السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

السفير علاء يوسف فى مقال بمجلة فرنسية: العاصمة الإدارية تحدٍ مصرى يستشرف المستقبل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 تحت عنوان "القاهرة الجديدة..  تحدٍ مصري"، كتب السفير المصرى فى باريس علاء يوسف، مقالًا مهمًا فى المجلة الفرنسية "لوسبيكتاكل دي موند"، استعرض فيه أهمية العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد، مؤكدًا أن المشروع برمته يمثل تحديًا حقيقيًا لمصر.

فى مستهل مقاله، كتب السفير علاء يوسف: إن المشروع الحالي يهدف إلى أكثر من مجرد نقل للمؤسسات الحكومية، فهو يسعى إلى الاستجابة للتحديات الحالية التي تواجهها مصر. وهو يجسد رؤية حديثة وتقدمية للبلاد، التي تجد نفسها في مفترق طرق تاريخ مجيد ومستقبل واعد.

 

مقدمة مقال السفير علاء يوسف بالمجلة الفرنسية "لوسبيكتاكل دي موند"

وأوضح أن القاهرة واجهت نموًا سكانيًا سريعًا في العقود الأخيرة، مما أدى إلى تحديات كبيرة تتمثل في الازدحام الحضري الشديد، والبنية التحتية والخدمات العامة المثقلة بالأعباء، ومشاكل المرور. وللاستجابة لهذه التحديات، قامت مصر بتنفيذ مشروع طموح وضخم، وهو بناء "العاصمة الإدارية الجديدة"، يهدف إلى طي صفحة من تاريخها.

وأضاف: إذا كان هذا المشروع، الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2015 بمناسبة مؤتمر التنمية الاقتصادية في مصر، نشأ بشكل أساسي من الحاجة إلى حل التحديات الحضرية والإدارية التي تواجهها القاهرة، فإنه يمثل أكثر بكثير من مجرد نقل المؤسسات الحكومية.. ذلك أن لهذه المدينة الضخمة، التي تمتد على ما يقرب من 750 كيلومترا مربعا، أي أكثر من سبعة أضعاف مساحة باريس، العديد من الأهداف الأخرى، لا سيما تلك المتعلقة بتوفير سبل جديدة للنمو الاقتصادي والابتكار والتنمية المستدامة في مصر. ويجسد هذا المشروع الضخم بالفعل هذه الرؤية الواعدة للرئيس السيسي التي تسعى إلى تحويل المشهد الحضري المصري، كونه يمثل الحداثة والتنمية والرؤية التقدمية للبلاد، كما يقدم استجابة للتحديات الحالية وقبل كل شيء يتوقع الاحتياجات المستقبلية للشعب المصري وأجياله القادمة. 

وذكر السفير أن هذه العاصمة الجديدة تضم كافة الهيئات الحكومية والوزارات، بالإضافة إلى مقر البرلمان والقصر الرئاسي. كما توفر منطقة للسفارات الأجنبية والمنظمات الدولية، ومراكز تسوق، ومدينة طبية عالمية، ومدينة أولمبية عالمية، ومدارس وجامعات دولية، بالإضافة إلى مطار دولي.

وأوضح سفير مصر فى فرنسا، فى مقاله، أن العديد من الدول اتخذت زمام المبادرة لتغيير عواصمها، بما في ذلك البرازيل وكازاخستان وماليزيا ونيجيريا وغيرها.

 ومن جانبها، كان لمصر عدة عواصم طوال تاريخها، تمثل كل منها حقبة مميزة من حضارتها، لعل أشهرها ممفيس، عاصمة المملكة القديمة، والتي كانت مركزًا سياسيًا وثقافيًا رئيسيًا؛ وطيبة (الأقصر اليوم)، عاصمة الدولة الحديثة، والمشهورة أيضًا بوجود "وادي الملوك"، حيث توجد مقابر مبهرة للعديد من الفراعنة؛ أو الإسكندرية التي كانت آخر عاصمة لمصر القديمة لمدة ثلاث قرون تقريبًا.

وفي حين لعبت هذه العواصم دورًا مهمًا خلال فترات من التاريخ المصري، مما يعكس العصور المختلفة والتحولات السياسية والثقافية في البلاد، ظلت القاهرة لآلاف السنين مركزًا سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا مهمًا لمصر. ومن حيث عدد السكان، تعد المدينة الأولي في أفريقيا والعالم العربي من حيث التعداد السكاني، حيث يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 25 مليون نسمة.

وفى شرح متكامل للعاصمة الإدارية الجديدة، قال السفير علاء يوسف إنها تقع في قلب الصحراء المصرية، على بعد ما يقرب من خمسين كيلومترًا شرق القاهرة، وتقف اليوم مثل مدينة كبرى حديثة، ترمز إلى هذا التقارب بين تاريخ مصر المجيد وتطلعاتها المستقبلية. وتم التخطيط لهذه المدينة الضخمة على مدار عدة سنوات، لكن المشروع تقدم بسرعة كبيرة، حيث تم إطلاق المراحل الأولى من البناء مع التركيز بشكل خاص على البنية التحتية الأساسية: الطرق، وشبكات النقل العام، وأنظمة إمدادات المياه والكهرباء، وشبكات الاتصالات الحديثة.

ومن السمات الملفتة للنظر لهذه العاصمة الإدارية الجديدة، للوهلة الأولى، حداثة هندستها المعمارية المستوحاة من تاريخ مصر الثري، وتجمع الهندسة المعمارية بمهارة بين البنى التحتية التقليدية الكلاسيكية والمفاهيم المعاصرة. هناك ناطحات سحاب مهيبة إلى جانب المساحات الخضراء الشاسعة، مما يخلق تباينًا رائعًا حيث تمتزج الطبيعة والبيئة الحضرية.

