رأسها الاستحقاقات الانتخابية، فيجيئ هؤلاء بشعاراتهم الثورية يشككون فى صحة إجراءات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويطعنون فى نزاهة الانتخابات قبل أن تبدأ، ويرفضون من الآن الاعتراف بنتائجها، ويثبطون الهمم عن خوض الانتخابات وعن المشاركة فى التصويت! وبهذا يتطوعون بالمبادرة بتبديد فرصة أن يكون لممثلى الثورة وجود فى البرلمان، الذى هو السبيل الوحيد المرجو من الثورة، لكى يتولى مسئولية اصدار التشريعات التى تحمى الثورة وتلبى مطالبها وإلغاء كل قانون لا يحقق آمال الشعب وطموحاته، بما فى ذلك قانون التظاهر الذى ينال منهم الاهتمام الأكبر، حتى بأكثر من قوانين الانتخابات التى سوف يترتب عليها تشكيل أهم مؤسسات البلاد بما فيها هذا البرلمان!
أى أنهم يتظاهرون الآن لإلغاء قانون التظاهر فوراً، بما يعنى أنهم يضغطون على مَن يرفضونهم فى السلطة لأن يتخذوا لهم قراراً وفق رؤيتهم، فكيف يتوقعون ممن يعتبرونهم أعداء الثورة أن يصدروا لهم قانوناً ثورياً؟ ومع صعوبة تخيل إمكانية أن يحدث أى تغيير، وإن حدث أن يجيئ متوافقاً مع طموح الثورة، إلا أن أهم ما فى هذا الطرح هو ما يبدو وكأن هؤلاء لا يتعجلون إنهاء المرحلة الانتقالية وإبعاد كل من تولوا السلطة وفق قواعد المرحلة الانتقالية التى لا ُتوفر بطبيعتها إمكانية إعمال الانتخابات لاختيار المسئولين، لأن ما يطلبونه، إذا تحقق، يعطى مَن هم فى السلطة الانتقالية إمكانية الاستمرار أكثر، ما دام أنهم يستجيبون لمطالب الثوريين!
كما أن هذا أيضاً لا يولى الأهمية المرجوة لمسألة تشكيل برلمان يضم أغلبية من ممثلى الثورة، وهى مسألة صعبة تستحق اهتماماً وجدية، ومن المفترَض أن تكون هذه قضية الأشهر القليلة التى نمر بها الآن، لتكون مهام البرلمان الأولى النظر فى كل التشريعات التى صدرت طوال الفترة الانتقالية وتغيير ما لا يحظى منها بالرضا العام ، بما فى ذلك قانون التظاهر، ثم الالتفات إلى المهام الأساسية الخاصة بإصدار التشريعات المتعددة التى تلبى شعارات ومطالب الثورة عن الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وهذه أيضاً تتضمن بالضرورة مهمة إنجاز قانون للتظاهر يتفق مع طموحات الثورة.
وكل هذا يثبت أن إعطاء الأولوية الأولى لان تفوز الثورة فى البرلمان أهم كثيراً من أن تضيق الرؤية وتتكثف الجهود حول قانون التظاهر فقط!
يعلم كل من قامت الثورة ضدهم أنه ليس من مصلحتهم أن يصل ممثلو الثورة إلى الحكم ولا إلى البرلمان، لأنهم موقنون أن ما سوف يتبع ذلك تلقائياً أن تتغير الأوضاع التشريعية والسياسات الرسمية إلى ما سوف ينال من مصالحهم التى اكتسبوها فى المناخ الذى قامت الثورة ضده، ولا تقتصر مخاوفهم على المستقبل فقط، بل هم يعلمون تماماً أن السياق الطبيعى، بعد أن يصل ممثلو الثورة إلى الحكم وإلى البرلمان، أن يأتى سريعاً وقت المحاسبة لكل من أساء استخدام السلطة وكل من انتفع منها ضد القانون، سواء مَن كان مِن نظام مبارك، أو كان من الضالعين فى حكم الإخوان أو فى مؤامراتهم، كما يعلمون جيداً أن عقابهم على ما فعلوه خروجاً على القانون سيكون أمراً طبيعياً يتفق مع شعارات الثورة ومع المطالب الشعبية التى لم تدع مناسبة إلا وهتفت فى سبيل تحقيق هذا!
من المنطقى إذن، بل ومن طبائع الأمور، أن يتصدى كل من قامت الثورة ضدهم لأن تنجح الثورة فى تشكيل مؤسساتها، ولكن الغريب أن يصطف معهم بعض من يصرخون ليل نهار بأنهم أبناء الثورة الأصلاء، بل أحياناً يدعى بعضهم أنهم من آباء الثورة!
لذلك، ينبغى مواجهة كل الدعوات التى تبغى تعطيل مسار الاستحقاقات الانتخابية، الرئاسية ثم البرلمانية، مع ضرورة الانتباه إلى أن القادم سيشهد محاولات شرسة من الإخوان وحلفائهم، بعد أن أجبروا على الابتعاد عن الانتخابات الرئاسية، إلى أن يكون لهم وجود قوى داخل البرلمان، ليكون سلاحهم فى الدفاع عن أنفسهم، وفى تعويق مسار الثورة.