الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ألكسندر عون يكتب: سياسة الكرملين على المحك.. روسيا لاعب أساسى فى الشرق الأوسط

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بفضل علاقاتها مع جميع اللاعبين الإقليميين، تتمتع الدبلوماسية الروسية بمكانة مميزة في الشرق الأوسط. وبغض النظر عن الصراعات والتوترات المنتظمة، فإن لموسكو علاقات مع جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الجهات غير الحكومية مثل حماس وحزب الله. وفقًا للمثل القديم، الدبلوماسية هي فن التحدث إلى الجميع، مؤخرًا ألقى رئيس الدبلوماسية الفرنسية السابق دومينيك دو فيلبان، درسًا في السياسة الواقعية، قال دومينيك دو فيلبان، رئيس وزراء جاك شيراك السابق، في ٢٧ أكتوبر: «يتعين على الغربيين أن يفتحوا أعينهم على حجم الدراما التاريخية التي تجري أمامنا حتى يتمكنوا من العثور على الإجابات الصحيحة». ومن خلال ميكروفون راديو RMC، حذر الرجل الذي رفض المشاركة في الحرب على العراق، من عدة فخاخ يقع فيها الغربيون، على حد قوله، في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس، كما نبه إلى خطر العتاد العسكري واتساع نطاق الصراع في المنطقة، يضاف إلى ذلك في نظره خطر التغرب، وكذلك الأخلاق.

وقال الدبلوماسي السابق، الذي مثل فرنسا في عدة دول كسفير: «لدينا، بطريقة ما، دليل من خلال ما يحدث في أوكرانيا وما يحدث في الشرق الأوسط، على هذا المعيار المزدوج الذي يتم إدانته في جميع أنحاء العالم تصور غربي يصدم الأمم الأخرى»، ويوحهون اللوم هو نفسه دائمًا، في إشارة إلى رحلاته حول العالم.

وقيل له: «أنت تستنكر ما حدث في أوكرانيا، ولكنك خجول للغاية في مواجهة الدراما التي تجري في غزة»، ويتحدث «فيلبان» أيضًا عن مظالم الدولة اليهودية: «على مدى ٧٠ عامًا حتى الآن، تم تمرير قرارات الأمم المتحدة عبثًا ولم تحترمها إسرائيل».

من الضروري ألا تنعزل عن أي شخص على الساحة الدولية

ويعتقد الوزير السابق، أن مثل هذا الخطأ في التصور يمكن أن يكلف المستشاريات الغربية غاليًا، وشدد على أن القضية الفلسطينية تبقى بالنسبة للشعوب العربية أم المعارك، داعيًا إلى عدم قتل المستقبل، ويضيف: «لقد نصبتنا حماس في فخ الرعب الأقصى»، قبل أن يذكر أن الإدانة الأخلاقية لما فعلته «حماس» يجب ألا تمنعنا من المضي قُدمًا سياسيًا ودبلوماسيًا بطريقة مستنيرة.

ويتابع «دو فيلبان»، قائلًا، إننا نسير فى طريق مسدود، رافضًا الحل العسكري: «هناك أشياء لا يعرف أي جيش في العالم كيف يفعلها، وهي تحقيق النصر في معركة غير متكافئة»، ويصر على أن الحرب ضد الإرهاب لم يتم تحقيق النصر فيها قط في أي مكان، مؤكدًا مرة أخرى على الدوامات الدراماتيكية التي تنجم عن القتال.

«انظر إلى ردود الفعل في إندونيسيا، وفي أفريقيا، ونيجيريا، كل ذلك يشكل كلًا واحدًا»، ثم يوضح: «هذا هو العالم الجديد الذي نعيش فيه، مع العلم أننا اليوم لم نعد في موقع قوة، ولسنا قادرين على إدارة كل هذا بمفردنا كرجال شرطة العالم».

وفي الختام: «هنا من الضروري ألا ننقطع عن أي شخص على الساحة الدولية»، في إشارة إلى منافسة بكين، التي ميزت نفسها دبلوماسيًا في الربيع الماضي بالسماح بتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، حتى الآن. ويضيف عندما يسأله الصحفي عما إذا كانت رغبته في الانفتاح تشمل الروس: «إذا تمكن الروس من تقديم مساهمة من خلال تهدئة عدد معين من الفصائل في هذه المنطقة، فإن ذلك سيسير في الاتجاه الصحيح».

