الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أَمَّا الوقوع في غرامها وأَمَّا الهرب من أشباحها...!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى المقال السابق توقفت عندما ذكر الأستاذ" محمد حسنين هيكل "  لقائه  برئيس وزراء الهند  "جواهر لال نهرو" أثناء زيارته  للقاهرة لأول مرة عندما حضر الغداء مع الرئيس " جمال عبد الناصر على مائدة "نهرو"...

وقد تحدث فى كتابه  الشيق" زيارة جديدة للتاريخ " عن الزيارة التى قام بها  لرئيس وزراء الهند" نهرو " فى مكتبه بمقر الحكم الرسمى بعاصمة الهند...

قال عن هذه الزيارة  انه لا يظن أن زائرا للهند،مهما بلغت درجة موضوعيته يستطيع أن يتخذ لنفسه موقفا محايدا ازاءها بحيث ينظر اليها بالعقل المجرد وحده، أو يقيس أمورها بحساب الواقع المرئي ولا شيء غيره، أو يقدر حقائقها ومصائرها بآلية كفتي الميزان دون زيادة أو نقصان...

هو لا يظن ذلك...!

وشرح الأسباب لهذا الرأى  بأن  الهند كتلة إنسانية غير عادية تشحنها طاقة نفسية غير عادية أيضا...

ومبعث الغرابة أن الكتلة الإنسانية  في الهند ليست متجانسة  بل متنافرة وهى  برغم ذلك متماسكة.... ثم أن الطاقة النفسية لهذه الكتلة الإنسانية أشد غرابة اذ أن   فيها من قوة  الجذب بمقدار مافيها من قوه الطرد....

ومن هنا فان زائر الهند لأول مرة -كما كان اثناء زيارته لها فى عام  ١٩٥٣ - لا يستطيع، ولا يملك،أن يقف أمامها متوازنا لأن الهند لا تترك زائرها  في حاله وانما هي تطلق عليه نفسها فاذا هى  ممسكة بخناقة تحاول احتواءه في طاقتها وليس أمام هذا الزائر للهند غير احد منفذين:

- ان يستسلم ويترك نفسه لقوة الجذب تشده فاذا هو من عشاقها....

-أو يجفل من محاولة الاطباق عليه وتلحقه قوة  لتدفعه فاذا هو يبتعد ضيقا منها وربما كرها لها...

وليس هناك من حل وسط هذه  النقيضين...كما انه لا يوجد طريق ثالث...

أَمَّا الوقوع في غرام الهند وأَمَّا الهرب من أشباحها وروائحها...!

وأعترف الاستاذ "هيكل"بانه استسلم لقوة الجذب في الهند ووجد نفسه من عشاقها منذ أول لقاء معها،  كما أعترف بانه أيضًا لم يجد جوابا واحدا واضحا لسؤال خطر له مرات كثيرة عن  سر الهند وسحرها وتأثير الاثنين عليه...

قال مبررا لحبه  للهند بأن السبب قد يرجع لاحترامه الشديد  للحضارات القديمة في الصين والعراق والهند ومصر وقد انتجت هذه الحضارات كل ما له قيمة في حياة الإنسان من أيامها حتى الان... بعضها صنعته الأيدي كالزراعة والكتابة والبناء وتشكيل المعادن والنحت الى آخره، وبعضه الآخر حققته الأدمغة وحيا أو الهاما كالتوحيد والفلسفة والقانون والاسطورة والشعر والموسيقى والرسم الى آخره...

وقد يرجع  أيضًا سبب حبه الهند  للعلاقه الخاصة التي ربط مصر بالهند في  عصور الكفاح ضد الاستعمار والسيطرة، وكان آخرها تلك الصداقة الوثيقة التي جمعت بين الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس وزراء الهند  نهرو وهي صداقة وضعته الظروف على نحو أو آخر  في مجالها بين البلدين وبين الرجلين...؟

وقال انه يكاد يقول ان الاسباب كلها مجتمعة وان كان يشعر بميل خاص الى الأخير منها فقد كان هذا اللقاء الاول هو الذى جعله من عشاق   الهند...

لقد وصل إلى "دلهى" قادما من الشرق حيث بدأت زيارته للهند...

الاسبوع القادم باذن الله أحدثك عن تفاصيل زيارته ولقائه مع رئيس وزراء الهند "نهرو "