الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الانتخابات الرئاسية فرصة لدعاة المساواة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المأمول فى الانتخابات الرئاسية القادمة أن تشهد تجسيداً لبعض شعارات الثورة الأساسية، ومن أهمها أن يتجلى حضور كل من النساء والأٌقباط فى إطار، يجب أن يكون حده الأدنى الذى لا يقبل أدنى مجادلة، أن تتوفر فيه كل شروط التنافسية بين مرشحين متعددين من خلال إجراءات تتسم بالنزاهية والشفافية تحت أنظار ورقابة الشعب والعالم.
وينبغى الإشادة بالخطوة التى اتخذتها هدى الليثى ناصف عن رغبتها فى خوض المنافسة الرئاسية فى وقت أحجمت فيه الكثيرات ممن انتشرن فى وسائل الإعلام عبر العقود الماضية، حتى من شاركن فى الثورة بدرجات متفاوتة، وحتى من خضن انتخابات أقل من هذه على مستوى النقابات والنوادى والمجالس المحلية والبرلمانية، وحتى من تقلدن المناصب التنفيذية الرفيعة إلى درجة الوزيرة، ويبدو أنهن يفضلن التعيين من فوق فى المناصب التنفيذية، ويترفعن، أو ربما يخشين، عرض أنفسهن على الرأى العام للتصويت على قبولهن فى المنصب الرفيع أو حجب الثقة عنهن.
تبقى أهمية أن تُمنَح هدى، أو غيرها، أو هى مع غيرها، فرصة خوض الانتخابات، بمعنى أن تحصل كل منهن على النصاب المطلوب من عدد المؤيدين البالغ 25 ألف صوت وفق الشروط المُعلَنة، وهى المسئولية التى تقع على كاهل كل من يهمه تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين، وسيكون هنالك أثر أكثر إيجابية إذا كانت أغلبية المؤيدين فى هذا النصاب من الرجال المؤمنين بهذا المبدأ، ومِمَن يرفضون ويقاومون أن يكون هناك تمييز على أساس النوع.
بهذا تنتقل المسألة من الجدل الفكرى أو من النص المصمت فى الدستور والقانون إلى أن تصبح واقعاً حياً على الأرض، خاصة أن النساء اللائى رغبن فى السابق فى خوض هذه المعركة، إما أنهن اكتشفن استحالة تحقيق النصاب فانسحبن قبل البدء، أو حاولن وفشلن فى ذلك.
لا ينبغى أن يقلل أحد من الحماس لخوض امرأة المعركة الرئاسية بحجة ضعف إمكانية الفوز فى هذه المرة، خاصة أن الخبرات الماضية تقول بعدم اصطفاف الناخبات تلقائياً للتصويت لصالح المرأة المرشحة، ذلك لأن مجرد إخطاع الفكرة للتطبيق العملى سوف يدفع بها إلى الأمام، وهذا مهم لمن يخططون للمستقبل ويعلمون أن التغيير الاجتماعى لأفكار راسخة مسألة فى غاية الصعوبة، حتى يحين الحين، فى مستقبل علَّه قريب، تأتى فيه مرشحة مؤهلة تأهيلاً حقيقياً، لها تاريخ فى العمل العام أكسبها ثقة جماهيرية عريضة، تستطيع أن تنافس الرجال بجد على الفوز فى المنصب، ويكون المناخ العام عندئذ مستجيباً لأن يتفاعل إيجابياً مع الفكرة ومع شخص المرشحة ومع برنامجها الانتخابى.
وأيضاً، وبما لا يقل أهمية، ولعلَّه يزيد، أن نرى قبطياً يخوض المعركة، وليت أن تكون الأغلبية من مرشحيه من المسلمين المؤمنين حقاً بالمساواة بين أصحاب الأديان، وبعدم التمييز على أساس دينى، وأيضاً من هم على استعداد لمواجهة الأفكار الرهيبة التى طفت على سطح الحياة المصرية، وكان لها تجلياتها المخيفة فى السياسة العملية وفى الحياة الاجتماعية، والتى باتت ضرورة مواجهتها والانتصار عليها من أولويات شروط استقرار واستمرار الحياة الصحية فى مصر.
والشواهد تُرجِّح أن المرشح القبطى لن يستحوذ على أصوات الأقباط، وفى هذا فائدة للوحدة الوطنية عندما يتأكد عملياً ابتعاد اتجاهات التصويت عن الطائفية.
ولا ينبغى الإذعان لمنطق "العقلاء" الذين يعملون على إظهار الموافقة معك على الرأى، فى حين أن لديهم دائماً الحجج التى يبررون بها لماذا ينبغى تأجيل تنفيذ رأيك إلى مرحلة تالية، لأن الظرف لا يسمح، ولأن الواقع لم ينضج بعد، ولأنه ينبغى أن نتحاشى مواجهة الرأى العام ولا نصدمه بما يضعه فى موقف المقاوِم للتطور، وإنما أن نهيئ له الأجواء أولاً وننتظر حتى يصبح قادراً على تقبل ممارسة الفكرة..إلخ إلخ
لاحِظْ أن هذه هى نفس الحجج التى يرددها دائماً أصحاب إبقاء الأوضاع على ما هى عليه، ورفض إحداث أى تغيير حتى إذا كان بسيطاً، وحتى إذا كان بإلحاح من الجماهير، استخدمها رجال مبارك فى الدفاع عن استمرار نظامه، ووصل بهم الأمر إلى القول الصريح بأن الشعب لم ينضج للديمقراطية بعد، بل إن الديمقراطية خطر على الاستقرار، وإنها سوف تُستغَل من اتجاهات معادية لمصلحة البلاد، ولكنهم، برغم مقاومتهم للتغيير المطلوب من الجماهير، كانوا يخططون إلى التغيير الكبير بان يجرى توريث الحكم إلى نجل الرئيس!
وكان كل هذا ينطوى على ازدراء للشعب، وافتراض البلاهة فيه، وكان ينطوى معناه أيضاً على عدم الثقة فى الوعى الجمعى وفى حُسن اختياراته، وفى قدرته على تصويب المسار إذا وقع انحراف، أو إذا اتضح خطأ الاختيار!
وقد أثبتت الاحداث أن ثورة 25 يناير كانت على صواب فى الإصرار على عزل مبارك وعلى إنفاذ إرادة الشعب واختياراته، لأنه عندما وقع خطأ التورط فى التعديلات الدستورية التى دسها البعض على الشعب فى 19 مارس 2011، وعندما تيقن الناس من خطأ اختيار ممثل جماعة الإخوان رئيساً، كان الخروج الكبير لتصويب المسار، وللإطاحة بممثل الإخوان، وتعديل الدستور والبدء فى خارطة تصحيح المسار!
إن النزول العملى للنساء والأٌقباط فى العمل العام، خاصة فى الانتخابات، وعلى الأخص فى انتخابات الرئاسة، هو نفخ للروح فى النصوص الدستورية والقانونية، والتى لن يكون لها حياة إلا بممارسة رخصها، وإلا فلِمَ كان الصراع على النص عليها فى التشريعات؟