جانب من مقال السفير علاء يوسف بالمجلة الفرنسية

وتشتمل البنية التحتية الحديثة المدمجة في قلب هذه العاصمة على شبكة مواصلات ذكية وأنظمة اتصالات متقدمة واتصال واسع النطاق وبأحدث التقنيات. في الواقع، تم التخطيط للعاصمة الجديدة لتصبح ما نعرفه اليوم باسم "المدينة الذكية"، حيث تدمج التكنولوجيا الجديدة التي لا تهدف فقط إلى تحسين إدارة الموارد والتنقل والخدمات العامة والأمن، ولكن أيضًا لتزويد سكانها بتجربة حضرية متميزة.

بالإضافة إلى ذلك، تضم العاصمة مساحات خضراء شاسعة وبنية تحتية عامة مخططة لخلق بيئة معيشية متوازنة. ويجري إنشاء مشاريع عقارية كبرى، لتوفير مساكن حديثة، ومكاتب، ومراكز تسوق، ومساحات ترفيهية، ومناطق سكنية، فضلًا عن المجمعات التجارية.

في الواقع، لا تؤدي العاصمة الجديدة وظائفها الإدارية فحسب، بل تطمح أيضًا إلى وضع نفسها كمركز اقتصادي ديناميكي ومتوسع. ومنذ إطلاقه، استحوذ المشروع على الاهتمام الوطني والدولي، وجذب استثمارات كبيرة خلقت عددًا كبيرًا من فرص العمل وعززت الاقتصاد المصري. ويساهم هذا النشاط الاقتصادي في إنشاء نظام بيئي ديناميكي لريادة الأعمال، وتشجيع الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي في البلاد. وبذلك تصبح العاصمة الجديدة حافزًا حيويًا، يدفع مصر إلى الساحة العالمية كمركز اقتصادي ناشئ، ومستعد لمواجهة تحديات المستقبل بجرأة وتصميم. 

أمل أمة متنامية

ومضى السفير علاء يوسف قائلًا: من ناحية أخرى، توفر هذه المدينة الجديدة مساحة مواتية للثقافة، مع بنيات تحتية مخصصة للفنون، وبالتالي تغذي بيئة فكرية وثقافية غنية، ولا سيما الأوبرا. وتعتبر المرافق والمواقع التالية هي الأكثر شهرة، وهي مصممة لتشكيل مدينة حديثة وعملية ومستدامة للأجيال القادمة في مصر:

  • المسجد الكبير هو الرمز الديني والمعماري الرئيسي. تصميمه وأهميته الروحية تجعله نقطة مركزية في المشروع.
  • تم افتتاح كاتدرائية الميلاد في 6 يناير 2019 من قبل الرئيس السيسي وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهي أكبر كنيسة في الشرق الأوسط.
  • من المخطط إنشاء مجمع مخصص للمؤسسات الحكومية، بما في ذلك البرلمان، ليكون ركيزة إدارية للعاصمة الجديدة.
  • مدينة المعارض والمؤتمرات المخصصة لاستضافة الفعاليات الوطنية والدولية قيد التطوير حاليًا. ويجب أن تصبح هذه المدينة مركزًا للتبادل الاقتصادي والثقافي والأكاديمي في مصر.
  • منطقة الأعمال والمالية هي مركز أعمال حديث من المقرر أن يصبح القلب الاقتصادي للعاصمة الجديدة. ستستضيف هذه المنطقة أبراج المكاتب والمؤسسات المالية والشركات، مما يساعد على تحفيز اقتصاد المنطقة.
  • من المخطط إنشاء حديقة مركزية واسعة، بالإضافة إلى العديد من المساحات الخضراء والحدائق المنتشرة في جميع أنحاء المدينة لتوفير مناطق للترفيه والاسترخاء والتواصل مع الطبيعة داخل هذه المدينة الحضرية.

واختتم السفير علاء يوسف مقاله بقوله: إن بناء هذه العاصمة الإدارية الجديدة يوفر فرصة لإعادة التفكير بشكل كامل في البنية التحتية الحضرية. وعلى الرغم من الطموحات المبهرة، إلا أن هذا المشروع لا يخلو من التحديات. إن التحول من عاصمة راسخة مثل القاهرة إلى مركز حضري جديد ينطوي على تعديلات اجتماعية واقتصادية ولوجستية كبيرة. إن إدارة التوازن بين العاصمة القديمة، التي يواصل الرئيس السيسي تطويرها، والعاصمة الإدارية الجديدة، والحفاظ على التراث التاريخي وخلق هوية فريدة من نوعها، لا تزال تحديات حاسمة يجب التغلب عليها. ومع ذلك، فإن الرؤية والتصميم على مواجهة هذه التحديات توفر آفاقًا واعدة لجميع المصريين. وترمز العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة إلى قدرة البلاد ليس فقط على إعادة تجديد نفسها باستمرار والتكيف مع التطورات العالمية، ولكن أيضًا على فتح مسارات جديدة نحو مستقبل مزدهر ومستدام لأجيالها الجديدة. وبالتالي فإن هذه المدينة الضخمة تجسد أكثر بكثير من مجرد مشروع تخطيط حضري بسيط؛ إنه يمثل أمل أمة في توسعها الكامل، مستعدة لكتابة فصل جديد في تاريخها. 

الرئيس السيسى يضع حجر أساس العاصمة الإدارية الجديدة  فى 12 أكتوبر 2017