رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الفلسطينيون ينقلون المعركة مع إسرائيل إلى الساحة الدولية بالانضمام لاتفاقيات جنيف.. الخطوة تحرج تل أبيب أمام العالم.. وأبو مازن: يوم تاريخي في نضال الشعب الفلسطيني

 المجلس الفيدرالي
المجلس الفيدرالي السويسري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمثل إعلان المجلس الفيدرالي السويسري- الجهة الوديعة لاتفاقيات جنيف – يوم الجمعة الماضي، قبول فلسطين طرفا ساميا لهذه الاتفاقيات وبروتوكولها الاضافي خطوة مهمة ونقلة نوعية على صعيد فضح ومحاصرة جرائم الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في ساحة العدالة الدولية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، رحب بهذه الخطوة قائلا: "نعتبر قبول فلسطين دولة متعاقدة لاتفاقيات جنيف الأربع تاريخا جديدا للقضية الفلسطينية ويوما تاريخيا في نظال الشعب الفلسطيني وقضيته".
وكان "أبو مازن" قد وقع في أول أبريل الجاري على طلبات الانضمام لـ15 اتفاقية ومعاهدة دولية ردا على تعثر المفاوضات مع اسرائيل، نتيجة تهرب الأخيرة من التزاماتها واستمرار الاستيطان وتنكره لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى ما قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.

وبينما قوبل الانضمام لاتفاقيات جنيف الاربع بغضب إسرائيلي عارم، يؤكد مسئولون وحقوقيون فلسطينيون أنه يمثل أهمية كبيرة للقضية الفلسطينية التي لم تعد مطروحة من منظور سياسي فحسب وانما انتقلت الى فضاء العدالة القانونية الدولية.
وتقع اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية في صلب القانون الدولي الإنساني, وهي عصب القانون الدولي الذي ينظم السلوك أثناء النزاعات المسلحة ويسعى للحد من تأثيراتها.

وتوفر هذه الاتفاقيات الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية (المدنيون, وعمال الصحة, وعمال الإغاثة) والذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية (الجرحى, والمرضى, وجنود السفن الغارقة, وأسرى الحرب).

قال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن الانضمام لاتفاقيات جنيف يساعد في تقوية الموقف الفلسطيني ويلزم الدول الاعضاء فيها باتخاذ مواقف أكثر صرامة إزاء انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلية.

وأضاف: "هذه الخطوة ستؤهل فلسطين لتكون في وضع أفضل لمطالبة إسرائيل بالالتزام بتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالوضع القانوني للاسرى ويفتح المجال أمام تدويل قضيتهم".

وتشير تقديرات فلسطينية الى أن المعتقلات الاسرائيلية تحتضن أكثر من (4800) أسير فلسطيني موزعين على 22 سجنا ومركز اعتقال أو توقيف، من بينهم (162) طفلا و(17) امرأة و(15) معتقلا أمضوا فترة تزيد عن 25 عاما في ظروف مهينة ولا إنسانية ومخالفة للقوانين الدولية.

