رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

محطات بارزة فى قضية العرب المركزية.. مؤتمر بازل نواة المؤامرة اليهودية ضد فلسطين.. انتفاضة الحجارة تقود عرفات إلى أوسلو.. و«الأقصى» تنتهى بوفاته.. حماس والسلطة عنوان للانقسام الفلسطينى

فلسطين
فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد قضية فلسطين سلسلة متصلة من الأزمات والمآسى والاتفاقيات المنقوضة والوعود الواهية وهى تشبه "حوار الطرشان" بين أناس يطلبون الحد الأدنى من حقوقهم، وأناس يرفضون التنازل عن أشياء لا حق لهم فيها.

من صلاح الدين إلى ألنبي

وبالعودة إلى صفحات التاريخ تخبرنا كيف أعاد الناصر صلاح الدين الأيوبى مدينة القدس إلى المسلمين فى أكتوبر من عام ١١٨٧، بعد دحر الحملة الصليبية إلا أن دأب الصليبيون ومن بعدهم الغرب طوال العقود التالية لهذا التاريخ، لاستعادة السيطرة على القدس استمر حتى عام ١٩١٧ حينما وصل الجيش البريطانى بقيادة الجنرال أدموند أللنبى، لتؤول لبريطانيا السيطرة على الشام وفقا لاتفاقية سايكس بيكو الموقعة فى مايو ١٩١٦ بين فرنسا وبريطانيا.

ولم يكن وصول ألنبي، إلى القدس وليد الصدفة فقد سبقه بعشرين عاما انعقاد أول مؤتمر صهيونى فى مدينة بال السويسرية عام ١٨٩٧ لمدة ثلاثة أيام، برئاسة الصحفى النمساوى اليهودى تيودور هرتزل، وبدأت الحركة الصهيونية تطالب بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين.

وخرج المؤتمر بمقررات أبرزها، تشجيع الاستعمار اليهودى فى فلسطين، والقيام بمساعٍ مختلفة لدى الحكومات للحصول على موافقتها على تنفيذ الأهداف الصهيونية.

كان ذلك المؤتمر هو استهلال لما سيعرف بعد ذلك بـ"القضية الفلسطينية" التى باتت قضية العرب الأولى، على مدار أكثر من قرن من الزمان.

صدور وعد بلفور

وبعد أقل من شهر واحد على وصول ألنبى إلى القدس، أصدرت بريطانيا وعد بلفور فى نوفمبر من عام ١٩١٧ والموصوف بـ"وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، وجاء نصه: "عزيزى اللورد روتشيلد: يسرنى جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالى الذى ينطوى على العطف على أمانى اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة وأقرته.

وتابع نص القرار: “إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة فى فلسطين ولا بالحقوق أو الوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى البلاد الأخرى، وسأكون شاكرًا لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيونى علمًا بهذا التصريح”.

بلفور

وفى وقت صدور هذا الوعد المشئوم، كان الفلسطينيون يمثلون ٩٢٪ من مجموع السكان، ومن الملاحظ فى فترة الحكم العثمانى أن السلطة العثمانية لم تعارض إقامة اليهود فى أراضيها ولكنها كانت تعارض هجرتهم إليها من الدول الأخرى والتوجه إلى فلسطين تحديدًا، فمنذ البداية أصدر "الباب العالي" التعليمات إلى قناصله بإبلاغ اليهود الراغبين فى الهجرة إلى فلسطين، بعدم السماح لهم بالاستيطان فى فلسطين كأجانب، وأن عليهم اكتساب الجنسية العثمانية والالتزام بالقوانين السارية فى الولايات التى يرغبون الإقامة فيها، لكن وبرغم الموقف الرسمى للحكومة العثمانية كان هناك ازدياد ملحوظ للنشاط الاستيطانى اليهودى فى فلسطين بطرق ملتوية من خلال دعم القناصل الأجانب لهم، ولم يتوان اليهود يوما عن محاولات شراء الأراضى وإقامة المستوطنات عليها.

ورغم ذلك ازداد نشاط القوى السياسية الصهيونية وتعزز الاستيطان الصهيونى خلال "الهجرة الثانية" خلال الفترة (١٩٠٤-١٩١٤م)، وساعد على ذلك فساد جهاز الدولة العثمانى فى ذلك الوقت وتواطؤ بعض العثمانيين مع الحركة الصهيونية، ونشاطات قناصل الدول الأجنبية لصالحها.

الانتداب على فلسطين

وفى ٢٤ يوليو من عام ١٩٢٢ أصدرت عصبة الأمم صكا رسميا ينص على أن الدولة المنتدبة على فلسطين هى بريطانيا، وهى وثيقة بمثابة تكليف لبريطانيا بتنفيذ وعد بلفور واستمر الانتداب البريطانى حتى ٢٧ نوفمبر ١٩٤٧ وهو تاريخ صدور قرار التقسيم.

