السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إسرائيل تبحث عن صك الغفران الفلسطيني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توشك المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على الانهيار – إن لم تكن قد انهارت فعلاً- وذلك بحلول الموعد الذي كان محددًا لانتهائها في شهر أبريل الحالي، دون أن تنجز ولو حتى – اتفاق إطار- أي ورقة تحدد مبادئ وخطوط الحل تستطيع إسرائيل بحكم موازين القوى أن تؤولها كيفما تشاء وأن تطوعها لاستيعاب وتقنين الواقع الجديد الذي تخلقه كل يوم عبر الاستيطان والاستعمار والاحتلال.
تمحورت المفاوضات فيما يبدو من خلال ما تسرب عنها من أنباء ومواقف حول اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي وممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لتحقيق هذا المطلب كمدخل لإهمال وتجاهل مطالب الفلسطينيين الحقيقية في تحديد مرجعية عملية السلام والإقرار بحدود 4 يونيو عام 1967 للدولة الفلسطينية وحل متفق عليه لقضية اللاجئين.
ولا شك أن المطلب الإسرائيلي باعتراف الفلسطينيين بها كدولة للشعب اليهودي، مثّل مطلبًا ذو دلالة خطيرة، فهو أولًا يعنى اعتراف الضحية أي الشعب الفلسطيني- ليس فحسب بإسرائيل كدولة وإنما كدولة يهودية وللشعب اليهودي، هذا الاعتراف فيما يبدو- فضلاً عن أهميته الواقعية- فهو يكتسب في السياق الإسرائيلي دلالة نفسية تريح الضمير الإسرائيلي المثقل – إذا كان هناك ضمير حقًا- بالجرائم والذنوب التي ارتكبتها إسرائيل إزاء الشعب الفلسطيني، وكأن هذا الاعتراف سيضع نهاية للصراع عبر الحصول من الضحية على صك تسليمها وتبريرها للجريمة التي ستظل آثارها باقية أبد الدهر طالما بقي الشعب الفلسطيني في الوضع الراهن وطالما بقيت مشكلة اللاجئين قائمة.
بالإضافة إلى هذه الدلالة الرمزية والنفسية لمطلب اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، فإن ثمة دلالات واقعية تريد إسرائيل عبر الاعتراف الدخول إليها لتحقيقها وإنجاز هذا الهدف، أي طرد ونقل فلسطينيي 1948 أولئك الذين بقوا في أماكنهم وتمسكوا بأراضيهم حتى اليوم ويناضلون في سبيل المواطنة الكاملة والمساواة وتمثيل مأساتهم ومأساة شعبهم في قلب إسرائيل.
تبحث إسرائيل عبر هذا المطلب عن النقاء المزعوم الذي روجت له الصهيونية منذ البدايات الأولى للصراع نقاء الشعب اليهودي النقاء العرقي، الدم اليهودي النقي الذي لم يختلط بدماء "الأغيار" تريد إسرائيل أن تصدق الأكاذيب والمزاعم التي تدعيها، لأنه فيما يبدو لا تستطيع إسرائيل نفسها تصديق ذلك- أي أنها دولة اليهود- دون اعتراف الفلسطينيين بهذا الأمر.
حسنًا فعلت القيادة الفلسطينية عندما رفضت هذا الأمر وانخرطت في ضم فلسطين كدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة للوكالات الدولية التابعة للهيئة الدولية، ذلك أن الرسالة الواضحة من المفاوضات هي استكمال الضغوط على الجانب الفلسطيني من أجل تحقيق مكاسب إسرائيلية إضافية وليس تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، فالهدف هو البحث عن صك الغفران الفلسطيني.