الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحركة الطلابية والوطنية المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
3- ثورة يوليو والحركة الطلابية

أ) الجامعة وطلاب الإخوان في عام 1954:
وقعت ثورة 1952 وبدأت العديد من المتغيرات في الحياة السياسية المصرية آنذاك، إذ قام مجلس قيادة الثورة آنذاك بإلغاء الأحزاب السياسية وفرض بعض القيود على الحركة العمالية، وكانت جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر المستفيدين من هذه المتغيرات إذ لم يتم حل الجماعة تحت دعوى أنها جماعة دعوية وليست حزبًا سياسيًّا! واستفاد الإخوان آنذاك من شهر العسل القصير بينهم وبين الضباط الأحرار، هذا التقارب الذي استمر من عام 52 إلى عام 54.
وفي رأينا أن الصدام بين الطرفين كان محتومًا في نهاية الأمر، إذ رأى الضباط الأحرار أنهم هم قادة الثورة وهم الأجدر بحكم البلاد، بينما ادّعى الإخوان أنهم هم صناع الثورة وأنهم الظهير المدني للضباط الأحرار، لا سيما أن بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ينتمون إلى الجماعة. ومن الأمور التي تحتم الصدام الطبيعة العسكرية للجماعة فضلاً عن تسليح الجهاز السري لها هذا الأمر الذي لم يكن يقبله الجيش آنذاك. من هنا كان من المحتم الاصطدام بين التنظيم والدولة.
وكالعادة أصدرت جماعة الإخوان المسلمين تعليماتها إلى قواعدها الطلابية في جامعة القاهرة للخروج في مظاهرات حاشدة والإضراب عن الدراسة. وفي يناير 54 شهدت جامعة القاهرة أعمال شغب خطيرة من جانب طلاب الإخوان. وفي محاولة من مجلس قيادة الثورة لإثبات هيبة الدولة أصدرت الدولة قرارها بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين. وهذه الحادثة بالذات حادثة أعمال العنف التي قام بها طلاب الإخوان في عام 54 تثبت لنا أن الحركة الطلابية تنجح عندما تكون مُجمِعة على أهداف وطنية واضحة ومحددة، ولكن مظاهرات الطلبة عندما تكون لفصيل معين أو لحزب محدد يصبح من السهل على الدولة مواجهتها لأنها تصبح في النهاية أعمال شغب ولا تدخل ضمن الحركة الطلابية.

ب) 1968: عودة الروح للحركة الطلابية
شهد عام 1968 حركات شبابية عديدة في أوروبا، وأمريكا كانت تعبيرًا عن ميلاد أجيال جديدة ترفض النمط التقليدي القديم للسياسة والمجتمع في هذه البلدان، وتعبيرًا عن عالم جديد يولد مع اقتراب العالم من الدخول في عصرٍ جديد رافضًا أيديولوجيات الأربعينيات والخمسينيات.
وفي تلك الأثناء ستحدث أيضًا مظاهرات الطلبة في مصر، ربما تأثرًا بالحركة العالمية للشباب ولكن أيضًا، وربما بشكل أكثر مباشرةً، نتيجة الظروف الصعبة التي كانت تمر بها مصر آنذاك وهي هزيمة 1967. وفي ذلك يقول أحمد بهاء شعبان، أحد أهم قيادات الحركة الطلابية في السبعينات، في كتابه "حكاية مُشعلي الثورات":
"من رحم هزيمة 1967 ولدت الحركة الطلابية الجديدة في السبعينيات، من انهيار المُثل وخيبات الأمل واكتشاف حجم المأساة والإحساس العميق بوطأة الاحتلال، ومن مهانة الوضع القائم في مواجهة الرايات الصهيونية المختالة التي كانت ترفرف فوق التراب الوطني المقدس، انفجرت صواعق الغضب الطلابي".
كان الخروج الكبير للحركة الطلابية في فبراير عام 68 احتجاجًا على الأحكام الهزيلة التي خرجت بها محاكمات قادة الطيران في حرب 67، إذ رفض الطلاب أن يتم اختزال الهزيمة في مجرد أحكام هزيلة على بعض القادة، حيث رأت الحركة الطلابية أن للهزيمة أسبابا أكثر عمقًا من ذلك.
ومع احتفالات اليوم العالمي للطلاب في 21 فبراير 68 خرج الطلاب من جامعات القاهرة وعين شمس في مظاهرات تجمع كل أطياف الحركة الطلابية لأول مرة منذ ثورة 1952. كانت هذه المظاهرات تخرج رافضة للهزيمة وفي نفس الوقت تريد إصلاح النظام بأكمله من الداخل لأنها أدركت أن إزالة آثار العدوان لن تأتي إلا بإصلاح البيت الداخلي أولاً، وشهدت الشوارع المصرية صدامات عنيفة لأول مرة مما اضطر الزعيم جمال عبد الناصر للخروج إلى الأمة مشيرًا إلى تفهمه لغضب الطلاب وضرورات الإصلاح من أجل تجديد النظام والاستعداد لمعركة إزالة آثار العدوان. من هنا سيصدر عبد الناصر بيان 30 مارس الذي رأى فيه أنه مشروع إصلاحي يجدد دماء الأمة من جديد، وكان أهم ما ورد في البيان الدعوة إلى إعداد دستور جديد يتناسب مع طبيعة المرحلة القادمة.