الهجرة بعد وعد بلفور

كان وعد بلفورد والانتداب البريطاني، أمرين يمثلان حصانة لليهود بالهجرة إلى الأرض العربية فى فلسطين، وتحضيرا لإعلان دولتهم المزعومة، وفى السنوات العشر الأولى للانتداب دخل فلسطين، ما يقارب (٧٦٤٠٠) مهاجر يهودى جاء غالبيتهم من بلدان أوروبا الشرقية، ومع نشاط الهجرة المتزايد إلى فلسطين أدرك العرب ضرورة مقاومة الصهيونية وتحيز السلطات لها، فتفجرت الثورة التى كانت شرارتها هى حادثة البراق فى ٢٤ سبتمبر ١٩٢٨، بعد ١١ عاما على صدور وعد بلفور.

وبدأت شرارة الأحداث حينما حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربى للمسجد الأقصى الذى يملكه المسلمون، وهو ما أسفر عن حشد التأييد العربى للقضية الفلسطينية من الأقطار العربية، وكانت بداية ما عُرف بثورة البراق التى شهدت أحداثا دامية كان على أثرها مداهمة العرب للتجمعات اليهودية فى الخليل ونابلس وبيسان وصفد، وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمةً أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب، واستنجدت بقوات من مصر واستخدمت الطائرات وقوات المشاة والمدرعات إضافةً لإطلاق النار المباشر، وألحقت الدمار بقريتى لفتا ودير ياسين وغيرهما، وقدم للمحاكمة ما يزيد على الألف شخص معظمهم من العرب، كما صدر الحكم بإعدام (٢٦) شخصًا بينهم (٢٥) عربيًا ويهودى واحد.

واستمرت معدلات الهجرة إلى فلسطين، فى التنامى ووصلوا فى عام ١٩٣٠ إلى (١٠٤.٧٥٠)، ووصل خلال الستة أعوام التالية إلى (٢٨٤.٦٤٥) أى بزيادة تعادل (١٦٤ ٪)، وهذه الأرقام لا تتضمن الأعداد التى دخلت البلاد بطرق غير شرعية.

مؤتمر إسلامى ١٩٣١

ولما تداركت الدول الإسلامية، الخطر الذى يهدد الأرض العربية فى فلسطين، عقد مؤتمر إسلامي فى ليلة الإسراء والمعراج بتاريخ (٢٧ رجب ١٣٥٠هـ) الموافق ٧ ديسمبر ١٩٣١ حضره ممثلون عن ٢٢ بلدًا إسلاميًا، ولفيف من الشخصيات البارزة فى العالم العربي، وخلال افتتاحية المؤتمر أكد المفتى "محمد أمين الحسيني" على أهمية فلسطين والأقصى فى العالم الإسلامى كما أكد المؤتمر شجبه للصهيونية والسياسة البريطانية فى فلسطين والهجرة اليهودية إليها، وكان من قرارات المؤتمر إنشاء جامعة إسلامية فى القدس ومقاطعة جميع المصنوعات الصهيونية فى الأقطار الإسلامية وتأسيس شركة زراعية فى فلسطين لإنقاذ أراضى المسلمين.

 

 

 

ثورة ١٩٣٦

تعد ثورة ١٩٣٦ إحدى العلامات الفارقة فى تاريخ فلسطين، وانطلقت الثورة فى فبراير ١٩٣٦ وكانت شرارتها رفض مقاول بناء يهودى تشغيل أى عامل عربى فى بناء ثلاث مدارس فى يافا كان قد تعاقد على بنائها مع الحكومة، وتجمع على أثر ذلك العمال العرب فى موقع المدرسة ومنعوا العمال اليهود من الوصول إليه، وفى ١٥ أبريل قتل يهودى وأصيب آخر بجراح خطيرة، ورد اليهود على ذلك بذبح قرويين عرب داخل بيوتهم فكانت تلك البداية، حيث تصاعدت أعمال العنف واشتد التوتر فى شتى أنحاء فلسطين، وبسبب تصدى الجيش البريطانى للمظاهرات العربية، حيث أردى العديد من القتلى فى صفوف  العرب وكذلك الجرحى وأعلن الإضراب العام فى جميع أنحاء فلسطين، وازدادت حركة المقاومة الشعبية، حيث أخذت شكل جماعات وتمركزت فى الجبال وانضم لهم العديد من المتطوعين العرب شرقى الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وتحولت مجموعات المقاومة إلى ثورة شعبية مسلحة تساندها كل فئات الشعب، واتخذت الثورة أساليب متنوعة مثل تدمير الجسور ونسف السكك الحديدية وتدمير أنابيب النفط ومهاجمة الثكنات العسكرية وضرب مواقع الجيش البريطاني، كما استخدم البريطانيون الطائرات والمدرعات والمدفعية فى كثير من الأحيان للتصدى وقمع تلك الثورة، مما زاد من ثورة الشعب.

