الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يوميات مقاتل في الجيش المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جيش إذا ضربت أقدامه أرض بكت وتقهقرت للوراء أمامه أقوى الجيوش

كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفًا فإنهم وأهليهم في رباط إلى يوم القيامه »

فهذا الجيش العظيم هو نبوءة ودعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى.

ولقد شاء الله سبحانه وتعالى وهو الفعال لما يشاء أن تكون مصر أبد الدهر مرابطة على ثغر الإسلام وعلى ثغر العروبة فهي رمانة الميزان وعمود الخيمة وهي للأمة بأسرها بمثابة الرأس من الجسد فكما لا يستقيم الجسد بلا رأس، فلا تستقيم الأمة بلا مصر !

فكانت مصر عبر تاريخها الفياض هي رافعة رايات النصر وهي المدافعة والحامية لهوية أمتها في كل عصر وبهذا جاء القرآن مادحا لها ومخلدا لذكراها في آي الذكر قولًا من رب البرية وقوله لا يقبل التشكيك أو الكسر.

ولقد التحقت بالعسكرية المصرية جنديًا مقاتلا فتعلمت منها كيف يكون الانضباط وكيف يكون الاعتماد على النفس وكيف تكون منتميا لوطنك وهويتك وكيف تتشكل في أعماقك ووجدانك عقيدة المقاتل الذي لا يقبل الهزيمة فإما النصر أو الشهادة .

التحقت بقواتنا المسلحة وحالي كحال أغلبية الشباب من عدم الاعتماد على النفس وكيف كنت قبل ذلك في حياتي الجامعية وقبلها  كل طلباتي مجابة، بل متمردا في الكثير من الأحوال على بعض الملبس والطعام أمام أسرتي خالقا لهم جو من الكدر ومن الفوضى ومحاولتهم ارضائي بكل الطرق والوسائل الممكنة!

 لم تك أسرتي على قدر من الغنى الفاحش وانما أب كريم مكافح طيب الله ثراه كان يحاول جاهدًا توفير الحياة الكريمة لي واشقائي فلم يحوجنا لأحد هذا إلى جانب أم مصرية أصيلة كانت تقوم على شئون منزلنا وحياتنا حريصة على تعليمنا ومتابعة ذلك رغم أميتها متعها الله بموفور الصحة والعافية.

خلاصة القول:

بعد هذه الحياة المدنية والتي حفلت بالرفاهية وجدت نفسي فجأة في معسكر متفرد بين تباب الجبال فلا تكاد تسمع سوى صفير الهواء والرياح حين يتناغم مع الرمال المتحركة والثائرة !

وما هي غير لحظات حتى استلمنا مهامنا أو ملابسنا العسكرية بلغة الجيش كان الزي مموها هو الأقرب إلى لون الرمال التي تحيط بنا من كل جانب !

ثم لم يقطع هذا الصمت والحديث الداخلي سوى صوت قدم من الخلف: ثابت الناس!

كانت رسالة للثبات صفا واحدًا فكان أحد القادة برتبة عميد عرفت فيما بعد أنه قائد المعسكر...

بادرنا بالحديث مرحبًا اننا هنا في عرين الأبطال وفي مدرسة العسكرية المصرية التي تخرج المقاتلين والمدافعين عن الوطن وعن مقدراته وعن ذوينا هناك جيلا بعد جيل وأن الحياة العسكرية تختلف عن الحياة المدنية اختلافا كثيرا حيث هنا تبدأ أولى خطوات الاعتماد على النفس وتعلم الفروسية والاقدام وعدم التراجع...

ثم أردف قائلًا: جئتم هنا من أجل السلام قبل الحرب، من أجل التقدم ومن أجل دفعة عجلة الإنتاج!.

وكأن القائد علم ما يدور بداخلنا من أسئلة من أهمها: كيف هذا وقد جئنا هنا من أجل الحرب ومن أجل ذلك جئنا نتعلم فنون القتال؟

فبادرنا بقوله: إذا لم تك للسلام والإنتاج والاقتصاد قوة رادعة تحميهم فإنهم والعدم سواء!

كان مثقفا للغاية وهذا اتضح من حديثه الفياض

كان بالفعل جنرالا اختلطت لون بشرته بلون الجبال فكان مهاب الملامح، وكأنه أسدًا مرابط في عرينه منتظرًا إشارة البدء تلبية لنداء الوطن هنا أو خارج هنا .

مكثت في العسكرية المصرية قرابة ما يزيد على السنة ولكنها كانت مرحلة فارقة في حياتي حولت مصيري تحويلا كليا...

 تعلمت فيها كيف اكون مقاتلا محترفا وتعلمت فيها كيف يكون الانتماء للوطن أولا وأخيرا وتعلمت فيها القاعدة العريضة التي نقشت على جدران الثكنات العسكرية (نحن لا نستسلم فقط ننتصر أو نموت).

تعلمت منها كيف تكون صاحب قرار في أقل من ثانية وتتحمل نتيجته وحدك .

تعلمت كيف تكون مستيقظا في خدمتك حاملًا سلاحك وتغالب النوم وتنتصر عليه حماية لمن تتناوب على خدمتهم من بعض الأفراد الرقود بجانبك !

تعلمت عمليا ورأيت كيف أن مصر بالفعل دولة كبيرة ولها دروعها البشرية وأسلحتها ومدرعاتها الغاشمة  وأن جيش مصر من أعظم جيوش العالم تعليما وخلقا وتسليحا .

اليوم وأنا أحد كتاب هذا الوطن وقد ساهمت  بمئات المقالات  ولا أزال وسأظل مدافعا بقلمي في حياتي المدنية عن مصريتي وعن قوميتي وجبت شاشات التلفاز مسافرًا ومتنقلا ومترجما عن ذلك...

 فمن حمل السلاح قادر على حمل القلم ومن حمل القلم قادر على العودة إلى مدرسته العسكرية إذا دعاه الوطن في أي وقت للدفاع والذود على حماه ..

حين شاهدت عرض القوات المسلحة المصرية المشرف منذ أسابيع مضت وكيف زاد تسليح مصر تسليحا كبيرا وكيف اهتمت القيادة السياسية بذلك حين جاءت إلى سدة الحكم وكيف كان حديثها الدائم عن أهل الشر وكيف أنها كانت تسابق الزمن استعدادا لما هو قادم ؟

عادت بي الذاكرة للخلف فأحببت أن أنقل لك سيدي القارئ بعض مما عايشته في عرين الأبطال جيشنا الباسل حتى وإن كان ما سطرته ليس بالكثير وانما هو بعض القليل... لأطمئنك أن جيشك جيشا لا يهزم ومضبطة التاريخ خير شاهد على ذلك وهم بالخارج يقرؤون التاريخ جيدًا فيعيدون حساباتهم ألف مره حيال مصر ولقد لقناهم دروسا قاسية قبل ذلك مئات المرات وهم يعلمون ذلك.

وختامًا من اجمل هذه المساجلة القوية بين المعلم وتلميذه 

المعلم للتلميذ: أين تقع مصر؟

التلميذ:مصر لا تقع أبدا

المعلم للتلميذ: أنت لا تقرأ الجغرافيا

التلميذ للمعلم: وأنت لا تقرأ التاريخ