الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مطران السريان الكاثوليك في حمص: "نفرح بقيامة المسيح رغم معاناتنا في سوريا"

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

احتفلت أبرشية حمص وحماه والنبك وتوابعها للسريان الكاثوليك بعيد قيامة يسوع، وترأس المطران مار يوليان يعقوب مراد القداس الإلهي ورتبة السلام في كاتدرائية الروح القدس الحميدية، بمشاركة الخورأسقف ميشيل نعمان والشمامسة وفعاليات الرعية وحشد من المؤمنين.
وتلا عظة قال فيها: “بعد أكثر من ألفي سنة من حدث قيامة المسيح التاريخي، لا زلنا نعيد، ونفرح حتى ونحن في سوريا، في لبنان، في فلسطين وخصوصاً في غزة، وفي العراق، وفي الصومال نعاني من آلام وحروب واضطهادات”.

وأضاف: “لو كانت القيامة وهماً أو حلماً أو تهيُأً أن المسيح ظهر حياً لمريم المجدلية عند القبر، ودخل على الرسل وهم مجتمعين في العلية والأبواب مغلقة، لما كانت المسيحية انتشرت، ولما وجدت الكنيسة، وما كانوا ضحوا بحياتهم ليشهدوا لهذا الرجل ولهذه الحقيقة. لو لم يكن هذا الحدث حقيقة ما كانت تغيرت قلوبهم عندما كانوا حزانى ويائسين من مشاهدة المسيح المصلوب المائت”.

المسيح قام، إنها نقطة التحول التي ولدت التاريخ من جديد، وجعلت العالم خليقة جديدة. إنه زمن العيد، زمن الملكوت القريب. رجاء المؤمنين واختبارهم، هو أن عالم الظلمة والموت والحروب لم يعد له سلطان على البشر. قبل أسبوع عندما أقام يسوع لعازر من القبر وطفق يدخل أورشليم القدس، قال اليهود بعضهم لبعض: أترون أننا لم نستفد شيئاً؟ إن العالم كله يتبعه. فماذا الذي حدث، لقد أسلموه بخيانة واتهموه بشهادة ظلماً، وقتلوه مصلوباً، إلا أنَّه قام وتبعه العالم. لقد زالت الإمبراطورية الرومانية العظيمة والمسيحية انتشرت في العالم وانتشر نور المسيح القائم، انتصر المسيح لأنه إله، إله الحق والحياة، إله العدل والرحمة، إله السلام والحب الأقوى من الموت.

«لقد ذبح حمل فصحنا، وهو المسيح. فلنعيد إذاً ولكن لا بالخميرة القديمة ولا بخميرة الخبث والرياء، بل بفطير الصدق والحق» (١قور٥/ ٧-٨). لذلك يطلق المسيحيون اسم الفصح على موت المسيح وقيامته.

كان الرومان يصلبون الناس على مداخل المدن لكي يفهم كل من يخرج منها ويدخل أنهم أسياد الحياة في هذا العالم، لا بل أنهم أسياد هذا العالم؛ إلا أن المسيح الذي قتلوه قد قام ولم يعد لهم سلطان عليه وعلى من تبعه، وكذلك جميع الرسل والشهداء الأمناء له حتى الاستشهاد قد انتصروا وها هم لا يزالوا يطوفون الأرض يعلنون البشرى السارة أن المسيح قام مقتحمين كل أسوار الإمبراطوريات التي توالت على الأرض حتى العثمانية، والفرنسية، والبريطانية والسوفيتية والأمريكية، والامبراطورية الجديدة اليوم آفة (فيروس) العولمة (أي عالم الاستهلاك، أي أن كل الأرض أصبحت في متناول يدك بكل ما فيها، ولم يعد هناك ما يمنع للإنسان من الوصول إلى مبتغاه) التي تقتحم الفكر وتسيطر على نفس الانسان ككل. على الرغم من كل ذلك، نحن اليوم كمسيحيين منتشرين في العالم كله نقول: «المسيح قام .... حقاً قام». كل من يتبع المسيح بجذرية عيش الانجيل هو شاهد لقيامة المسيح. نحن اليوم في هذا البلد على المحك، في مسألة الهجرة، إن اغراءات العالم تجذبنا وبالمقابل الآلام التي نعاني منها هنا تقنعنا بأن الحل هو البحث عن مكان آمن ومستقبل أفضل، والجميع يتحدث عن بقية باقية تكاد تعد على الأصابع ستبقى في هذه الأرض التي كانت ولا تزال موطن الكنيسة الأولى وانطلاقتها وسوف تبقى. إذ أن الكنيسة ليست فقط المسيحيين المهاجرين، إن هذه التجربة تجعلنا نقول مع المسيح للشيطان ألا تعلم أن الله قادر على أن يخلق من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم.       
تأملنا طويلا في الحمل المطعون في قلبه، وبيديه المفتوحتين داعياً العالم إلى الوداعة وتواضع القلب. هل نؤمن بأن طريق القلب المفتوح واليدين الممدودتين، طريق الوداعة والتواضع المقدمين حتى النهاية، يمكن أن يؤديا إلى اعلان فجر عالم جديد، حيث الحياة أكثر ديمومة من الموت، والخير أقوى قدرة من الشر، والحب أقوى من الكراهية.

إن خبرة مريم المجدلية التي عاشتها عند القبر حين ذهبت لتطيب جسد المسيح الميت ولم تجده، كانت تبكي لأنها ولبرهة شعرت أن المسيح قد ضاع منها وفقدته مجدداً من حياتها. كم من المرات نضيع المسيح ونفقده من حياتنا ويغيب عنا. إن اختبار المجدلية يعلمنا بأن كل من يبحث بصدق عن المسيح سوف يلتقي به حتماً. لأنها رغبة الآب الأولى والتي لا يمكن أن تنقض ولا أن تتغير، وهي أن الله خلقنا ليشاركنا حياته، ولا يريد أن يستثني أحداً من هذه الدعوة. إنها رغبة الابن الذي قرب ذاته ذبيحة شكر عنا إلى الآب على الصليب ليصالحنا معه، ويعيد هذه العلاقة. إنها رغبة الروح القدس الذي ينعش فينا هذا التوق إلى الله ويجذبنا إليه، ويرسلنا لنشارك هذه النعمة مع كل من يبحث عن الرب وينتظره وهم كثيرون، كثيرون من ينتظرون سماع البشرى الجديدة وهي أن المسيح قام وإنه حي وحاضر وقريب وهو يريد أن يلتقي بكل شخص ليحيا معه، لأنه إله الحياة، فهل نقبل دعوته لنا بأن نحمل البشرى لكل من ينتظر سماعها؟ كم من الناس يعيشون حياة مليئة بالكآبة واليأس والحيرة والشك؟ فهل نقبل أن نخبرهم عن المسيح القائم والقريب. هل نقبل دعوته لنا لنكون رسلاً جدداً له اليوم في العالم. هل لنا غيرة بولص وعنفوان بطرس وحماس يوحنا والتزام متى وثبات يعقوب