الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الثورة و الانقلاب و الشرعية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للمصطلحات سمعة اجتماعية تتجاوز في تأثيرها كافة التعريفات القاموسية العلمية مهما كانت دقتها، ثمة مصطلحات تثير الرفض الاجتماعي ومنها الانقلاب وأخرى تثير التعاطف ومنها الثورة والشرعية وثمة مصطلحات تثير تعاطفًا لدى البعض ونفورًا لدى غيرهم مثل أسماء التجمعات السياسية والعقائدية كالإخوان المسلمين والشيوعيين إلى آخره.
 وحين واجه بعض المنظرين موقفًا انقلابيًا صارخ الملامح ولكنه يحظى بتعاطفه ابتكروا له تسمية مركبة هي "الانقلاب الثوري"، في مقابل توصيف تحرك ثوري جماهيري صارخ الملامح باعتباره "ثورة مضادة" ولسنا بصدد الخوض في جدال نظري للتفرقة بين تلك المصطلحات.
ما يعنينا هو أن جماعة الإخوان المسلمين قد اختارت بذكاء أن تتلافى أن يكون تحركها في مواجهة ما حدث في 30 يونيو وما ترتب عليه تحت مظلة الدفاع عن "الشرعية" وليس عن "الإخوان المسلمين" باعتبار أن شعار الشرعية أكثر قبولًا من شعار الإخوان المسلمين.
ترى هل ما حدث في 30 يونيو 2013 يعتبر ثورة أم انقلابًا؟ ويشتعل الحوار وتحتدم المناقشات ويشتعل الشارع المصري ويتحول النقاش إلى مظاهرات ومواجهات وتدمير وحرائق، وتمتد نيران الحماس لتلفح الأسر والعائلات فينقسم أحيانًا أفراد العائلة الصغيرة الواحدة إلى مناصرين للإخوان يرون فيما حدث انقلابًا على الشرعية ومعارضين للحكم الإخواني يرون فيما حدث ثورة تخلص البلاد من الحكم الإخواني.
وفي خضم ذلك الضجيج يغطي الغبار حقيقة بسيطة وهي أن "الثورة" و"الانقلاب" يشتركان في حقيقة أنهما محاولة لتغيير السلطة القائمة بغير اتباع الوسائل الدستورية الشرعية الهادئة.. وفي البداية يطلق الساعون للتغيير على سعيهم اسم الثورة في حين يطلق عليهم أصحاب السلطة صفة الانقلاب على الشرعية.
أما فيما يتعلق بالموقف الجماهيري في التمييز بين الثورة والانقلاب فإنه لا يبدأ بتشخيص فني موضوعي متخصص لما جرى؛ بقدر ما يرجع للموقف من طبيعة السلطة التي جرى الاحتجاج على استمرارها بصرف النظر عن شرعيتها الدستورية، لقد كان النظام الملكي شرعي دستوري وكذلك فإن سلطة مبارك كانت شرعية دستورية وبالمثل كانت سلطة الدكتور مرسي، وفي كل تلك الحالات كانت هناك انتخابات ودستور يحدد بدقة الوسائل الدستورية الشرعية لتداول السلطة؛ ورغم ذلك فقد أطيح بالسلطة بغير الوسائل الدستورية القانونية.
ولعلنا نذكر أن "ثورة يناير 2011" وصفت في البداية من جانب نظام مبارك وأنصاره بأنها خروج على القانون وتمرد على السلطة الشرعية القائمة وأنها تتلقى تمويلًا مشبوهًا وتتحرك وفق أجندات أجنبية تستغل جماهير الشعب الطيب ... إلى آخره.
 ولعل أبناء جيلي مازالوا يذكرون كيف أن "ثورة يوليو" قد ظلت لسنوات توصف باعتبارها انقلابًا عسكريًا يقتل العمال المصريين ويكبل أفواه الشعب، وكيف ظل الوصف الشائع لدى أعداء "ثورة يوليو" أنها حكم "البكباشي" ويقصدون بذلك الرئيس عبد الناصر الذي قيل عنه حين ذهب إلى مؤتمر باندونج "فاشي مصر المفلس يبحث عن المجد في باندونج".
ولذلك فنقطة البداية الصحيحة –فيما نرى- هي تشخيص الملامح الرئيسية لطبيعة السلطة التي جرى التمرد على استمرارها حتى لو اكتملت أركان شرعيتها الدستورية؛ أي البحث في طبيعة فكر وممارسات جماعة الإخوان عبر تاريخها الممتد وممارساتها في الحكم لمدة عام.