الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

"الشورى" وأبغض الحلال!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كما أن الطلاق هو أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى، فإن ممارسة واستمرار مجلس الشورى لحق التشريع كاملاً بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها الأخير ببطلان الشورى منذ ولادته، مع استمراره مؤقتًا يعني أن قيام الشورى بعد هذا الحكم بممارسة التشريع، أن هذا العمل هو أبغض الحلال عند الشعب المصري.
الحكم القضائي أكد أن تشكيل “,”الشورى“,” باطل، فهل يمكن للباطل أن يلد من رحمه مولودًا شرعيًا؟، بالطبع وبالتأكيد لا، فالشورى أصبح الآن أمام نفسه وأمام الرأي العام غير مؤهل لإصدار التشريعات، خاصة أن أي تشريع سيكون باطلاً ومطعونًا فيه بعدم الدستورية.
فالحكم القضائي لو صدر بنفس الظروف والحيثيات في عهد النظام السابق، لسارع أعضاء جماعة الإخوان للمطالبة بحل الشورى أو على الأقل غل يده عن سلطة التشريع، ولكنهم الآن يقولون عكس ذلك؛ لأن المصالح تبدلت وتغيرت، ومقاعد الأغلبية دائمًا تُغير الأشخاص وتُبدل المواقف.
الدستورية العليا منحت الشورى قبلة الحياة لعدة أسابيع أو شهور، ليس من أجل أن يكون مجلسًا طبيعيًا وصحيحًا؛ بل من أجل أن ينتهي من قوانين مجلس النواب والحقوق السياسية فقط لا غير، وليس لممارسة سلطة التشريع، والتي فشل فيها أكثر من مرة ومضابط المجلس تشهد على ذلك.
فأمام نواب الشورى فرصة العمر لكي يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه ويوافقوا على اقتراح النائبة نادية هنري، عضو التيار المدني، لكي يُصدر المجلس قرارًا بالرحيل، وأن يحل نفسه احترامًا لهذا الحكم الدستوري بدلاً من الاستمرار في العناد، وأن يتعظ من درس المجالس والبرلمانات في آخر عهد النظام السابق.
فإذا لم تفعل الأغلبية ذلك وتتخذ هذا القرار، ولن تفعل، فأمام المعارضة الإسلامية والمدنية من حزب النور وأحزاب التيار المدني والمستقلين أن يقدموا على تلك الخطوة، ويقدموا استقالة جماعية من عضوية المجلس الباطل، وأن يعلنوا أن زواج الشورى من التشريع باطل، وأبغض الحلال هو الطلاق ووقف التشريع.
وعلى نواب المعارضة أن يرفضوا قبلة الحياة من المحكمة الدستورية؛ لأنها تمنح للغرقى، والاستمرار في عضوية الشورى تعني عناد الشعب، وأن تشريعات الشورى القادمة ستقود مصر إلى الغرق، فاستقيلوا يرحمكم الله، وانقذوا مصر من الغرق قبل فوات الأوان.
ومهما قيل من تبريرات غير مقنعة وما صدر من تصريحات وبيانات غير صادقة من جميع الأطراف المتورطة، فإن الزيارة التي قام بها الوزير حاتم بجاتو، وزير الشئون البرلمانية، وما أدراك ما بجاتو، ومعه اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع، وما أدراك ما شاهين، صهر الكتاتني، ومحلل الدستور الإخواني للمحكمة الدستورية العليا صبيحة أحكامها الغريبة بشأن التأسيسية والشورى، فإنها زيارة مشبوهة بكل الأوصاف.
والغريب أن الزيارة جاءت في توقيت غير مناسب، خاصة أن تصريحات الوزير بجاتو حول سبب الزيارة وبهدف الاطلاع على حيثيات الحكم جاءت متناقضة ومتضاربة مع بيان الدستورية حول الزيارة، وأنها لبحث عملية تصويت العسكريين، مما يؤكد القول المعروف “,”يكاد المريب أن يقول خذوني“,”، والمريب معروف منذ العام الماضي ومنذ تطورات لجنة الانتخابات الرئاسية.
والأغرب أن الزيارة جاءت وأبواب وأسوار المحكمة تحوطها مدرعات وآليات الشرطة لتأمينها دون أن يكون هناك أي حصار حولها، بينما عندما تمت محاصرة المحكمة العام الماضي لمنعها من صدور هذه الأحكام لم يذهب إليها أي مسئول في الدولة، أو وزير في الحكومة، لفك هذا الحصار، كما لم يذهب إليها اللواء ممدوح شاهين، ممثل القوات المسلحة في الجمعية التأسيسية للدستور، لفك الحصار عنها.
ومن حق الرأي العام أن يسأل الوزير بجاتو، لو كان مازال رئيسًا لهيئة مفوضي المحكمة، وجاء له وزير في الحكومة للحصول على حيثيات الحكم، هل يقبل أن يسلمه الحيثيات قبل نشرها بالجريدة الرسمية؟، ومنذ متى يذهب الوزراء لمقر المحكمة الدستورية لاستلام حيثيات أحكامها؟، إلا إذا كانت هذه الأحكام على هواهم وتمثل هدية غالية وثمينة لهم، كما هو الحال مع الحكم الأخير.
فالزيارة جاءت لكي يستلم “,”بجاتو“,” هديته من المحكمة بعد أن أصبح وزيرًا للشئون البرلمانية، وأنه مستمر في عمله الوزاري طالما مجلس الشورى مستمرًا، فلو تم حل المجلس لن تكون هناك أي مهام وزارية للوزير بجاتو، لذلك قرر أن يتوجه للمحكمة بنفسه لاستلام الهدية، ويكون أول من يستلم الحيثيات، ويشكر المحكمة على هذه الهدية الغالية.
أما اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع، والذي عاصرته تحت القبة في عهد النظام السابق، وكان دائمًا عنيفًا مع نواب المحظورة في ردوده حول التشريعات والقضايا العسكرية، ولكنه أصبح بعد الثورة، وبعد عقد المصاهرة مع آل الكتاتني، ودودًا ولطيفًا للغاية مع نواب المحظوظة ونواب الأغلبية، فمن حقنا أن نسأله: هل مناقشة تصويت العسكريين، بعد أن قالت المحكمة كلمتها تحتاج لتلك الزيارة أم هناك أسباب أخرى؟.
إن هذه الزيارة المشبوهة لمقر المحكمة الدستورية ستظل علامة استفهام كبيرة لدى الرأي العام، خاصة أن أحكام المحكمة نفسها مازالت تمثل أكثر من علامة استفهام؛ لأن مضمون الأحكام يبقي الوضع على ما هو عليه، وعلى الشعب أن يخرج يوم 30 يونيو؛ لاسترداد ثورته وإسقاط النظام.