نواة مشروع التقسيم

كانت بوادر الحديث عن تقسيم فلسطين قبل إنشاء مجلس الأمن الدولى بثمانى سنوات حيث نشرت اللجنة الملكية البريطانية والتى كان يرأسها اللورد "بل"  فى ٧ يوليو ١٩٣٧ تقريرًا تناول عرض وجهة نظر كل من زعماء العرب واليهود وأوصت اللجنة بأنه لا يمكن حل مشكلة فلسطين إلى على أساس اقتراح مشروع تقسيم فلسطين.

وتضمن التقرير عدة نقاط هي:

١- إنشاء دولة يهودية تقسم القسم الشمالى والغربى من فلسطين، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبى يافا، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبرية والناصرة وتل أبيب وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.

٢- تقع الأماكن المقدسة تحت الانتداب البريطانى بما فيها (القدس وبيت لحم) يصلهما ممر بيافا وتشمل اللد والرملة والناصرة أيضًا ودولة الانتداب مكلفة بحماية هذه الأماكن.

٣- تضم الأراضى الفلسطينية (القسم الجنوبى والشرقى من فلسطين) ومنها مدينة يافا إلى شرق الأردن وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.

٤- تدفع الدولة اليهودية مساعدة مالية للدولة العربية وتمنح بريطانيا مليونى جنيه إسترلينى للدولة العربية.

٥- يجرى ما يسمى بتبادل السكان بين الدولتين العربية واليهودية، وينقل العرب من الدولة اليهودية إلى الدولة العربية وعددهم (٣٢٥) ألفًا بشكل تدريجى وتهيئ لهم أرضا فى منطقة بئر السبع بعد تحقيق مشاريع الري.

٦- تعقد معاهدة جمركية بين الدولتين لتوحيد الضرائب بينهما على أكبر كمية ممكنة من البضائع المستوردة.

وكان الرد العربى الفلسطينى على قرار التقسيم هو الاستمرار فى الثورة ما حدا بتأجيل طرح قرار التقسيم، وبقيت الثورة مشتعلة حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.

استدارة صهيونية إلى الولايات المتحدة

استمرت بريطانيا ممسكة بتلابيب القضية الفلسطينية، حتى انتهت الحرب العالمية الثانية فى عام ١٩٤٥ والتى خلقت نظاما عالميا جديدا، وأدركت الحركة الصهيونية آنذاك أن بريطانيا باتت قوة منهكة وبدأت الكفة تميل ناحية الولايات المتحدة التى قلبت موازين القوى فى الحرب العالمية.

لتبدأ الحركة الصهيونية فى مضاعفة نشاطها السياسى فى الأوساط الأمريكية العليا على اعتبار أنها الوحيدة التى بمقدورها ممارسة الضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالب الصهيونية، وبالفعل تمكنوا من استمالة الرئيس الأمريكى "هارى ترومان" الذى ما أن استقر فى البيت الأبيض حتى وجه رسالة إلى رئيس الوزراء البريطانى "تشرشل" فى ٢٤ يوليو ١٩٤٥، كما طلب من رئيس الوزراء البريطانى الجديد "أتلي" فى رسالة وجهها له فى ٣١ أغسطس ١٩٤٥ بإدخال مئة ألف يهودى إلى فلسطين.

معركة مشروع التقسيم ١٩٤٧

وفى سبتمبر من عام ١٩٤٧ شكلت لجنة فى الأمم المتحدة بناء على طلب من الحكومة البريطانية وأطلق عليها لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين "انسكوب" "UNSCOP" وتكونت اللجنة من ١١ عضوا بعد استبعاد الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية فى مجلس الأمن بحجة أن اشتراكها قد يفضى إلى وضع تقرير متحيز.

واختير الأحد عشر عضوا من دول "أستراليا والسويد وكندا والهند وتشيكوسلوفاكيا وإيران وهولندا وجواتيمالا وبيرو والأورجواى ويوغسلافيا"، وعيّن القاضى "أميل ساندوستروم" السويدى رئيسًا للجنة، على أن تقدم تقريرها في سبتمبر ويكون التقرير شاملًا لحل المشكلة بما تراه اللجنة من مقترحات.

واحتج العرب على إرسال لجنة أخرى إلى فلسطين وتم التصويت ضد القرار وكان تشكيل اللجنة فى حد ذاته يمثل تحيزًا ضد العرب، لأن بعض أعضائها معروفون بميولهم للصهيونية أو يقعون تحت الضغط الأمريكي.

