الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

القاهرة لا يمكن أن تحتضن مؤتمرًا يناقض جوهره ومبادئه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

القاهرة تحتضن المؤتمر القومي العربي في دورته الرابعة والعشرين.. هذا هو الخبر..
ومما لا شك فيه أن الخبر يسر كل قومي عربي يعتز بعروبته ويعمل على توثيق روابطها، ويرحب بكل كيان تنظيمي أو مؤسسي أو شعبي يصب في هذا الرافد..
ولكن يتلازم هذا السرور مع وجود عدد من الأسئلة يفرضها الوقت المنعقد فيه المؤتمر “,”1-2 من يونيو الحالي“,” وتفرضها طبيعة تشكيل المؤتمر والعضوية التي يضمها المؤتمر.
** المؤتمر القومي العربي ومن خلال اسمه واضح كل الوضوح أن جوهره ومبادئه ذات طبيعة قومية عروبية تؤمن بالقومية العربية، وبحتمية الوحدة العربية بين أقطار الوطن العربي المختلفة بعد أن فتتها الاستعمار تمهيدًا لغرس كيان دخيل غاصب على أرض فلسطين العربية، يراد له أن يكون هو الكيان القوي الوحيد في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني عدونا الأول والأخير.
ورغم أن المؤتمر منذ بدايته ضم داخل عضويته أشخاصًا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، والتي لا تؤمن بالقومية العربية، بل إن منهم من يكفرونها ويكفرون معتنقيها! إلا إن المؤتمر في ذلك الوقت تغاضى عن هذه النقطة المحملة بتناقض كبير وجوهري، وقبل أن يضم بين عضويته أسماء تنتمي لجماعة الإخوان.
** هذا عما كان.. فماذا عن الآن؟
الآن وبعد قيام عدد من الثورات في عدد من الأقطار العربية، أو ما أطلق عليه “,”ثورات الربيع العربي“,” هذه الثورات التي بدأت بانتفاضات شعبية على أرض بلدانها ضد أنظمة قاهرة باطشة أخذت البلاد الى الوراء وانصاعت وأطاعت الأوامر الأمريكية، التي تصب جميعها في بوتقة المصالح الصهيونية ومطامعها في المنطقة العربية.. وفي لحظة اغتصبت “,”جماعة الإخوان“,” النتائج التي أدت إليها هذه الثورات الشعبية، واقتنصتها واستولت على مقاليد الأمور والسلطة، وأصبحت بديلاً آخر لتلك الأنظمة القمعية الظالمة السابقة، لا تختلف عنها في القمع والظلم بل وتتفوق عليها في السيطرة والاستحواذ وإقصاء الآخر، وأخذ البلاد على طريق الردة والتخلف، والأخطر اتفاقها مع المخطط “,”الصهيو أمريكي“,” في تمزيق بلدان الوطن العربي للسيطرة عليه بأكمله، وتحويل أقطاره الى دويلات أو ولايات ممزقة على أسس دينية وطائفية وعرقية في سبيل إقامة ما يسمونه بـ“,”دولة الخلافة الكبرى“,”!
** وسوف أركز هنا على الوضع داخل مصر الذي يعرفه الجميع داخلها وخارجها، وكيف بدأت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والتي قاطعتها في بدايتها جماعة الإخوان وكل مايسمى بتيارات الإسلام السياسي، وأعلنوا بوضوح رفضهم المشاركة فيها، ثم وبعد أن أثبتت الأيام أنها ثورة وليست مجرد انتفاضة شعبية كما كان متوقعًا لها، وأن مبارك ونظامه ذاهب لا محالة، ظهر الإخوان في المشهد، وخرجت قياداتهم من جحورهم ومخابئهم، ومنهم من أتى مهرولاً من بلدان خليجية وأوروبية، ورويدًا رويدًا أصبحوا كما إنهم المفجرون للثورة وصناعها، ثم أصبحوا هم أصحابها ومالكيها، ثم مالكي مصر والمسيطرين على السلطة فيها، بداية من الرئيس، مرورًا بالوزراء والمستشارين، انتهاء بكل مسئول في موقع يعد حيويًا ومهمًا!
