الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ضيوف مصر| من «قوز بيدا» في تشاد لـ«قاهرة المعز».. رحلة حب وعمل ودراسة لـ 5 سنوات

 الشاب التشادي محمد
الشاب التشادي محمد نور آدم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"المعيشة في مصر مُمتعة وبسيطة وغير معقدة.. أنا أعتبرها بلدي الأول وأهلها عائلتي؛ فالناس في مصر بشوشين طيبين يتقبلون الآخر ويرحبون بنا في كل مكان ونعيش بينهم في أمان وسلام وطمأنينة دون أي ازعاج أو تعد".. هكذا بدأ الشاب التشادي محمد نور آدم حديثه مع "البوابة نيوز" عن حياته في مصر منذ أكثر من 4 سنوات على التوالي بدأها في التعلم بالأزهر الشريف حتى تخرج في كلية التربية والعمل في التدريس بإحدي المدارس السودانية في القاهرة.  

ويقول "نور" صاحب الـ 26 عامًا  والذي وصل إلى مصر عام 2019 بمنحة من الأزهر الشريف للدراسة في جامعته؛ وينتظر استكمال الإجراءات لبدء دراسة الماجستير؛ أتممت التعليم الابتدائي في 6 سنوات بقرية قوز بيدا بمسقط رأسي في تشاد؛ ثم انتقلت لمرحلة حفظ القرآن فتركت الدراسة النظامية.. ويضيف؛ تقدمت للمنحة الأزهرية ولكن تأخرت لمدة عامين وقد تعلمت الدراسات الإسلامية والعربية حتى وصلت مصر عام 2019؛ مؤكدًا أن المنحة يتكفل بها الأزهر بنسبة 100% حتى في مطار القاهرة استقبلتنا سيارة خاصة من مدينة البعوث الإسلامية. 

ويسرد الشاب التشادي تجربة الحياة في مصر لأكثر من 4 سنوات على التوالي بين الدراسة والعمل؛ ويقول: "المعيشة في مصر مُمتعة وبسيطة وغير معقدة.. أنا أعتبرها بلدي الأول وأهلها عائلتي؛ فالناس في مصر بشوشين طيبين يتقبلون الآخر ويرحبون بنا في كل مكان ونعيش بينهم في أمان وسلام وطمأنينة دون أي ازعاج أو تعد"؛ مشيرًا إلى أن أكثر ما يُميز الشعب المصري عملهم الدؤوب والرضا؛ فالناس يعملون ليل نهار غير بعض الشباب في تشاد يعتمدون على أسرهم.

ضيوف مصر 

وبالحديث عن تشاد التي تحدها 6 دول وتقع في منتصف القارة الأفريقية وتتجاوز مساحتها المليون كيلو متر مربع ويقطنها أقل من 20 مليون مواطن؛ يقول "نور": الإسلام هو الدين الرسمي في البلاد بنسبة تتجاوز الـ 85%؛ ونحو 10% من المسيحيين أما الـ 5% الآخرون  اللادينيون ويعيشون في الغابات؛ وتعد اللغة العربية هي الأصل في تشاد؛ ولكن تختلف اللهجات لما يزيد علي 150 قبيلة؛ ولكن أكثر سكان بلاده يقيمون في المناطق الجنوبية والشرقية لرطوبتها. 

 

ويُضيف القبائل العربية هي الأشهر في تشاد وهم كثر جدًا ولكل قبيلة عاداتها وثقافتها وتقاليدها؛ وتتميز القبائل العربية بتربية المواشي وتجارتها ويتنقلون بين مكان وآخر ولا يستقرون في منطقة محددة؛ ولكن قبائل القرعان التبو يعيشون في الصحراء ولا يعيشون في المدن نهائيًا ويتميزون بتربية الجمال؛ وهناك قبائل أخرى لايُفارقون المياه ويعيشون حول بحيرة تشاد وتعتمد حياتهم على صيد الأسماك وأكلها. 

وحول الحياة اليومية في بلادهم؛ ففي السادسة صباحًا يبدأ اليوم بتناول الشاي والقهوة مع "الفنجاسو" (وتشبه الزلابية وتصنع من الدقيق) ويكون هذا إفطار خفيف قبل التحرك إلى المدارس والأعمال؛ على أن يكون الغداء في الواحدة ظهرًا وهو موعد مُقدس لا يمكن التخلف عنه إلا في الضرورة القصوى؛ مؤكدًا أن تناول الغداء والعشاء يكون مُجمعا ولا يمكن أن يتناول شخص بمفرده الطعام أو في الشارع ويرفض المجتمع هذا التصرف. 