وأنهت اللجنة تقريرها فى ٣١ أغسطس ١٩٤٧ وعرضته على الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان التقرير قد اشتمل على إحدى عشرة توصية تتضمن رؤيتها لتقسيم فلسطين.

- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة، بحيث يكون ما يقارب ٥٦٪ منها لليهود، كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية.

أعلنت الهيئة العربية العليا رفضها لتلك المشاريع، وفى اليوم التالى من نشر التقرير عبرت "جولدا مايرسون مائير" ممثلة الوكالة اليهودية عن قبولها الضمنى بمشروع الأكثرية.

فيما عبر العرب عامة وعرب فلسطين خاصة عن استيائهم الشديد من هذا المشروع، وخرجت الشعوب العربية بكاملها فى مظاهرات رافضة لمشروع التقسيم فى العراق وسوريا ولبنان ومعظم الأقطار العربية وعلى أثر ذلك سارعت اللجنة السياسية فى جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع لها فى صوفر بلبنان فى ٦ سبتمبر ١٩٤٧ لدراسة محتوى تقرير اللجنة واتخاذ موقف سياسى عربى موحد، وعلى غرار الاجتماع تم اتخاذ قرارات لمواجهة هذا المشروع.

وفى الأرض العربية بفلسطين، قاوم السكان، استيطان اليهود واتسعت وشملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة استخدمت فيها كل الأسلحة وراح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى.

وبسبب هذه الاضطرابات الخطيرة انعقد مجلس الأمن الدولى فى ١٩ مارس ١٩٤٨ للنظر فى الحالة الخطيرة التى آلت إليها الأوضاع فى فلسطين، اتضح أنه وإزاء هذه الأوضاع لا يمكن العمل على تنفيذ مشروع التقسيم بالطرق السلمية، ويجب أن يتم تنفيذ المشروع، وهنا قرر اليهود إحباط كل محاولة يقوم بها مجلس الأمن قد تبطل مفعول قرار التقسيم ولوضع الأمم المتحدة أمام الأمر الواقع بدأ اليهود هجومهم المسلح  فى عملية "نخشون" ونجم عنها الاستيلاء على قرية القسطل العربية فى قضاء القدس.

وفى ٩ أبريل ١٩٤٨ استطاع عبد القادر الحسينى والمجاهدون معه فى معركة حربية قوية طرد اليهود من القسطل، حيث سقط شهيدًا فيها، فعاد اليهود بعد ساعات مستغلين تشييع المواطنين والمجاهدين لزعيمهم واحتلوا القرية بعد أن دمروها كاملة.

وفى نفس الوقت وكجزء من خطة الهجوم بادر الصهاينة إلى تدبير مذبحة "دير ياسين" الواقعة قرب القدس، حيث اقتحموا القرية بالأسلحة الثقيلة ومثلوا بأهلها فراح ضحية هذه المجزرة ٢٥٠ فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال، ووصف الكاتب اليهودى "جون كيمي" هذه المذبحة المريعة بأنها "أبشع وصمة فى تاريخ اليهود".

كان الانجليز عونًا لليهود فى تحقيق مآربهم، حيث قاموا بتدريبهم خلال فترة الانتداب ومدهم بالسلاح، وكلما انسحبوا من منطقة فى عام ١٩٤٨ سلموها إلى اليهود وانتهت هذه الفترة من عام ١٩٤٨والتى سميت بالنكبة باحتلال اليهود لمعظم أراضى فلسطين وتهجير مواطنيها باستثناء غزة والضفة الغربية ومدينة القدس الشرقية.

فى غضون ذلك كان البيت الأبيض قد استدعى ممثل الوكالة اليهودية فى واشنطن "إلياهو ايشتاين"، وتم إبلاغه بأن الولايات المتحدة قررت أن تعترف اعترافًا واقعيًا باستقلال إسرائيل شرط أن تتلقى واشنطن طلبًا بهذا الاعتراف.

وفى الساعة السادسة تمامًا حسب توقيت واشنطن أعلن نبأ نهاية الانتداب على فلسطين، وفى الساعة السادسة ودقيقة واحدة أُعلن قيام دولة إسرائيل وفى الساعة السادسة وإحدى عشرة دقيقة اعترفت الولايات المتحدة بدولة إسرائيل.

النكبة الفلسطينية ١٩٤٨

كان إعلان دولة إسرائيل فى ١٤ مايو ١٩٤٨ بداية النكبة الفلسطينية، التى نتج عنها لجوء السكان العرب فى المناطق التى وقعت تحت سيطرة اليهود، باستثناء بعض المناطق التى بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية إذ أطلق عليها مصطلح "الضفة الغربية" و"قطاع غزة" و"القدس الشرقية - منطقة الأماكن المقدسة"، كما تسببت هذه الحروب بطرد نحو مليون فلسطينى ليعيشوا لاجئين فى البلدان العربية المجاورة، كما كان لهذه الحروب آثارها الاجتماعية على المجتمع الفلسطينى حيث أدت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله.

