الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بدء شهور العسل بين مصر وإفريقيا..تأكيدات للقاهرة بقرب إنهاء تعليق عضويتها بمجلس السلم الإفريقي..علاقات وطيدة بدول القارة..انتعشت فترة عبدالناصر وراجت أيام السادات وتوترت في عصر مبارك وتأزمت فترة مرسي

مصروأفريقيا
مصروأفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تكثف القاهرة جهودها لاستعادة نفوذها الإفريقي الذي أسسته في الستينيات وانهار في عهدي الرئيس الأسبق حسني مبارك والسابق محمد مرسي.
وحسب مصادر دبلوماسية، فإن التحركات المصرية أسفرت مؤخرا عن تلقي القيادة المصرية تأكيدات رسمية بقرب إنهاء تعليق عضوية مصر بمجلس السلم والتعاون التابع للاتحاد الإفريقي بناء على اقتناع بأن ما حدث في 30 يونيو هو ثورة شعبية ساندها الجيش وليست انقلابًا عسكريًا، بل إن صناع القرار داخل الاتحاد أكدوا أنهم سوف يقومون بتعديل ميثاق الاتحاد لكي يتضمن شكلًا جديدًا لتغيير النظام يتجاوز ثنائية الانتخابات أو الانقلاب وهو الثورة الشعبية السلمية.


ومثلما اعتمد التواجد الاستخباراتي المصري داخل إفريقيا في الستينيات على المدارس والمستشفيات والمصانع التي شيدتها في إفريقيا للحفاظ على مصالحها، تستعيد الآن القاهرة نفس السياسة من خلال تحركات نشطة تتمثل في تقديم الخبرات والكوادر الفنية مدعومة بمساعدات مالية خليجية "سعودية – إماراتية تحديدًا".

هذا التنسيق المصري – الخليجي ظهرت ثماره واضحة – حسب المصادر - من خلال التحالف الذي بدأ يتبلور بين القاهرة وجوبا حيث تخطط مصر لكي تكون جنوب السودان بوابتها الجديدة لإفريقيا بهدف خلق محور مضاد لإثيوبيا والسودان اللتين أعلنتا عن اتفاقية دفاع مشترك مؤخرًا استباقًا لأي تحركات مصرية ضد سد النهضة الإثيوبي الذي تعتبره مصر خطرًا مباشرًا على أمنها القومي، فضلًا عن توتر العلاقات بين القاهرة والخرطوم بعد عزل مرسي الذي كان نظام عمر البشير من أشد مناصريه.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر أن الاستخبارات المصرية كانت السبب المباشر في إجهاض الانقلاب العسكري الذي خطط له زعيم المتمردين بجنوب السودان ريك مشار ضد حكم سلفا كير الذي أكد له الرئيس المصري عدلي منصور أن القاهرة تسانده بكل قوة.
واللافت أن المساندة المصرية لم تتوقف عند هذا الحد بل امتدت لتقديم شحنات من المساعدات الغذائية والدوائية المحملة عبر طائرات عسكرية، فضلا عن توقيع حزمة اتفاقيات لبناء مدارس ومستشفيات بخبرة مصرية في جنوب السودان مع موافقة القاهرة على زيادة طلبة جوبا المستفيدين من المنحة المقدمة لهم في الكلية الحربية المصرية.

وتبحث القاهرة جديًا الطلب المقدم لها من سلفا كير لتدريب القوات الحكومية لبلاده مع ممانعة جوبا في إقامة قواعد عسكرية مصرية على التراب الوطني الجنوب سوداني من خلال دعم حركات التحرر التي شهدتها القارة السمراء آنذاك، فضلًا عن التواجد الاستخباراتي القوي عبر شركات ومؤسسات مصرية.
واقع الأمر أن دور مصر في إفريقيا خلال العقود الماضية تميز بالاعتدال والعقلانية في التصدي لمواجهة القضايا الإفريقية، مما يجعل مصر طرفًا مقبولًا كوسيط إقليمي من جانب العديد من أطراف النزاعات.
هذا إضافة إلى الجهود الدبلوماسية النشطة والمكثفة التي بذلتها الدبلوماسية المصرية خلال جلسات وزراء خارجية منظمة الوحدة الإفريقية، كما أسهمت في تهدئة الخلافات وحل العديد من النزاعات، منها أزمة النزاع بين موريتانيا والسنغال، ومشكلة النزاع بين تشاد وليبيا.