 الشاب التشادي محمد نور آدم

وعن موائد الطعام المُجمعة يوميًا في تشاد؛ يقول "نور" إن الملتقى العائلي اليومي يضم أكثر من 10 منازل بأسرهم ويسمى «الدبلادي» ويُقام فيه يوميًا موائد العشاء المُجمعة وتبدأ في الـ 6 مساءً وحتى العاشرة؛ فكل منزل يأتي بالطعام الذي أعده للعشاء؛ ويتجمع الناس للأكل سويًا ويمنع منعًا باتًا التخلف عن الدبلاي أو العشاء مُنفردًا حتى غير المتزوجين الذين لا يجدون من يطبخ لهم يأتون الدبلاي ويأكلون دون أي سؤال.. فهم من بين أحد أفراد المنطقة أو حتى وإن كان من عابري السبيل. 
يؤكد الشاب التشادي لـ "البوابة" أن الكرم أكثر ما يُميز الشعب التشادي وهو محل تفاخر بينهم؛ فإذا كنت عابر سبيل باستطاعتك أن تطرق أي منزل وعلى أهله أن يستقبلونك المدة التي تشاؤها يقدمون لك الطعام والشراب وكل مستلزمات الحياة دون أي مُقابل؛ مؤكدًا أن كل المنازل يُخصص غُرفا للضيوف لاستقبال الأقارب والضيوف وعابري السبيل. 

 

ويحكي الشاب تجربته التي امتدت 6 سنوات ضيفًا على أحد أقاربه في العاصمة التشادية؛ قائلًا: "لا يوجد في العاصمة إنجامينا سكن طلاب مثل مصر؛ وحين انتقلت للدراسة بالعاصمة نزلت عند أحد الأقارب لمدة 6 سنوات؛ تكفل خلالها بكل شيء بداية من الإيواء والطعام والشراب وحتى مصاريف المواصلات والدراسة؛ فكان بمثابة الأب؛ وهو أمر معتاد عن الشعب التشادي وليس عند الأقارب فقط؛ مؤكدًا أن هذه الإقامة والمصاريف واجب ضيافة ومن العيب الشديد أن تقدم الأموال لصاحب المنزل الذي استضافك عنده.

وعن أغرب عادات الزواج في بلاده؛ فإن الأغرب على الإطلاق هو زواج الشاب بعقد رسمي من الفتاة؛ ولكن يوم العريس لا تُزف إلى عريسها بل يقوم العريس بخطفها من أي مكان في الشارع ولا تعود مرة أخرى لبيت أهلها إلا بعد عام كامل.

ويضيف أن الزواج غالي جدا في بلاده ويختلف من قبيلة لأخري، ولكن الزوجة الأولى تكون من اختيار الوالدين، أما الزوجة الثانية والثالثة والرابعة فالخيار يكون لك وحدك، مشيرا إلى أن الطبيعي والعادي تعدد الزوجات وليس العكس، ويكون للزوج متعدد الزيجات ذا قيمة وتقدير وكلمة وثقل وفخر بين الناس، أما الزوج بسيدة واحدة فهو أمر غريب جدًا ويجعل الناس تتحدث عنك وتُصبح محل تساؤلات كثيرة ويُقلل من شأنك وتقديرك بين الناس. 

 

ورغم ارتفاع تكاليف الزواج إلا أن التعدد الأصل في الزواج، ويقول: إذا أردت أن تتقدم لأي فتاة فعليك أن تدفع «سلام» وهو مبلغ مالي أقل شيء 10 آلاف جنيه ولا يسترد هذا المبلغ سواء كان بالرفض أو القبول من ناحية العروسة، مشيرا إلى أن الموافقة من العروسة يتبعه عقد الزواج ولكن يمنع نهائيا الخروج مع زوجتك أو التحدث معها إلا في حضور أحد أفراد أسرتها وذلك حتى يوم الزفاف. 

وفي يوم العرس يأتي أهل الزوجة ويقدمون العديد من الرقصات، ولا يمكن أن تدخل منزل الزوجية بالعروس إلا إذا دفعت مالًا لأهل الزوجة حتى يقوموا بإنزال العروسة من حفل الزفاف ويسلموها لك، وفي الصباح الباكر من يوم العروس يأتي أهل العروسة ويقدم لهم وليمة طعام كبيرة ويقومون بالرقص، وبعد ذلك يدخل العروس برفقة العروسة منزلهما ولا يخرجون منه إلا بعد 7 أيام متواصلة، وذلك بعد قدوم أهل العروسة مرة أخرى وتقدم الوليمة ولكن هذه المرة دون رقص.