وفى عام ١٩٥٦ وقع قطاع غزة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلى الذى شن عدوانا ثلاثيا على مصر بالاشتراك مع فرنسا وبريطانيا بعد تأميم الزعيم جمال عبد الناصر لقناة السويس.

ناصر وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية

بعد كل الظروف التى أحاطت بالقضية الفلسطينية عبر الحقب التاريخية المختلفة، وفى ظل الضعف العربى وإخفاقه فى دحر الخطر الصهيونى عن فلسطين والأراضى العربية، كانت هناك نداءات تطالب الفلسطينيين بتحمل مسئولياتهم إزاء هذا الخطر الداهم، وباتوا بحاجة إلى مؤسسة تمثلهم وتدير شئونهم فى مواجهة هذا الإعصار الخبيث الذى يهدد باجتثاثهم.

وطوال هذه السنوات، لم يكن للفلسطينيين أى كيان رسمى يمثلهم فى المحافل الدولية، حتى اقترح الرئيس جمال عبد الناصر، إقامة كيان فلسطينى خلال القمة العربية التى عقدت فى القاهرة يناير ١٩٦٤ وكان ذلك نواة إقامة منظمة التحرير الفلسطينية، التى أعلن عن تكوينها فى يونيو من نفس العام بعد انعقاد مؤتمر فى القدس برئاسة الملك الحسين وحضور كل الدول العربية عدا السعودية.

نكسة يونيو ١٩٦٧

كانت الطامة الكبرى على فلسطين والدول العربية، هى نكسة ١٩٦٧ والتى احتلت فيها إسرائيل مدينة القدس بالكامل وغزة والضفة الغربية والجولان وسيناء، أضافت هزيمة يونيو لإسرائيل تقريبًا ٨٩.٣٩٥ كيلو متر مربع؛ أى ما يزيد على أربعة أضعاف مساحتها.

وأعقب النكسة انعقاد القمة العربية الشهيرة فى الخرطوم والتى اشتهرت باللاءات الثلاثة، بالإضافة إلى إصدار مجلس الأمن الدولى أشهر قراراته المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وهو قرار رقم ٢٤٢ الصادر فى نوفمبر ١٩٦٧ والذى يقضى بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو من عام ١٩٦٧.

ورغم انتصار الجيش المصرى بعد ٦ سنوات فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ على الجيش الإسرائيلى إلا أن سيناء فقط هى التى تحررت بعدما سلكت مصر طريق السلام بعد انتهاء الحرب، وهو الأمر الذى رفضه العرب.

السبعينيات وجبهة الرفض

كانت فترة السبعينيات حافلة بالتغيرات والتحولات الكبيرة، بشأن القضية الفلسطينية، حيث بدأت تتكون فى هذه الحقبة ما عرف بـ"جبهة الرفض" والتى تحفظت على قبول الزعيم عبد الناصر لمبادرة روجرز والتى تقضى بانتهاء حرب الاستنزاف، فى محاولة من القاهرة لالتقاط الأنفاس بعد الغارات الإسرائيلية فى العمق المصرى والتى تسببت فى استشهاد آلاف المدنيين.

وتحفظت القيادات الفلسطينية على موقف عبد الناصر، وجاء الرئيس أنور السادات ليتولى قيادة البلاد بعد رحيل جمال، وبدأ يعد العدة لتحرير الأرض، وبالفعل تحقق ما خطط له بنصر أكتوبر ١٩٧٣ ولكن فى عنفوان التوافق والتكامل العربى بعد عام واحد من الانتصار على إسرائيل تكونت جبهة الرفض، واسمها الكامل "جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية"، وهى تكتل شكلته الحركات الفلسطينية المعارضة لقرارات دورة المجلس الوطنى الفلسطينى الثانية عشرة التى أقرت بإقامة الدولة الفلسطينية على أى جزء من فلسطين.

تزعمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جبهة الرفض، التى تلقت دعمًا من العراق وليبيا، وأدى التقارب العراقى السورى واتفاقية كامب ديفيد إلى المصالحة مع ياسر عرفات، ومشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى دورة المجلس الوطنى الفلسطينى الرابعة عشرة التى أقيمت فى دمشق فى ديسمبر ١٩٧٩.

