الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

القاهرة تحتضن الأشقاء الفلسطينيين.. المصابون فى المستشفيات: شاهدنا الموت بأعيننا والأشلاء فى كل مكان

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتضن مصر الأشقاء الفلسطينيين المصابين فى حرب الإبادة التى تشنها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى الأعزل فى قطاع غزة الفلسطيني، وتقدم له الدعم الطبى والنفسى وسط أجواء تضامنية من الشعب المصرى والحكومة للأشقاء الفلسطينيين.
القطاع الطبى فى أزمة كبيرة لضعف الإمكانيات
«كانوا فى بيت آمن يأوى نازحين بها أكثر من ٨٠ شخصا، وسقط عليهم ٣ صواريخ من الاحتلال الإسرائيلي، وتسبب فى مجزة أسفرت عن مقتل ٢٠ شخصا وإصابات الباقى بإصابات مختلفة، وأغلبهم من الاطفال والسيدات كحال غزة كلها»، بهذه الكلمات بدأت نوال مطر ٥٢ سنة فلسطينية مرافقة لنجلة شقيقتها وفاء مطر.
وأضافت نوال، أن وفاء تعمل فنية أشعة فى مستشفى فى قطاع غزة وأن إصابتها فى الظهر والقدم ومع فقدان جزء من السمع جراء القصف الإسرائيلى الذى استهدف منزلا يسكن فيه أسرتها مع ٤ عائلات أخري، وتم نقلها إلى مستشفى الأقصى بعد الإصابة قبل نقلها إلى مصر عبر معبر رفح. وعن الوضع فى قطاع غزة، أشارت إلى أن الاحتلال يقتل كل شيء فى غزة، وأن أشلاء الأطفال فى فى كل مكان ونخرج من البيوت بعد القصف ونترك الأشلاء والجثث داخل كل منزل.
كان المصريون فى انتظارنا من البداية على معبر رفح بالسيارات المجهزة وقاموا بعمل كل الإجراءات اللازمة كإخوة لنا، ونشكر مصر والقائمين على التنسيق لنا، بهذه الكلمات استطردت نوال فى حديثها، وأكملت أن الأطقم الطبية فى مصر قاموا بكل الإجراءات الأطباء والتمريض والعاملين فى المستشفى يقدمون لنا كل أنواع الدعم.
ورغم الحالة الصحية الصعبة أصرت وفاء مطر فنى أشعة فى غزة، على الحديث عن الوضع الطبى فى مستشفيات قطاع غزة وخاصة مستشفى الأقصى التى كانت تتلقى العلاج فيها.
وقالت وفاء، إن هناك أعداد كبيرة للغاية داخل وخارج المستشفيات ويتم تلقى الخدمة الطبية بصعوبة كبيرة للغاية، لأسباب عديدة منها وجود النازحين الهاربين من نيران الاحتلال فى مختلف الاماكن داخل المستشفيات فى وجود نقص للخامات الطبية والأكل والشرب، ويجرى الأطباء العمليات الجراحية على الأرض فى طرقات المستشفي.
وأضافت وفاء، هناك نقص شديد فى الأطعمة والمياه النظيفة التى تصلح للشرب حيث يعانى الأهالى من نقص فى الخضروات والدقيق والموجود هناك معلبات فقط وأصبحت أسعارها ضرب من الخيال، مشيرة إلى أن بعض الأشخاص ليس لديهم أموالا من أجل شراء أى مواد غذائية تعينهم على الاستمرار فى الحياة وسط الحصار التى تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطينى الأعزال.
وعن إصابتها قالت وفاء كنت فى زيارة لبيت أمى حيث إنها تعانى من مرض السرطان وأنا مقيمة مع زوجى وخالتى وحماتى فى نفس الوقت، وشاهدت سقوط صاروخين على البيت حولا المنزل إلى كومة من التراب ونتج عن الأمر مجزرة واستشهد أخى وزوجته وخرجنا مصابين.
