قد تتعدد المبررات، لكن تبقى إراقة الدماء جريمة لا تُغتفر تتبرأ منها جميع التعاليم الدينية والأعراف الإنسانية القويمة، وعلى النقيض يتسلل الشيطان إلى نفس الإنسان الواهنة، لتحضه على إزهاق الأرواح، وفي مقدمة ذلك، الكثير من قضايا القتل التي جاءت على أساس "جرائم الشرف" والتي تبدأ جميعها بلحظات غضب شيطانية، إلى أن تنتهي ببني البشر، بالمصير المحتوم بالهلاك.
في غضون الأسبوع الماضي عثرت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة على جثتي شاب وفتاة تم قتلهما بالرصاص على يد أسرة الفتاة بصحراء المعادي، حيث تلقت أجهزة الأمن بمديرية أمن القاهرة بلاغا من أسرة شاب عمره 22 عاما بتغيبه عن المنزل وبعمل التحريات تبين أن وراء اختفائه خفيرا ونجليه وألقى القبض عليهم.
وأضافت التحريات أن المتهمين اكتشفوا وجود علاقة غير شرعية بين ابنة الأول والمجني عليه، وقاموا باستدراجهما كرها عنهما الي منطقه جبلية قرب الطريق الأوسطي وإطلاق أعيرة نارية عليهم وقتلهما وألقى القبض على المتهمين ، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة.
في محافظه المنيا، قام أب بذبح ابنته التي تبلغ من العمر 18 سنة، داخل غرفتها بسبب خلافات أسرية، حيث تم اكتشاف جرح قطعي بالرقبة وتقرر نقلها إلى المشرحة، وكلف المحامي العام لنيابات جنوب المنيا، الطب الشرعي، بمعاينة الجثة، وإعداد تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها. وكلف البحث الجنائي باستكمال التحريات في الواقعة وتم تحرير محضر بالواقعة والتحفظ على المتهم والسلاح المستخدم تحت تصرف النيابة العامة.
وفي منطقة المعصرة بالقاهرة، قام 4 أشخاص، بارتكاب واقعة قتل صاحب شركة أسمدة وفتاة، داخل شقة بمنطقة المعصرة جنوب القاهرة، والاستماع لأقوالهم علي خلفية اتهامهم بارتكاب الحادث، وطلبت النيابة تحريات أجهزة الأمن حول الحادث للوقوف على ظروفها وملابساتها، كما أمرت بسرعة ضبط وإحضار اثنين آخرين.
بعمل التحريات تبين أن المجني عليه يدعي «عصام الشافعي» 55 سنة، من أبناء منطقة المعادي، حصل على الدكتوراة من كلية الزراعة، ويمتلك شركة أسمدة زراعية، والجثة الثانية لفتاة تبلغ من العمر 21 عامًا وبها جرح ذبحي بالرقبة، حيث قطع المتهمون عشرات الكيلومترات متجهين إلي جنوب العاصمة حيث منطقة المعصرة، ليقتلوا الفتاة - تربطهم بها صلة قرابة- ذبحاً بالسكين بعدما علموا بتواجدها مع عشيقها في تلك الشقة، وفضلوا اختيار الثأر على أن تجلب لهم العار.
قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن جرائم القتل بدافع الشرف لها عوامل كثيرة فهي تختلف حسب البيئة والشخصية والثقافة، ولكن بالطبع القتل بدافع الشرف موروث، لأن عند شعوره بأن كرامته أو شرفه تلوثوا بسبب زوجة خائنة أو ابنة خائنة بسبب استخدامها الخاطئ لحريتها أو استخدامها أساليب ملتوية للعلاقات، فهنا الناس تنظر لها نظرة دونية، فنجد الرجل يقول "أنا هيحصلي إيه لما الناس تعرف" وسنجد الكثير من التساؤلات تدور في ذهنه في تلك اللحظة، لذلك فهو يتخذ قراره بلحظة أيضا والذي يكون غالبا هو إنهاء الحياة، لأن القانون هنا أيضا سيحكم عليه مع إيقاف التنفيذ لأنه كان يدافع عن شرفه وحريته، فهناك أشخاص يمكنها حل المشكلة بزواج الطرفين، ولكن هناك آخرين يشعرون بالدونية إذا لم تُحل المشكلة "بالقتل" فكلام الناس هو اللي الذي يدفع إلي القتل للهروب من العار.
وفيما يخص العقوبة فإن«جريمة الشرف» يختص بها الزوج فقط، لأنه هو من يحق له تحريك «دعوى الزنا» تجاه زوجته، والإبلاغ عن ذلك، عكس موقف الأب والأخ، من الناحية القانونية، فى ذات الجريمة، حيث يعاقبون بالمواد المقررة قانونًا، سواء بالمؤبد أو الإعدام، وإن الحالة الوحيدة التى نص عليها قانون العقوبات، لحماية الزوج، فى حالة اكتشافه خيانة الزوجة له على فراش الزوجية، وفوجئ بذلك، وترتب عليها قتل الزوجة، هى حالة تسمى فى القانون «جرائم القتل بدافع الشرف» وهى المادة ٢٣٧ من قانون العقوبات وتنص على: من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها، يعاقب بالحبس، بدلًا من العقوبات المقررة فى المادتين ٢٣٤ و٢٣٦».
أى أن الزوج إذا ضبط زوجته مع عشيقها يستفيد من التخفيف فى العقوبة، حيث تصل عقوبته، الحبس من سنة إلى ٣ سنوات، وتعد هذه المادة هى الوحيدة التى تنص على عقوبة مخففة فى جريمة القتل.