اعتراف أممى بمنظمة التحرير الفلسطينية

وجاء الاعتراف الدولى من الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية فى ١٤ أكتوبر ١٩٧٤ "ممثل الشعب الفلسطيني" وفقا للقرار القرار رقم ٣٢١٠ بتاريخ ١٤ أكتوبر ١٩٧٤ واعترفت جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها "الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى فى أى من الأراضى الفلسطينية المحررة" بحسب قرار جامعة الدول العربية بتاريخ ٢٨ أكتوبر ١٩٧٤ لتصبح فلسطين، ممثلة فى منظمة التحرير الفلسطينية، دولة كاملة العضوية فى جامعة الدول العربية يوم ٩ سبتمبر ١٩٧٦.

وفى ١٣ نوفمبر ١٩٧٤، ألقى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

العدوان على لبنان ١٩٧٨ "عملية الليطاني"

فى عام ١٩٧٨ بدأت إسرائيل عدوانها على لبنان، بهدف تقليم أظافر المقاومة الفلسطينية التى تتخذ من لبنان منطلقا لهجماتها ضد الاحتلال، وتعود جذور هذه الأزمة إلى عام ١٩٦٨ حيث أسست منظمة التحرير الفلسطينية وجماعات فلسطينية أخرى قواعد عسكرية  فى جنوب لبنان بعد الخروج من الأردن، وتدفق ٣٠٠٠ فدائى من منظمة التحرير الفلسطينية خرجوا من الأردن بعد أحداث أيلول الأسود ليَتجمّعوا ثانية فى جنوب لبنان، حيث مارست منظمة التحرير العمل الفدائى ضد الاحتلال الإسرائيلى من خلال القواعد العسكرية على الأراضى اللبنانية.

شنت إسرائيل عدوانها تحت شعار "عملية الليطاني" فى مارس ١٩٧٨ ونجحت العملية عسكريًا، حيث انسحبت قوات منظمة التحرير الفلسطينية شمال نهر الليطاني. 

عملية الليطاني

الانتفاضة الأولى.. "الحجارة"

خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، انشغل العرب عن قضيتهم الأولى بالحرب العراقية الإيرانية التى استمرت ثمانى سنوات، لذا لم يكن حل القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للدول العربية، قبل أن تندلع الانتفاضة الأولى التى اصطلح عليها بـ"انتفاضة الحجارة".

ففى الثامن من ديسمبر ١٩٨٧ اندلعت شرارة انتفاضة الحجارة، حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم "فى إسرائيل" العائدة مساء إلى قطاع غزة، على وشك القيام بوقفتها اليومية المقيتة أمام الحاجز الإسرائيلى للتفتيش حينما داهمتها شاحنة عسكرية إسرائيلية، مما أدى إلى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين من سكان مخيم جباليا فى قطاع غزة، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرآى ومسمع من جنود الاحتلال.

وفى التاسع من ديسمبر انفجر بركان الغضب الفلسطينى فى وجه الاحتلال من مخيم جباليا حيث يقطن أهالى الضحايا الأبرياء ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضًا فى الضفة الغربية المحتلة، تزامنا مع تشييع جنازة الشهداء الأربعة.

واجه الاحتلال الغضب الفلسطينى بإلقاء القنابل المسلية للدموع من الطائرات المروحية لتفريق المتظاهرين، وقد استشهد وأصيب فى ذلك اليوم بعض الفلسطينيين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء فى قطاع غزة.

وواجه الشباب الفلسطينى آلة القتل الإسرائيلية، بالحجارة وهو السلاح الوحيد الذى كان يملكه آنذاك.

وتزامنا مع اندلاع الانتفاضة تأسست حركة حماس فى ٦ ديسمبر ١٩٨٧، وأعلنت الحركة بيانها التأسيسى فى ١٥ ديسمبر ١٩٨٧.

وفى البحث عن أسباب اندلاع الانتفاضة فهى كثيرة، حيث ضيق الاحتلال الخناق على منظمة التحرير الفلسطينية، ورحل قيادتها إلى تونس، إلى جانب اجتياح لبنان فى ١٩٨٢ وانشغال العرب عنها بالحرب العراقية الإيرانية، بالإضافة إلى الضغوط المستمرة التى يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين واستمرار تغول الاستيطان على أراضيهم.

واستشهد فى انتفاضة الحجارة، ١٥٥٠ فلسطينيا وجرح نحو ٧٠ ألفا، من بينهم ٤٠٪ أصيبوا بإعاقات دائمة، و٦٥٪ منهم يعانون من شلل دماغى أو نصفى أو علوى أو شلل فى أحد الأطراف، أو تعرضوا لبتر أطرافهم، بالإضافة إلى اعتقال ١٠٠ ألف فلسطينى خلال الانتفاضة.