والواقع أن الإجماع الإفريقي على الإشادة بفاعلية الدور المصري تجاه القارة، هو محصلة لتراكمات تاريخية لممارسات الدبلوماسية المصرية في أفريقيا منذ أن بدأت ثورة 23 يوليو 1952 بزعامة جمال عبدالناصر تؤصل الانتماء المصري لإفريقيا، وتوضع أسس الاستراتيجية السياسية المصرية تجاه القارة انطلاقا من حقائق التاريخ والجغرافيا السياسية، واستهدافًا لتحقيق مصالح الأمن القومي المصري، التي تتمحور أساسا حول تأمين مياه نهر النيل الذي يمثل الحقيقة الأولى لوجود مصر
المؤكد أن مصر تدعم علاقاتها مع دول القارة وخاصة دول حوض نهر النيل، وحتى يمكن محاولة فهم أبعاد التوجهات السياسية المصرية تجاه إفريقيا، لابد من الإشارة إلى المراحل الأساسية لهذه السياسة المتصلة الحلقات، والتي تشكل في مجموعها ما يمكن أن يطلق عليه التراكم التاريخي للوعى المصري بإفريقيا، وكذا الوعى الإفريقي بدور مصر الفعال تجاه دعم القضايا الإفريقية، فترة حكم عبدالناصر:
لوحظ أن الوعى الوطني المتميز للرئيس جمال عبدالناصر، وإدراكه الصحيح لمتغيرات عصره، وللقوى الفعالة والمؤثرة فيه، وكذا استيعابه الدقيق لآفاق حركة التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية وبزوغ حركات التحرر الوطني في القارة واحتدام الصراع بينهما وبين الاستعمار والعنصرية، أن هذه العوامل الدولية والإقليمية الجديدة كانت ماثلة بوضوح أمام عبدالناصر وهو يحدد استراتيجية السياسة المصرية الخارجية في مستهل الخمسينات فقد حدد ثلاث دوائر أساسية للسياسة الخارجية المصرية هي: الدائرة العربية، والدائرة الإفريقية، والدائرة الإسلامية وفيما يتعلق بالدائرة الإفريقية، موضوع هذا المقال، يقول عبد الناصر في كتابه فلسفة الثورة:
" الواضح، بحسب خبراء وساسة كبار، إننا لا نستطيع بأي حال أن نقف بمعزل عن الصراع الدامي المخيف الذي يدور اليوم في إفريقيا بين البيض والإفريقيين، وسوف تظل شعوب القارة تتطلع إلينا نحن الذين نحرس الباب الشمالي للقارة الذي تعتبر صلتها بالعالم الخارجي كله لن نستطيع بحال من الأحوال أن نتخلى عن مسئولياتنا في المعاونة بكل ما نستطيع على نشر النور والحضارة حتى أعماق القارة العذراء، إن القارة المظلمة الآن مسرح لفوران عجيب ومثير ولن نستطيع بحال من الأحوال أن نقف أمام الذي يجرى في إفريقيا وتتصور أنه لا يمسنا أو يعنينا وهذا التحديد للتوجه السياسي المصري الجديد تجاه إفريقيا يعنى أساسًا دورًا مصريًا ملتزمًا بقضايا التحرر الوطني الإفريقي ومساندًا لنضال القارة ضد الاستعمار والعنصرية . 


في عهد عبد الناصر استهدفت مصر في علاقتها مع إفريقيا:

1ـ مساندة حركة التحرر الوطني بكل وسيلة ممكنة، مما أسهم في نيل العديد من الدول الإفريقية استقلالها.
2 ـ ممارسة دبلوماسية التنمية من خلال تقديم قروض ومساعدات مالية محدودة لبعض الدول الإفريقية منها غينيا ومالي وكذا المساعدات الفنية.
3 ـ التصدي للنشاط الإسرائيلي في القارة وقد قامت مصر خلال عهد عبد الناصر بدور أساسي في إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 وكان عبد الناصر حريصًا كل الحرص على الاشتراك في كل مؤتمرات القمة الإفريقية منذ ذلك الحين وقوع العدوان الإسرائيلي عام 1967.