ويرى الشوا أن تفعيل الاستفادة من قبول فلسطين عضوا فى اتفاقيات جنيف بحاجة الى تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية ووحدة الصف وانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس.
وأصبح الطريق مفتوحا أمام دولة فلسطين للانضمام للمعاهدات الدولية عقب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نحو عامين اعتبارها دولة مراقب غير عضو في المنظمة الدولية.
واعتبر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ان قبول دولة فلسطين طرفا في هذه الاتفاقيات "يشكل أحد أهم ادواتنا الرئيسية في استخدام ترسانة القانون الدولي للوصول الى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وقال المالكي :"هذا المخزون القانوني، هو المخزون الاخلاقي للأمم في التعامل مع قضية فلسطين وشعبها"..داعيا المجتمع الدولي الى معاقبة الدول التي لا تلتزم بالاتفاقيات التي باتت فلسطين جزءا منها.
وأشار الى ان انطباق اتفاقيات جنيف على دولة فلسطين سيستمر بحكم القانون وبحكم كونها طرفا متعاقدا ساميا لأحكام هذه الاتفاقيات التي تم نفاذها الفوري لأن دولة فلسطين محتلة احتلالا كليا، ما يفعل المادة الثانية والثالثة المشتركة في جميع الاتفاقيات".
وتشمل اتفاقيات جنيف الاربع اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان ، واتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار،واتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين.
بدوره،رحب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بالانضمام لهذه الاتفاقيات.مشيرا الى أنه سيعيد التأكيد على الالتزام القانوني الدولي الملقى على عاتق سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحترام قوانين الحرب، كما تضع التزامات واضحة على سلطة الاحتلال فيما يتعلق بحماية المدنيين في حالة النزاعات المسلحة، وتحرم الاعتداء عليهم أو ترحيلهم أو إقامة المستوطنات، باعتبارها جرائم حرب.
وطالب المركز السلطة الفلسطينية بعدم الانصياع للضغوط الدولية والإسرائيلية والانضمام فورا إلى جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في وقت السلم والحرب ، وخاصة ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية والذي سيؤمن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وإنهاء حالة الحصانة القانونية التي يتمتعون بها.
وكانت السلطة الفلسطينية تقدمت بطلب في عام 2009 للانضمام للميثاق من أجل التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية عام 2008 المعروفة بعملية "الرصاص المصبوب" إلا أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية رفض الطلب آنذاك بحجة أن ذلك يقتصر على الدول.
واستؤنفت مفاوضات السلام المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في يوليو الماضي لمدة تسعة اشهر تنتهي في 29 ابريل الجاري.ووفقا للاتفاق الذي تم برعاية أمريكية وافقت السلطة الفلسطينية على تعليق اي خطوة نحو الانضمام الى منظمات او معاهدات دولية خلال هذه الفترة مقابل تجميد الاستيطان والافراج عن اربع دفعات من الاسرى المعتقلين لدى اسرائيل قبل عام 1993.
وتم الافراج بالفعل عن ثلاث دفعات ، لكن اسرائيل اشترطت للافراج عن الدفعة الرابعة التي تضم 26 أسيرا بينهم 14 من أسرى الداخل (عرب 48 من حملة الهوية الاسرائيلية) ان يتم تمديد المفاوضات الى ما بعد 29 أبريل والاعتراف بما يسمى "يهودية الدولة".
وردت الحكومة الإسرائيلية على توقيع الرئيس عباس طلبات للانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية وقبول عضوية فلسطين في اتفاقيات جنيف بفرض سلسلة من العقوبات السياسية والاقتصادية على السلطة الفلسطينية.
وأوعز رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لوزراء حكومته بالحد من اتصالاتهم مع نظرائهم الفلسطينيين باستثناء ملفي التنسيق الامني الذى تقوده وزارة الدفاع ومفاوضات السلام التي تقودها وزيرة العدل تسيبي ليفني.
وشملت العقوبات الاقتصادية تجميد تحويل اموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية والمقدرة بنحو 120 – 130 مليون دولار شهريا مما سيحرم خزينة السلطة من ثلثي إيراداتها الشهرية والبالغة 200 مليون دولار شهريا ومن شأن ذلك أن يخلق عجزا مستجدا مضافا إلى العجز القائم الذي يبلغ 100 مليون دولار شهريا، بحيث يصبح العجز الإجمالي نحو 250 مليون دولار شهريا.
كما تضمنت تحديد سقف للودائع المصرفية الفلسطينية في البنوك الإسرائيلية، بالإضافة إلى إعاقة حركة التنقل بين المعابر والحدود والحواجز العسكرية التي يسيطر عليها الاحتلال بالكامل،بما يشمل تقييد تنقل الفلسطينيين وإعاقة الحركة التجارية الداخلية والخارجية مما يلحق الضرر بالمنشآت الفلسطينية ويزيد العبء الاقتصادي على الفلسطينيين فيما تصل تكلفة الخسارة الناجمة عنه إلى 300 مليون دولار سنويا.