وخلال الانتفاضة اغتالت إسرائيل قادة بارزين ومحركين للانتفاضة، بينهم خليل الوزير "أبو جهاد" الذى أغتيل فى تونس يوم ١٦ أبريل ١٩٨٨، وصلاح خلف "أبو إياد" الذى أغتيل أيضا فى تونس فى ١٤ يناير ١٩٩١، وكلاهما من قيادات حركة فتح.

فيما أكدت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، أن ٧٠ جنديا و٩٩ مستوطنا إسرائيليا قُتلوا بين ١٩٨٧ و١٣ سبتمبر ١٩٩٣ يوم توقيع اتفاق أوسلو.

وفى ١٢ نوفمبر ١٩٨٨ عقد المجلس الوطنى الفلسطينى جلسة طارئة أُعلنت فيها "وثيقة الاستقلال"، إلى جانب إعلان الأردن فك الروابط القانونية والإدارية بين المملكة والضفة الغربية المحتلة التى أدارتها بين عامى ١٩٤٨ و١٩٦٧، فكانت فرصة لمنظمة التحرير لتعزز وجودها السياسى على مختلف المستويات.

تسببت الانتفاضة الأولى فى خسائر كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، ووفقا لما نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية فى عدد شتاء ١٩٩٠ فإن الخسائر الأولية انحصرت فى انخفاض السياحة الوافدة، وانخفاض واردات المناطق المحتلة من إسرائيل، وتراجع الإيرادات المباشرة من ضرائب ورسوم كان يذهب ريعها إلى الخزينة الإسرائيلية، وازدياد النفقات العسكرية الناجمة عن قمع الانتفاضة.

مدريد وأوسلو.. الحكم الذاتي

كانت إحدى النتائج المرحلية للانتفاضة هى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام فى إسبانيا، فى أكتوبر ١٩٩١ واستكمل فى واشنطن.

وفى ١٣ سبتمبر ١٩٩٣ وقع الرئيس ياسر عرفات اتفاق أوسلو فى البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إسحق رابين، برعاية الرئيس الأمريكى بيل كلينتون وكان هذا التاريخ بمثابة نهاية انتفاضة الحجارة.

أسفر الاتفاق عن إنشاء السلطة الفلسطينية ومنحها سلطة محدودة أو ما يعرف بالحكم على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة وهى المناطق التى احتلتها إسرائيل فى حرب ١٩٦٧، فيما مهد الاتفاق الطريق أمام اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

أوسلو ١٩٩٥

وواصلت السلطة الفلسطينية رحلة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وفى ٢٤ سبتمبر ١٩٩٥ وقع الجانبان على اتفاقية أوسلو ٢ أولا فى طابا وبعد أربعة أيام فى ٢٨ سبتمبر ١٩٩٥ من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وبشهادة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون فى واشنطن العاصمة.

الانتفاضة الثانية.. "الأقصى"

أطلق على الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" حيث أشعلها إيريل شارون فى الثامن والعشرين من سبتمبر عام ٢٠٠٠ بزيارته الاستفزازية لباحة المسجد الأقصى بحماية ألفين من الجنود الإسرائيليين. واندلعت الاحتجاجات الفلسطينية لتشمل المدن والبلدات وراء الخط الأخضر، بعد يومين من المواجهات، وفى الثلاثين من الشهر نفسه استشهد الطفل الفلسطينى محمد جمال الدرة بعد أن حاصرته النيران الإسرائيلية بين يدى أبيه وأمام كاميرات التلفاز، فهزت صورته ضمائر البشر فى كل أرجاء المعمورة وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية فى كل مكان.

وفى ظل فشل عرفات وسلطات الاحتلال فى إيقاف الانتفاضة واستمرار الاشتباكات، فاز شارون فى السادس من فبراير ٢٠٠١ على أيهود باراك بفارق كبير فى انتخابات مبكرة، وشكل، بصفته رئيسا للوزراء حكومة وحدة وطنية، لينتقل من صفوف المعارضة إلى السلطة.

ومع تصاعد العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني، حاولت دول عدة تهدئة الوضع وفى هذا السياق وضعت لجنة دولية برئاسة السيناتور الأمريكى السابق جورج ميتشل تقريرا دعت فيه إلى إنهاء أعمال العنف وبدء فترة تهدئة واتخاذ إجراءات بناء للثقة واستئناف محادثات السلام، وقد قبل كلا الطرفين بنتائج التقرير، ولكن بتفسيرات متباينة لما ورد به.

وأعقب ذلك إجراء جورج تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سى آى إيه" مفاوضات مع مسئولى الجانبين (الفلسطينى والإسرائيلي) للتوصل إلى إطار لوقف إطلاق النار، وعلى إثره انخفضت أعمال العنف غير أن تلك الهدنة لم تتماسك.