** ثم.. وخلال ما يقرب من العامين ونصف العام من حكمهم وسيطرتهم على السلطة، ومصر تعيش حالة كارثية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والحياتية.. حالة جعلت البعض ممن جاهدوا وناضلوا ضد مبارك وتمنوا إزاحته على مدار سنوات طوال، يندمون ويتحسرون على أيامه رغم قهره نظامه القمعي الباطش، ورغم لصوصيته وسرقته لثروات مصر، ورغم كل ما فعله بمصر.. إلا إن الواقع يقول ويؤكد أن ما فعله مبارك ونظامه بمصر خلال الـ30 سنة، يعد متواضعًا مقارنة بما فعله بمصر وبشعب مصر رئيسٌ ينتمي لجماعة الإخوان، ونظام حكم يتحكم فيه مكتب إرشاد جماعة الإخوان خلال فترة وجيزة قصيرة زمنيًا، لكنها طويلة ثقيلة كاحلة كمًا وكيفًا في مصائبها ونتائجها الكارثية على مصر وشعبها والمنطقة بأكملها.
** ينعقد المؤتمر القومي العربي في القاهرة ـ العربية العروبية ـ بلد جمال عبدالناصر وزعيم القومية العربية والوطن العربي وقائد ثورة 23 يوليو، التي تحمل في أهدافها ومضمونها علامات بارزة ومواثيق واضحة تنتمي جميعها للعروبة والقومية العربية وتجد في وحدة أقطارها الحل الحتمي الوحيد للنهوض بها ولإستعادة قوة ومكانة وطننا العربي الواحد في مواجهة عدونا الصهيوني الغاشم الغاصب المغتصب.
** ينعقد المؤتمر القومي العربي الذي في مضمونه وجوهره يؤمن بالقومية العربية وبالعروبة وبالوحدة العربية، ويضم بين أعضائه أعضاء في جماعة الإخوان، منهم من تلفظ قولاً وتطاول مرارًا وتكرارًا على ثورة يوليو وتجربتها العروبية، التي آمنت بوحدة الشعب العربي لضمان مستقبله ووحدة مصيره، وتطاولوا ببذاءة متكررة على زعيم الأمة العربية جمال عبدالناصر ووصفوا تجربته بألفاظ متدنية!
** وينعقد المؤتمر القومي العربي على أرض قاهرة عبدالناصر، الذي قدمت تجربته العروبية الكثير لوطننا العربي وللشعوب العربية في كفاحها ضد المستعمر والمحتل، مؤكدًا أن المصير واحد والهدف واحد والعدو واحد، والذي قالها عالية شامخة مدوية بشجاعة منقطعة النظير: “,”القدس أولاً“,”.. ينعقد المؤتمر فوق أرض قاهرة عبدالناصر، وهو يضم داخل عضويته من ينتمون لجماعة الإخوان، والتي منها رئيس مصر الذي بدأ قصيدته قائلاً: “,”الستينات وما أدراك ما الستينات“,”.. والذي بدأ قصيدته “,”كفرًا“,” وهو يمد ذراعيه مرحبًا بالصهاينة، ناعتًا رئيس وزرائهم بـ“,”الصديق الغالي“,”!
** وينعقد المؤتمر القومي العربي وسيناء ـ والتي هي أمن مصر القومي ـ مهددة من الخارج والداخل.. مهددة من الخارج بعدو صهيوني كامن ينتظر لحظة الانقضاض، ولا نحتاج لشرح مخططاته وأهدافه ومطامعه في الوطن العربي والتي تبدأ بمصر.. ومهددة من الداخل بمجموعات إرهابية مجيشة موجودة داخل سيناء، مشكلة من مجموعة من الإرهابيين والقتلة سمح لهم رئيس مصر وعضو جماعة الإخوان محمد مرسي، بالقدوم من الخارج بكل تاريخهم الإرهابي، ومجموعة أخرى من القتلى المحبوسين في جرائم قتل، ففتح لهم أبواب السجون وعفا عنهم ليخرجوا يمارسون إجرامهم وإرهابهم ضد جنودنا هناك في سيناء، وليس ضد الصهاينة!
ينعقد المؤتمر القومي العربي فوق أرض القاهرة عاصمة مصر العربية القائدة الرائدة التي كانت تعمل وتناضل لوحدة الوطن العربي، والسودان قد تمزق الى جزءين: جنوبي تغلغل فيه الصهاينة تمامًا.. وشمالي يعاني من الفقر رغم ثرواته الطبيعية التي لا تعد ولا تحصى.
بل الآن المؤتمر ينعقد ومصر نفسها أصبحت مهددة بالتمزق والتفتيت وتوزيع أجزاء من أراضيها “,”كأنها قطع من الحلوى توزع ويتم إهداؤها للتراضي والمحبة لهذا وذاك دون عقل أو روية“,”!، فحلايب وشلاتين للسودان وسيناء لحل مشكلة الصهاينة “,”وليس لحل مشكلة فلسطين ولا شعب فلسطين أبدًا“,”.. ووحدتها الوطنية تضرب في الصميم لإشعال نيران الفتنة ما بين “,”مسلمين ومسيحيين“,”.
