الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

السمك فيه سم قاتل .. وشم النسيم بطعم الموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حالة من الذعر تنتاب عشاق التهام الأسماك، خصوصاً في مثل هذه الأيام التي تسبق أعياد شم النسيم، وذلك بعد ظهور أعراض التسمم على 6 أشخاص بينهم سيدتين من فرنسا إثر تناول أسماك تم شراؤها من محافظة السويس، حيث استقبل المركز القومي للسموم 4 حالات تسمم لمصريين وأجنبيتين وكان من بين المصابين سيدة أجنبية كانت في حالة سيئة جداً.

بلاش سمك اليومين دول
وقال د. نبيل عبد المقصود، مدير المركز القومي للسموم، إن الأعراض التي بدت عليها الحالات عبارة عن تنميل يبدأ من الشفاه، وحول الفم ثم الوجه يصاحبه جفاف بالفم، ثم ينتشر في باقي الجسم، يصاحبه شعور بضعف شديد بالعضلات، وعدم القدرة علي الوقوف.
ونصح الدكتور نبيل بعدم أكل الأسماك هذه الأيام وخصوصاً تلك التي تباع على شكل شرائح غير معروفة المصدر، ونصح بتناول الأسماك الكاملة والابتعاد قدر الإمكان عن الأسماك المخلية "الفيليه"، قائلاً: "بلاش سمك الأيام دي أضمن".
على الصعيد ذاته أعلن الدكتور محمد عبدالمطلب، وزير الري، أنه تم إزالة أقفاص الأسماك الملوثة لمياه النيل حول فرع رشيد، مشيرًا إلى ما حدث في البحيرة وكفر الشيخ وارتفاع نسب التلوث، مؤكدًا أنه تتم عملية إزالة الأقفاص بالتنسيق مع المسؤولين، مؤكدًا أن الدولة
في "محنة مائية" تحتم العمل على كل الآليات التي تضمن توافر المياه وانخفاض نسب التلوث.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء، عقب اجتماع اللجنة العليا للمياه، أنه يتم التنسيق مع الدكتور علي عبدالرحمن، محافظ الجيزة، ومصطفي مدبولي، وزير الإسكان، لإزالة الأقفاص السمكية الملوثة حول ضفاف النيل، للحفاظ على صحة وحياة أكثر من 2 مليون نسمة من المواطنين يقنطون بمنطقة الوراق، في الجيزة، ويجب توفير المياه النقية لهم.

معدلات سموم ومعادن قاتلة
في هذه الأثناء تشير الدراسات العلمية المنشورة على مستوى العالم لإصابة الأسماك بأنواع عديدة من الملوثات إلى حد أن الشعب الياباني الذى يعيش على تناول الأسماك حتى في وجبة الإفطار، أصبح لدى كل مواطن ياباني جهاز صغير يقيس به درجة تلوث الأسماك قبل تناوله في المطاعم.
وقد بدأت مصر تعانى هذا الخطر بعد أن تسللت عديد من مسببات التلوث إلى مياه النيل والبحيرات الأخرى المنتشرة في البلاد، وأيضا شواطئ البحار التي تغذى مصر بالأسماك طوال العام، حيث أصبح تلوث الأسماك الناتج عن انتشار المواد الملوثة للمياه والبيئة قضية تثير القلق والمخاوف بين شعوب العالم وعلى وجه الخصوص في مصر.
وأشارت د. أميمة خفاجي، رئيس قسم الثروة السمكية بجامعة قناة السويس، في تصريحات صحفية إلى نتائج قياسات السمية في الأسماك المصرية والتي تؤكد وجود معادن ثقيلة، وبالذات الزئبق والكادميوم والرصاص في عينات من الأسماك المنتشرة الآن فوق المائدة المصرية.
كما أثبتت أبحاث أجريت مؤخراً أجريت في جامعة الإسكندرية وجود تلوث في مياه إحدى مناطق الساحل الشمالي، حيث يتم صرف مخلفات مصنع كيميائي يستخدم معدن الزئبق وهو من أكثر المعادن سمية، حيث يؤثر على المخ والأعصاب، وأشارت الابحاث أيضا أن أكثر الأسماك المصابة بتلوث الزئبق هي أسماك الماكريل والتونة التي يتم استيرادها من الخارج.
يلى ذلك معدن الكادميوم وهو أيضا شديد السمية وينقل للأسماك مع صرف مخلفات المصانع والمناجم في المياه، أما معدن الرصاص وهو ثالث المعادن الأكثر سمية فإنه يصل إلى الأسماك أيضا نتيجة تلوث الأنهار بمخلفات المصانع، ويأتي الخطر أيضا مع الأسماك المعلبة في عبوات صفيح، حيث ينتقل الرصاص من العلبة إلى أنسجة الأسماك.
ورغم أن الأسماك المعلبة يفترض أنها خالية من الميكروبات إلا أنها رغم ذلك تسبب متاعب للمستهلك لوجود مادة الهستامين في لحوم هذه الأسماك، وتأتي المبيدات الحشرية على قمة قائمة ملوثات الأسماك في مصر.. إذ تتلوث الأسماك بالمبيدات القاتلة التي تستخدم في الزراعة وتنطلق مع ماء الصرف إلى نهر النيل أو البحيرات.