أهل مصر رائعين جدا الكل هنا يساعدنا ويحاول تخفيف المأساة علينا ويقدمون الدعم، بهذه الكلمات أنهت وفاء حديثها قبل أن توجه رسالة للعالم أكدت خلالها أنها تريد أن تعيش فى أمان وسلام وأن تنتهى الحرب.
آمنة فى مصر 
بخوف وحذر استقبلتنا الطفلة آمنة حاتم الفلسطينية التى تبلغ من العمر ٦ سنوات ومقيمة فى قطاع غزة، وفى يدها ساندوتش الأكلة الشعبية الأولى فى مصر طعمية، طلبت منها أن تعطينى قطعة منه فلم ترد فأخبرنى الطبيب بأن سمعها أصبح ضعيف للغاية، فشاورت لى بالطعم كعزومة للإفطار معاها، ابتسمت لها، فابتسمت والدموع تملأ عينيها. وبدأت الحديث مع مرافقتها، وهى عمتها شيماء سعدى محمد أبو مطر من سكان قطاع غزة، وصلت مصر بصحبة بنت شقيقها المصابة لتلقى العلاج فى مستشفى شبين الكوم التعليمى بمحافظة المنوفية.
وتقول شيماء إن الوضع فى قطاع غزة صعب للغاية ولا يمكن وصفه، وعبرت عن ذلك بأن جميع معالم غزة اختفت بعد هدمها بقصف الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أنه لا يمكن لأى شخص يعرف مكان منزله لأن كل المنازل تحولت إلى أكوام من الرماد.
طيران الاحتلال أسقط علينا منشورات تطلب من الأهالى مغادرة المكان لأنه ضمن عمليات جيش الاحتلال، وبدأت شيماء تروى تفاصيل قصف منزلها لـ"البوابة"، انتقلنا إلى إحدى مدارس الإيواء التابعة لوكالة غوث اللاجئين الأونروا، حتى طلب منا الاحتلال مغادرة المكان قبل قصفه، عدنا إلى منزل أخي، وبعد العودة خرجت يوما خارج المنزل وأثناء عودتى شاهدت جريمة مكتملة الأركان، حيث استهدف الاحتلال برجا ملاصقا لمنزل أخى بثلاث صواريخ، وكان أشقائى وأبنائهم وزوجاتهم وعددهم ١٨ شخصا يتناولون الغداء، وكانت آمنة تلعب أمام المنزل وبفعل القصف طارت آمنة فى الهواء وأصيبت فى الرأس، وهو ما أثر على سمعها.
وتكمل شيماء، الأخت الأخرى لآمنة تدعى نور وتبلغ من العمر ١٦ عاما اختفت تحت القصف، بعد هدم المنزل ولكن حكمة الله تعرفنا على مكانها حيث ظهر جزء طرحتها تحت حطام المنزل وأصيبت بكسر فى الجمجمة ونزيف وتم نقلها ألى تونس لتلقى العلاج وتصاحبها أمها فى رحلة علاجها، وأصيب الأب بإصابات بالغة بالرأس والقدم والكتف بينما أصيبت أمها وأشقائها بإصابات مختلفة.
بعبارة "مصر استقبلتنا أحسن استقبال" عبرت شيماء عن وضعهم بعد دخول مصر، حيث قالت عاملونا بكل رفق وحب ووصلنا إلى مستشفى شبين الكوم بلا ملابس سوى التى نرتديها فقط لأننا فقدنا كل شيء فى غزة، وقام المستشفى والعاملين فيها بإحضار الملابس لنا وكنا ما نريد. وتشير شيماء إلى أنه من بداية دخول المعبر، كان فى انتظرنا سيارة إسعاف وكل الموجودين هناك فى خدمتنا، وتحول المكان إلى خلية نحل البعض ينهى لنا الإجراءات حتى وصلنا إلى المستشفى هنا، وكنا فى حالة نفسية صعبة للغاية. وعن الوضع فى قطاع غزة، أكدت أن الوضع داخل القطاع كارثى والموت يحلق فى كل مكان، الجميع ينطق الشهادة فى كل الأوقات، لأن الاحتلال يقتل أسر بأكملها بهدم المنزل كاملا عليهم، الاطفال هناك يأتون لأسرهم بأجزاء مقطعة من جثث أطفال يسألون أهلهم هل هذا أخى أو أختي.