وهذا ما تفعله موسكو بالفعل، لقد أكد الكرملين زيارة وفد من حركة غزة في ٢٦ أكتوبر الجاري، ومن خلال استقبال مسؤولين من «حماس»، بما في ذلك موسى أبومرزوق، تضع روسيا نفسها كوسيط فعلي للإفراج عن الرهائن الأجانب ودعم وقف إطلاق النار في غزة، بينما تشتبه الصحافة الأوكرانية والأمريكية في أن موسكو قدمت أسلحة وأموالًا لحركة غزة استعدادًا لهجومها في ٧ أكتوبر.

وقالت الدبلوماسية الروسية: «جرت اتصالات مع الوفد امتدادًا للخط الروسي الهادف إلى الإفراج الفوري عن الرهائن الأجانب الموجودين في قطاع غزة، كما تمت مناقشة القضايا المتعلقة بإجلاء المواطنين الروس والأجانب من أراضي الجيب الفلسطيني».

موسكو لاعب رئيسي في إطلاق سراح الرهائن

وعلى الرغم من الإدانات القوية من الجانب الإسرائيلي عقب هذا اللقاء، فإن الدبلوماسية الروسية تؤكد بقاءها مخلصة لخطها الرامي إلى وضع حد للعنف وتحرير الرهائن المحتجزين في غزة، وجاء في بيان نُشر في ٢٧ أكتوبر على الموقع الإلكتروني للخارجية الروسية في موسكو، إننا نعتبر المحاولات غير المقبولة لاتهامنا بدعم الإرهاب، تمثل تشويهًا وتحريفًا لمواقفنا المبدئية والتشكيك في عمل بلادنا الحازم لحل القضايا الإنسانية الحرجة.

وفي هذا الصدد، وفي أعقاب زيارة حماس لموسكو، أكدت الحركة الإسلامية في غزة أنها تحاول تحديد مكان احتجاز ثمانية رهائن يحملون الجنسيتين الروسية والإسرائيلية في غزة من أجل إطلاق سراحهم.

وتماشيًا مع سياستها في الشرق الأوسط، تتصرف روسيا بروح عملية ولا ترغب في تنفير أي من الأطراف الفاعلة، وتحتفظ موسكو بعلاقات اقتصادية وثقافية ودبلوماسية مهمة مع الدولة اليهودية، لكن هذا لا يمنعها من الحفاظ على اتصال مباشر مع «حماس».

وقال إن تنفير الحركة الإسلامية هو تنفير لجزء كبير من الرأي العام العربي الإسلامي. والاختيار الدقيق للكلمات من قبل الدبلوماسية الروسية ليس بالأمر الهين، فهي تدين تصرفات «حماس» بينما تأمر الجيش الإسرائيلي بوقف القصف على المناطق المدنية في قطاع غزة، وكانت روسيا أيضًا الدولة الأولى، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، التي طلبت، في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقفًا فوريًا لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة.

روسيا هي الدولة الوحيدة التي تتحدث مع جميع الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط، حتى الجهات غير الحكومية. منذ الحرب في أوكرانيا، أصبحت قريبة بشكل متزايد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولديها اتصالات مع كوادر حزب الله اللبناني، وتحافظ على علاقات ممتازة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومع الرئيس الإماراتى محمد بن زايد، وتحمي وجودها في سوريا وتعتزم الحفاظ على وجودها في سوريا، وتواصل تطوير التجارة مع كافة دول الخليج. إن فهمها للقضايا والتحديات الإقليمية ومكانتها الدولية يعني أن روسيا يمكنها أن تحاول استيعاب حماسة طهران وتل أبيب.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن روسيا تتبنى وجهة نظر معاكسة للسياسة الأمريكية. كما أشار بوتين إلى مسئولية واشنطن في الصراع الدائر. إن الشرق الأوسط هو أمر أساسى تمامًا بالنسبة للفكر الروسي.

وبالإضافة إلى دور مصر التاريخي في التوسط في النزاعات بين «حماس» وإسرائيل، أصبحت موسكو أكثر من أي وقت مضى لاعبًا رئيسيًا في حل النزاعات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ألكسندر عون: صحفي فرنسي لبناني مُتخصص في قضايا الشرق الأوسط، يكتب سياسة الكرملين فى منطقة الشرق الأوسط، والتي تختلف تمامًا عن السياسة الأمريكية، ويستعرض نتائج زيارة وفد حماس إلى موسكو الشهر الماضى.