الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

د. زاهي حواس يكتب: حلم الملك زوسر.. نبوءة سيدنا يوسف على نقش لوحة المجاعة ذات الشهرة الواسعة بين علماء المصريات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

علماء الآثار يعثرون على تفسير رؤية النبى يوسف عن السنوات العجاف والرخاء لمصر

هل تذكرون الحلم العجيب الذى رواه ملك مصر لسيدنا يوسف عليه السلام؟: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِى فِى رُؤْيَايَ إن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} يوسف ٤٣... وفسر سيدنا يوسف الحلم بأن مصر ستمر بسنوات مجاعة تمتد سبع سنوات متتالية؟ والتى جاء ذكرها فى القرآن الكريم؟.

لقد تحققت نبوءة يوسف فيما يبدو.. بعد أن عثر العلماء على ضفاف نهر النيل ووسط جزيرة سهيل التى تقع إلى الجنوب من محافظة أسوان آخر محافظات مصر الجنوبية على نقش فرعونى على صخرة كبيرة، وقد حاز هذا النقش على شهرة واسعة بين علماء المصريات لأكثر من سبب، ويعرف فى كتب المصريات باسم لوحة المجاعة.

وقد كشف عن هذه اللوحة ويلبور، ويتألف النص الموجود عليها من اثنين وثلاثين سطرًا كتابيًا عموديًا يقرأ من أعلى إلى أسفل، ويؤرخ النص المكتوب بعصر الملك بطليموس الثاني، ثانى ملوك البطالمة الذين حكموا بعد دخول الإسكندر الأكبر مصر ٣٣٢ ق.م.

وتحكى قصة مجاعة حدثت فى عهد الملك زوسر، أول ملوك الأسرة الثالثة من الدولة القديمة «٢٦٤٩ ق.م»، وقد حدثت هذه المجاعة نتيجة انخفاض مياه النيل وانحسار الفيضان لمدة سبع سنوات متتالية فاشتد الضيق بالملك وساءت أحوال البلاد، وأرسل الملك يطلب من رئيس الكهنة أن يتقص الأمر لعله يجد حلًا لهذه المشكلة.

بعدها وصل الملك تقرير يؤكد أن قرية أبو، وهى منطقة أسوان حاليًا، هى التى تتحكم فى تدفق مياه النيل، وتروى القصة، أن الملك زوسر، رأى فى منامه الإله خنوم، إله منطقة الفنتين «أسوان» الذى جاءه ليذكره بقوته وسيطرته على مياه النيل ومنابعه، ولما استيقظ الملك زوسر، من نومه أدرك أن خنوم، هو المتحكم فى منابع النيل، وعليه أن يسترضيه فأوقف على عبادته ومعبده مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية الخصبة وأمر بتقديم القرابين اللازمة له وأوقف أموالا كثيرة للصرف على كهنته.

وقد اتجه الباحثون فى شأن هذه اللوحة طريقين:

رأى اعتقد أصحابه ومنهم العالم الفرنسى الشهير جاستون ماسبيرو أن القصة بحذافيرها ابتدعها كهنة «خنوم» فى منطقة الفنتين لاستعطاف ملوك البطالمة بعد أن طغت عليهم شهرة المعبودة إيزيس، وانصرفت إليها أنظار هؤلاء الملوك الذين أغدقوا على عبادتها بالقرابين والهدايا.

رأى ثان يرى أصحابه ومنهم علماء آثار معروفين مثل الألمانى كورت زيته الذى يرى أن القصة أصلًا قديمة، وأن الأسلوب الذى كتبت به اللوحة فى عصر البطالمة لا يخلو من تعبيرات الدولة القديمة ذاتها؛ ولذلك يعتقد بل ويؤمن أن للقصة أصل قديم كان مكتوبًا على الحجر أو غير الحجر، ولكنه تعرض للتلف بمرور الزمن.

فلما زار أحد ملوك البطالمة المنطقة، ويعتقد أنه الملك بطليموس الثانى «سوتير» قص كاهن المنطقة القصة عليه كاملة فأمر بنقشها من جديد وتخليدها، بل وأمر كذلك تجديد معبد الإله خنوم، فى جزيرة سهيل، وأوقف عليه الإقطاعات ونفذ الملك كل ما جاء فى قصة الحُلم لصالح «خنوم» وكهنته.

ولايزال هذا التفسير هو المقبول حتى الآن بين علماء المصريات.. فأسلوب الكتابة يؤكد وجود متن قديم ربما من عصر الملك زوسر، لهذه اللوحة، وما يهمنا هنا هو أن البعض حاول التقريب بين قصة المجاعة التى استمرت سبع سنوات أيام الملك زوسر، وبين قصة سيدنا يوسف «عليه السلام»، والذى شهد فى مصر سبع أعوام من الخير والفيض أعقبتها سبع عجاف، واستطاع أن يعبر بالبلاد بر الأمان بما أخذه من احتياطات وترتيبات.

د. زاهى حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يكتب عن نبوءة سيدنا يوسف وارتباطها بنقش عثر عليه العلماء على ضفاف نهر النيل وسط جزيرة سهيل التى تقع إلى الجنوب من محافظة أسوان.