وفى ظل كل هذه المبادرات، أعلن شارون بدء تشييد جدار الفصل العنصرى فى الضفة الغربية الذى اقتطع آلاف الدونمات من أراضى الفلسطينيين، واجتاح المدن الفلسطينية فيما سمى بعملية السور الواقى التى انتهت بإقامة مئات الحواجز العسكرية بين المدن والقرى حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، إلى جانب الحصار الذى ضربته قوات الاحتلال على الفلسطينيين وزعيمهم الراحل ياسر عرفات الذى حوصر لسنوات فى رقعة ضيقة من مقره فى مدينة رام الله لينتهى به الحصار إلى الموت.

حصار عرفات ووفاته

بدأ حصار عرفات فى ٢٩ مارس من عام ٢٠٠١، فى مقر إقامته فى رام الله، بأمر مباشر من شارون، وهدمت القوات الإسرائيلية المبانى المحيطة بالمقر، وأقامت سورًا عازلًا حوله، فى ظل اشتعال انتفاضة الأقصى، التى بلغت ذروتها باغتيال وزير السياحة الإسرائيلى رحبعام زئيفي.

وأعلن شارون أنه فى حال خروج عرفات خارج فلسطين فلن يسمح له بالعودة إليها ثانيةً، ليستمر الحصار حتى تدهور صحة عرفات بشدة، وتم نقله فى نهاية المطاف إلى العاصمة الأردنية عمان، ومنها وصل إلى باريس قبل أن يتوفى هناك فى عام ٢٠٠٤، وسط اتهامات لإسرائيل باغتياله عن طريق السم.

انسحاب إسرائيل من غزة

شهد عام ٢٠٠٤ إعلان شارون طرح خطة الانفصال عن قطاع غزة لتشمل إخلاء المستوطنات والانسحاب بشكل كامل منه أقر الكنيست فى عام ٢٠٠٥، الخطة وخرجت قوات الاحتلال من القطاع غزة وتم إخلاء ٢٥ مستوطنة بعدد ٨٥٠٠ مستوطن، وانتهى الاستيطان بالقطاع غزة، وانتقلت السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.

الانقسام الفلسطيني.. حماس والسلطة طرفا نقيض

وفى يناير من عام ٢٠٠٦، فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأغلبية المقاعد فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية، لتبدأ إسرائيل والولايات المتحدة فى قطع المساعدات عن الفلسطينيين بسبب رفض حماس نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وكان وصول حماس إلى السلطة بذرة الانقسام الفلسطينى حتى اليوم.

سيطرت حماس رسميا على غزة فى ١٤ يونيو ٢٠٠٧ بعد حرب أهلية استمرت لفترة وجيزة وتطيح بقوات تابعة لحركة فتح الموالية للرئيس الفلسطينى محمود عباس.

اعتراف ترامب بضم القدس

وفى مستهل ديسمبر من عام ٢٠١٧ أصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قرارا بالاعتراف بمدينة القدس المحتلة، عاصمة لإسرائيل فى إجراء استدعى غضبا كبيرا من الشعوب العربية والإسلامية إلى جانب تنديد عدد من الرؤساء والملوك للقرار المخالف للشرعية الدولية.

وقال ترامب عن قراره: "أعتقد أنه تأخر كثيرا.. رؤساء كثيرون قالوا إنهم يريدون فعل ذلك ولم يفعلوا".

وأقر الكونجرس الأمريكى فى عام ١٩٩٥ هذه الخطوة، إلا أن رؤساء الولايات المتحدة قبل ترامب أجلوا المصادقة عليها.

طوفان الأقصى

وفى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ انطلقت عملية طوفان الأقصى، التى شنتها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية فى غلاف قطاع غزة، ومثلت عملية فريدة من نوعها حيث أسقطت عددا كبيرا من القتلى الإسرائيليين وصلوا إلى حوالى ١٤٠٠ قتيل واختطاف أكثر من ٢٠٠ آخرين بين مدنى وعسكرى من جنسيات مختلفة.

وردت تل أبيب على عملية طوفان الأقصى بشن عدوان شامل على قطاع غزة، بدأت خلاله بشن غارات جوية متواصلة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وقطعت خلاله إمدادات المياه والوقود والكهرباء عن القطاع، وطالبت السكان بالنزوح إلى جنوب غزة، وتعنتت فى إدخال المساعدات من معبر رفح.

واستشهد خلال العدوان الإسرائيلى حتى الآن أكثر من 8 آلاف فلسطينى وتجاوز عدد الجرحى 20 ألفا.

وكشفت عملية طوفان الأقصى هشاشة الكيان وضعف إجراءاته الأمنية، واضطر إلى تهجير ما يقرب من ٢٠٠ ألف إسرائيلى عن المستوطنات المحيطة بقطاع غزة.