** ينعقد المؤتمر القومي العربي فوق أرض مصر التي طالما كانت هي الحاضنة لإفريقيا وشعوب إفريقيا، والتي كانت أياديها البيضاء المحملة بالخير على كل الأصعدة ممتدة ومتغلغلة داخل إفريقيا، من بعثات تعليمية مصرية تذهب الى البلدان الإفريقية وتنفق عليها مصر في سبيل حماية إفريقيا من المطامع الصهيونية المتربصة، ومشاريع صناعية تقام هناك لتشغيل الآلاف من العمالة الإفريقية وتدريبهم، ومشاريع ري عظيمة تقام هناك، وجامعات تفتح أبوابها لأبناء القارة السوداء، وبعثات دينية تذهب الى البلدان الإفريقية ولا تنقطع على مدار العام.. ومنظمة وحدة إفريقية تنشأ بمسعى وجهود قوية من رئيس مصر وزعيم الأمة العربية جمال عبدالناصر، تكون أهم أهدافها: تحرير القارة نهائيًا من الاستعمار – إحداث نهضة اقتصادية - توطيد دعائم التضامن الإفريقي – الارتقاء بالقارة الى المكانة التي تليق بها على ساحة صنع القرارات الدولية.
** ينعقد المؤتمر القومي العربي على أرض مصر صاحبة فكرة إقامة منظمة الوحدة الإفريقية، والتي تم الاحتفال بمرور 50 عامًا على قيامها في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، وبحضور رئيسها الحالي محمد مرسي العضو القيادي في جماعة الإخوان، والذي وبعد سفره بساعات قليلة أعلنت إثيوبيا عن قرار تحويل مياه النيل الأزرق لبناء ما يسمى بـ“,”سد النهضة“,”.. هذا القرار الذي لم تأخذ فيه إثيوبيا أي قدر من الحسبان لمصر! وكأن مصر لا علاقة لها بنهر النيل الذي يمثل شريان الحياة لها، وكأن إثيوبيا لا يهمها أي رد فعل لمصر، أو كأنهم يعرفون أنه لن يكون لمصر تحت حكم مرسي وجماعته أي رد فعل يخشى منه، وهذا ما حدث في الواقع!.. وهكذا ضاعت هيبة مصر في إثيوبيا كما ضاعت حين تم اختطاف جنودها في وضح النهار على أرضها في سيناء والخاطف مازال مجهولاً أو كأنه تبخر!
** وأخيرًا ينعقد المؤتمر القومي العربي، وهناك شعب عربي على أرض سوريا العربية يذبح وتسيل دماؤه تحت اسم المطالبة بالحرية من جماعات أفادتنا التجربة في مصر وتونس واليمن وليبيا أنهم أيضًا جماعات تؤمن بالإرهاب والقتل والخراب كوسائل لتحقيق أهدافهم، والأسوأ الذي كشف عنه القناع تمامًا، جماعات تستقوي بالخارج وتطالب بالتدخل الأجنبي لتحقيق أهدافهم ومطامعهم السياسية دون النظر الى أمن الوطن واستقلاليته، ودون أي تذكر لكارثة العراق وما حدث في العراق والذي مازال حتى الآن يعاني بسبب التدخل الأمريكي الوحشي وخيانات من يسمون بـ“,”أبنائه“,”.
** هذا هو الواقع المؤسف الذي ينعقد المؤتمر القومي العربي في إطار ظروفه المأساوية الكارثية المتسببة فيه جماعة الإخوان المرتبطة مصالحها مع المصالح الصهيو أمريكية، والذي “,”المؤتمر“,” يضم في عضويته أسماء وشخصيات تنتمي لهذه الجماعة، بل إنهم قيادات فيها.
فما هو موقف المؤتمر من كل هذا.. وما هو موقفه من هذه القضايا المأساوية الموجودة في مصر وفي عدد كبير من أقطار الوطن العربي والمتسبب فيها جماعة الإخوان التي ينتمي إليها - وقيادي بارز فيها - رئيس مصر محمد مرسي؟
وسؤال أخير: تداولت الأنباء خبرًا يقول “,”إن مرسي قد وجه دعوة للالتقاء بأعضاء المؤتمر“,”.. فهل يا ترى سوف يقبلون دعوته ويذهبون للقائه؟!.