مبيدات حشرية مدمرة
الكارثة الأخطر، كما تؤكد البحوث العلمية المنشورة، أن الأسماك يمكن أن تركز المبيدات الحشرية في لحمها حتى تصل إلى آلاف الأمثال بالمقارنة بتركيزها في نفس الماء المحيط بها.. فعلى سبيل المثال وجد أن تركيز مادة الـ "دي دي تي" موجود بنسبة واحد في البليون في أنهار أوروبا في حين يصل التركيز في أسماك هذه الأنهار إلى خمسة أجزاء في البليون نتيجة لتراكمها داخل أنسجة دهون هذه الأسماك.
وتشير الأبحاث التي أجريت في مصر أن أسماك بحيرة ناصر بالذات تعتبر أقل الأسماك احتواء على المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة لبعدها عن مناطق التلوث الصناعي على امتداد النهر، إلا ان تلوث الأسماك وبالذات "البلطي" يتزايد كلما اقتربنا من شاطئ البحر الأبيض.. لذا فإن أكثر الأسماك تلوثا بالمبيدات والمعادن الثقيلة تتركز في منطقة وسط الدلتا.
وتظهر أعراض التلوث على المستهلك في شكل تهيج الجهاز العصيي واتلاف الكبد وفقر الدم واضطرابات هرمونية. بل ان الأبحاث التي أجريت على مستخلصات "كبد الأسماك" التي تستخدم في تقوية الأطفال تحتوى بدورها على تركيزات عالية جدا من المبيدات الحشرية المحتوية على الكلور إلى حد أن ملعقة واحدة من هذا الدواء تعطى الطفل كمية مخيفة منه، ومن المثير للدهشة أن بعض بائعي الأسماك يرشون المبيدات فوق الأسماك لضمان عدم وقوف الذباب عليه ولا يعلمون أن هذا التصرف خطر قاتل.

شم نسيم منحوس
وتتزامن هذه التحذيرات الجادة من مخاطر تناول الأسماك لاحتوائها على نسبة كبيرة من السموم مع اقتراب احتفال المصريين بأعياد الربيع وشم النسيم والتي اعتاد خلالها المواطنون على تناول كميات كبيرة من الأسماك بجميع أنواعها حسب الحالة المادية لكل عائلة.
فتكاد لا تخلو مائدة في هذه الأعياد من نوع معين من الأسماك وخصوصاً المملحة والتي تبدأ بالسردين والملوحة، كافيار الفقراء، ومروراً بالرنجة والفسيخ التي تناسب أصحاب الدخول الأعلى وانتهاءً بالكافيار والسيمون فيميه والذي لا يناسب إلا الأثرياء فقط.
ومن المعروف أن جميع هذه الأنواع من الأسماك المملحة تحتوي على نسب متفاوتة من السموم وتتعالى تحذيرات الأطباء في كل عام بعدم الإفراط في تناولها بالنسبة للأصحاء لأنها قد تمرضهم، أما أصحاب الأمراض المزمنة سواء التهابات الكبد أو الكلى أو الضغط والسكر فإن الأمر قد يستدعي النقل للرعاية المركزة لا قدر الله، وهذا ما يدفع الكثيرين للتكهن بعيد شم نسيم بطعم الموت.