من جانبه قال الدكتور محمد عبد العزيز مدير العيادات فى مستشفى قصر شبين الكوم، إن آمنة وصلت مصابة بفقدان فى جزء من السمع، وجارى عمل مقياس سمع لها.
وأضاف الطبيب، بعد تحديد السمع سيتم عمل سماعات الأذن لها، وأنها تتلقى العلاج اللازم بشكل سريع.
المقاطعة سلاح العرب
بدموع موجعة بدأت سيدة فلسطينية تروى حديثها عن الأوضاع فى قطاع غزة قائلة: "اسمى عائدة عبد الوهاب أسكن فى دير البلح فى قطاع غزة الفلسطينى وأبلغ من العمر ٥٧ سنة".
وقالت عائدة خلال تلقيها العلاج فى مستشفى شبين الكوم التعليمى بعد وصولها مصر لتلقى العلاج فى تصريحات لـ"البوابة"، إنها مهما حكت لن تصف بشاعة المشاهد فى قطاع غزة وحرب الإبادة التى يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين المدنيين هناك، مشددة على أنه لم تحدث مثل هذه الحرب من قبل فى فلسطين، كنا نمر بأربع حروب فى الشهر لكن لم نشاهد مثل هذه الحرب من قبل. وأضافت الفلسطينية عائدة، ليس هناك شعب فى العالم مثل فلسطين، ومثل ما تراه فى فلسطين. مهما حكيت لكم عن فلسطين وعن غزة، وعن الحصار الذى يعانيه الناس لسنوات، قبل الحرب، حصار غزة والمجازر التى لا تشبه سوى الكوارث الطبيعية،  كل دقيقة سبعين شهيدا، مئة شهيد ألف شهيد فى جميع أنحاء غزة من الشمال إلى الجنوب. الاحتلال يقصف مربعا كاملا مع سبعين، أسر بأكملها تباد.
وتابعت، "الوضع فى غزة يعنى ببساطة الإبادة، لا أعنى أنهم يريدون إنهاء المقاومة بل إنهم يريدون إبادة الفلسطينيين، وليس فقط المقاومة بل أيضًا اغتيال وقتل الأطفال والنساء. فى غزة، لا شيء يعبر عن الوضع بشكل أفضل من كلمة "خيمة". يمكن رؤية خيام الملاجئ حيث يقيم النازحون فى ظروف قاسية، وتجد نصف عائلاتهم تأتى من بيوتهم السابقة. فى هذا الوضع، تجد الإسعاف يؤخر الوصول لأنه يضطر للتجاوز عندما يقترب من تجمعات الجيش الاحتلال والبعد عن القصف".
وأشارت عائدة، الى إنها كانت مصابة بجلطة وتعافت منها قبل الحرب ومع الأوضاع المحزنة التى تعيشها غزة وتصاعد وتيرة الحرب، عادت آلامى إلى الإزعاج المستمر فى رأسى وعيني، وعادت الجلطة مرة أخري، وصلت مصر وقدم لى كرسي، دخلت مصر بلا أى صعوبة ووجدنا مساعدة غير عادية وترحاب من الجميع، وتم نقلى إلى المستشفى وتلقيت العناية الطبية المناسبة، لذا نشكر مصر الشقيقة الكبرى على احتضاننا وتقديم الدعم فى كل الأوقات.
