رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وبدأت حرب الأنفاق في غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دلائل كثيرة تؤكد أن أنفاق غزة مازالت بخير، وعلى الجانب الآخر يصرخ الخصم الإسرائيلي من لدغات حماس المؤلمة والفاضحة لأسطورة الجيش الذي لا يقهر.
على سطح الأرض نرى مدينة غزة وهي تتحول رويدا رويدا إلى كومة من الأحجار وطوابير طويلة للشهداء تقترب من ١٩ ألف مدني.. معركة وجه الأرض مختلفة تماما عن معركة الأنفاق، كذبت إسرائيل عندما ادعت أنها تمتلك خريطة كاملة عن أنفاق غزة،  أفكار متعددة طرحتها لتدمير الأنفاق سواء بإغراقها بالمياة أو تفجيرها من الداخل وكل هذا لم يحدث، الأنفاق التي حفرتها حماس أسفل القطاع غزة مازالت بعافيتها، ويقول عنها القريبون من الأحداث إنها "مدينة كاملة تحت الأرض"، وهو الأمر الذي أجبر إسرائيل على خوض معركتين في توقيت واحد الأولى فوق الأرض وهذه نتابعها على الشاشات العربية والثانية تحت الأرض وتذيعها بانتظام القنوات العبرية خاصة قناة آي ٢٤ الإسرائيلية الناطقة بالعربية.
حماس لا تتوقف عن التأكيد على الخسائر المؤلمة لجيش إسرائيل، بينما قادة إسرائيل غارقون في التصريحات التي لم تثبت جديتها على الأرض، أقول في هذه اللحظة أن حماس أفشلت الهدفين اللذين أعلنت إسرائيل عنهما في بداية الحرب وهما عودة المخطوفين والقضاء على حماس، في هذه اللحظة نقول لم يتحقق أي هدف منهما، ولكن من زاوية أخرى بالنظر إلى التدمير الشامل الذي نفذته إسرائيل على سطح الأرض في غزة وبعداد المصابين والشهداء نقول أن إسرائيل متقدمة في الميدان ولكنها لم تنتصر بعد ولم تهزم أيضا في معركتها الميدانية.
وكالة "أسوشيتد برس" قالت في تقرير لها إن شبكة الأنفاق التي بنتها حماس أسفل غزة تمثل "التهديد الأكبر" على القوات الإسرائيلية المتوغلة بالقطاع المحاصر، إذ تشمل أنفاق متعددة للهجوم والتهريب والتخزين والعمليات، هذه التوليفة من أنواع الأنفاق جعلت إسرائيل توكل مهمة القضاء على الأنفاق إلى وحدة الماسة الخاصة الإسرائيلية، وهي وحدة تعتبر نخبة المقاتلين في إسرائيل.
نفس التقرير وصف تلك الأنفاق بأنها "متاهة واسعة" تمتد عبر أحياء مكتظة بمدينة غزة، تهدف لإخفاء عناصر حماس وترسانتهم الصاروخية، مشيرة إلى أن القتال تحت الأرض من شأنه أن يجرد الإسرائيليين من المزايا التكنولوجية، بينما يعطي ميزة لحماس فوق الأرض وتحتها.
سنوات طوال عكفت فيها حماس على بناء مدينتهم تحت أرض قطاع غزة، وفي تقديرات البعض بلغ عدد الأنفاق نحو ١٣٠٠ نفق، تقع في أعماق مختلفة إذ يصل أقصى عمق إلى نحو ٧٠ مترا تحت الأرض، في تلك السنوات عاشت إسرائيل في وهم القبة الحديدية والجدار الفاصل وكاميرات المراقبة، هذا الوهم الذي إنهار في صباح ٧ أكتوبر الماضي جعل حرب إسرائيل ضد حماس وشعب غزة أقرب إلى الحرب الانتقامية، وهذا النوع من الحروب هو الأسوأ على الإطلاق.
خريطة الأنفاق الجهنمية دفعت إسرائيل إلى مائدة التفاوض ولا بديل عن صفقة عادلة وإذا كانت الحرب في رأي البعض وجهًا آخر للسياسة فلا مفر في نهاية المطاف للوصول إلى السياسة المباشرة وقتها سوف يطلع لنا وجه فلسطيني بإسم حقيقى غير حركي يفرض الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وإذا ماحدث هذا قد تتوقف الدماء ونرى دولتين لشعبين.
خالد حريب: كاتب صحفى