لكن خلال فترة حكم الرئيس أنور السادات يمكن تحديد مرحلتين للتوجه السياسي المصري تجاه إفريقيا.
المرحلة الأولى:
بلغت ذروتها بانعقاد أول قمة عربية أفريقية في القاهرة في مارس 1977 وكانت تعبر عن دعم عربى للتضامن العربي الإفريقي الذي تجسد بقطع الغالبية العظمى من الدول الأفريقية لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، المرحلة الثانية، كانت ما بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية حيث بدأ فتوريعترى الدور المصري التقليدي تجاه القارة ويشير بعض الدارسين إلى أن بوادر هذا التحول يكشف عنها الموقف المصري من صراع الحرب الأهلية الذي اندلع في أنجولا منذ 1975 فقد كانت مصر ترى أن إنهاء الحرب الأهلية يتم من خلال تشكيل حكومة ائتلافية تشترك فيها الحركات الأنجولية الثلاث المتصارعة على السلطة وهو موقف كان معاكسًا للموقف الإفريقي العام الذي كان يؤيد تولى الجبهة الشعبية السلطة في أنجولا ويعارض الجبهتين الأخرتين بسبب موالاتهما لجنوب إفريقيا العنصرية وللولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر ثابت ومؤكد غير أن مصر سرعان ما صححت هذا الموقف عندما تولى الرئيس حسنى مبارك الحكم في أكتوبر 1981 وأعلنت أن أنجولا بزعامة حكومة الجبهة الشعبية هي إحدى دول المواجهة في الجنوب الإفريقي ضد العنصرية.


وفي بداية عصر مبارك كانت العلاقات بين مصر وإفريقيا في شكل دبلوماسي محدود وقليل من العلاقات الاقتصادية والثقافية إلى أن ضعف الاهتمام المصري بإفريقيا منذ عام 1990 ومن ثم لم يعد لمصر دور في الشأن الإفريقي ولم تعد لمصر مشاركة فاعلة على مجريات الأحداث، وأصبحت الدبلوماسية المصرية بعيدة عن حل المنازعات
في تلك الفترة حدثت مشاكل كثيرة في السودان سواء فيما يتعلق بالجنوب أو إقليم دارفور ولم يكن لمصر أي دور في اتفاقية نيفاشا التي أطرت لعلاقات جنوب السودان بشماله واعترفت بحق تقرير المصير للجنوبيين
إضافة إلى منطقة البحيرات العظمى والصومال والخلاف الدائر بين اريتريا وإثيوبيا وما يحدث في مناطق أخرى من القارة وغير ذلك من بؤر التوتر التي غاب عنها الوجود المصري في تلك الفترة
كما أن حركة التجارة البينية المصرية مع إفريقيا انخفضت بشكل كبير إذا ما قورنت بالستينيات فإجمالي حجم تجارة مصر مع إفريقيا خلال السنوات السابقة باستثناء الدول العربية لا تزيد على 6.8 مليار دولار من إجمالي حجم تجارة مصر الخارجية البالغة 68.1 مليار تمثل فيها الصادرات 2.3 مليار دولار من إجمالي قيمة الصادرات البالغ 23.1 مليار دولار حين تبلغ الواردات المصرية من إفريقيا في ذات العام 4.5 مليار دولار من إجمالي الواردات المصرية البالغة في ذات العام 45 مليار دولار.
إضافة إلى ضعف الاستثمارات المصرية في المجال الزراعي بإفريقيا في فترة تولى مبارك الحكم حيث كان هناك توجه عام للاستثمار في أوروبا وليس إفريقيا .

فيما لم ينفذ محمد مرسي شيء يذكر يتعلق بالسياسة الخارجية المصرية وتحديدًا في الدائرة الإفريقية فلم يقم بتنظيم خطة دبلوماسية وإعلامية واسعة النطاق على مستوى أفريقيا تستخدم الدبلوماسية الرسمية والشعبية وكافة الأدوات الإعلامية في الدول الأفريقية
ولم يكن في وسعه إعادة العمق الأفريقي إلى السياسة الخارجية المصرية على المستوى الثنائي، وخاصة دول حوض النيل والقرن الإفريقي والدول المحورية في القارة كأولوية، خاصة في ظل الأزمة المائية التي تعاني منها مصر حاليا، فلم يتخذ أي خطوة لتأمين حصة مصر من  مياه النيل وضمان استمراريتها وحماية حقوق مصر المائية في إطار رعاية مصالح جميع دول حوض النيل إضافة إلى حماية جنوبي البحر لتأمين معبر قناة السويس واعتماد الإجراءات والسياسات التي تضمن ذلك .