ووجهت كلمة للعالم العربى والإسلامي، إن هذه الحرب يخوضها عدو حقيقى وهو إسرائيل، لو توحدت الدول العربية ووقفنا معاً، سيكون لدينا كلام قوى للتعبير عن رفضنا، والمقاطعة أكبر سلاح لإيقاف العدو.
طفل يرسل مساعدات وهدايا مع رسالة للمصابين
أرسل أحد الأطفال المصريين رسالة دعم للاشقاء الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج داخل مستشفى قصر شبين الكوم مع والدته التى تعمل طبيبة فى المستشفى وتقدم الدعم النفسى للأشقاء. 
الرسالة كانت باللغتين العربية والإنجليزية وكانت تحمل كلمات "أنا أحمد أنا أدعم فلسطين وأرسلت لكم بعض الهداية شكراً لكم"، الطفلة آمنة استقبلت الرسالة والهداية التى كانت عبارة عن عدد من القصص وأدوات التلوين وافرع من زينة رمضان بفرحة وسعادة غامرة، وبدات فى التقاط الألوان وكتب التلوين.
المياه الملوثة والفشل الكلوى فى القطاع
"بشكر الشعب المصرى الكريم والحكومة المصرية على ما يحدث معنا فى مصر منذ دخلولنا من اللحظة الاولي" هكذا قالت والدة الطفلة مينهار زقوط البالغة من العمر ٨ سنوات والتى كانت مستلقاة فى حالة يرثى لها على سرير المستشفى ولا تتحرك فى أى اتجاه ولا يخرج منها سوى أصوات الوجع الذى أصبح ينهش فى جسد الطفلة، والدة الطفلة تحدثت إلينا قائلة "أنا من جباليا الفلوجة نزحت بسبب الحرب والتهجير الذى يقوم به الاحتلال إلى دير البلح. وأضافت والدة الطفلة مينهار، بنتى كانت مصابة بامراض قبل الحرب لكن وضعها كان مستقرا، وكنا نتابع مع الأطباء الحالة الصحية لها كل شهر، وكانت تلتقى العلاج اللازم لها، لكن مع نقص المياه النظيفة وتناولها مياه ملوثة بعد انعدام مصادر المياه الصالحة فى غزة دخلنا مرحلة الغسيل الكلوي.
وأكملت والدة الطفلة حديثها، عندى طفل ١٤ سنة لم يخرج من غزة، وانتظر مولدا خلال الأيام القليلة القادمة، عبرت عن شكرها لأهل مصر والحكومة المصرية على الدعم منقطع النظير الذى يتلقونه فى مصر وخاصة بعد زيارة محافظ المنوفية اللواء إبراهيم إبو ليمون، لهم وتقديم مساعدات مالية، وقبل نشر المقال أعلنت المستشفى وفاة مهينار.
حالات المصابين فى المستشفى 
وقال الدكتور محمد عبد العزيز مدير العيادات بمستشفى القصر، فى المستشفى ٦ حالات و٦ مرافقين منهم ٤ أطفال أكبرهم ٩ سنوات وجميعهم يتلقى الخدمة الطبية على أكمل وجه.
وأضاف الطبيب، أن الحالات مختلفة ومتنوعة ومن بينهم حالة جلطة لسيدة ٥٧ سنة تدعى عائدة، وهناك إصابة جراء القصف من سيدة تلبلغ من العمر ٣٦ سنة بالظهر والقدم وفقد جزء من السمع، وهناك عدد إصابات بالفشل الكلوي. وبين عبد العزيز، أن هناك حالة طفلة وصلت الى المستشفى تعانى من إصابة بالرأس وتم عمل لها قياس سمع وجارى توفير سماعة أذن لتركيبها لها حتى تتمكن من السمع مرة أخري.
وأكد الطبيب، أن جميع العاملين والأطقم الطبية فى المستشفى يقدمون الخدمة الطبية بحب للاشقاء الفلسطينيين بترحيب شديد وبمحبة من القلب، مشيرا إلى أنهم فى وطنهم الثانى مصر.