الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

«بختك يا أبو بخيت».. الأسماك تتلألأ في شباك الصياد بالترع المبطنة بالقليوبية

صورة توضيحية
صورة توضيحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على جانبي ترعة فرعية مبطنة بالأسمنت في قرية صغيرة بإحدى قرى محافظة القليوبية، يمسح "أشرف محمد" البالغ من العمر 38 عامًا، عرقه المتصبب إثر الوقوف لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الملتهبة التي لا تحجبها "قبعة الصيادين" ذات الحواف العريضة، يلقي بشباكه الفارغة في مياه الترعة في انتظار الرزق متحليًا بالصبر ومتأملًا عودتها مليئة بأنواع السمك المختلفة.

فتارة يشرد ببصره مع المارة وتارة أخرى يمازح ولده "محمد" الذي يصمم على الخروج مع أبيه ليشدد أزره بكل ود وإقبال، وتارة أخرى يدندن "بختك يا أبو بخيت.. الهمة يا جدعان.. لموا الشبكة وشدوا.. خلوا الرزق يبان"، حتى يشعر بانقضاء الوقت، فيقول أشرف" إن مهنته ليست يسيرة ولكنه اعتاد عليها، ولا يشعر بالأسى أو الحزن في أيام الكساد، لأن أيام الرخاء من عند الله أيضًا"، مضيفًا "الرزق ده بتاع ربنا ومش شطارة من حد، احنا بننزل نسعى ونستنى واللي ربنا يبعته كله حلو". 

وأضاف "أشرف" أنه معتاد على التنقل بين أماكن عديدة، وأحيانًا يذهب للصيد في قرى مجاورة، ويبيع بضاعته بسعر السوق العادي، مؤكدًا أنه لا يتذمر من وقوفه في الشمس لساعات طوال، وأنه يضع أسرته نصب أعينه ويأمل أن تلتحق إبنته"ملك" بكلية الطب العام المقبل، مشيرًا إلى أنه لا يحجب عنها أي رغبة تتعلق بالدراسة وأنها تقدر جهوده وتجتهد في سبيل إرضائه.

وتابع: "أنا قولتلها اللي يرضيني إنه بنتي الكبيرة تبقى دكتورة"، وأضاف أنه لديه جنى ذات الستة عشر ربيعًا، ومحمد صاحب التسع سنوات الذي يصاحبه في كل مكان سواء عند الذهاب لزيارات الأهل والأقارب أو الأصدقاء ولكن يخرج معه للصيد في الاجازات فقط، مضيفًا "ده صاحبي مش بس ابني".

وفي وسط الحديث، همّ أشرف لاصطحاب شبكته من داخل المياه بمساعدة ولده "محمد"، فكانت الأسماك تتلألأ بداخلها وتتحرك بعشوائية، وعلى الرغم من عدم امتلائها على آخرها، إلا أنه يوصف تلك اللحظة بأنها شعور بفيض من نعمة الله وكرمه، قائلًا" مهما تمر السنين ويتكرر المشهد، مفيش أحلى من لحظة ما أشوف السمك في الشبكة، ده رزقي وربنا باعتهولي"، مشيرًا إلى أنه يقوم بغمر الأسماك في "جرادل" مياه لتظل طازجة، معبرًا عن ذلك بقوله " ليا زباين بيحبوا يشتروا السمك صاحي".

وقال "أشرف"، إن سمك الترع ليس مثلما يصفه الكثيرون أنه غير صالح للأكل، وأن مشروع "تبطين الترع" قد ساهم بشكل كبير في نظافة المياه ونقائها وبالتالي جودة البيئة التي يعيش فيها السمك، مؤكدًا أن شكل الترع الجديد جعل الناس تتراجع عن إلقاء النفايات بها أو الحيوانات النافقة، مشيرًا إلى أنه يقوم بإلقاء السمك الصغير في الترعة مرة أخرى لينمو.

وأضاف، أن السمك البلطي أكثر ما ينمو في الترع لأنه يتغذى على أي شئ وينمو بسرعة كبيرة، كما يمكن لأي شخص تحديد صلاحية السمك من طعمه ورائحته بمنتهى البساطة، وأضاف أن أنواع السمك بالترع تكون محدودة ما بين "البلطي" و"الماكريل".

وأكد "أشرف" أن أكلته المفضلة هي السمك البلطي المشوي" الذي تعده زوجته بطريقة ليس لها مثيل، على حد وصفه، وناشد الناس أن يستمروا في الحفاظ على مياه الترع نظيفة ونقية، وأن يقدروا مجهودات الدولة والرئيس السيسي في مشروع تبطين الترع بالقرى والمحافظات المختلفة، حتى تحصل الأسماك على بيئة صالحة للنمو وحتى يستفيد الفلاحين من الترع لإمداد أراضيهم بالمياه دون وجود الروائح الكريهة والعوالق والشوائب المختلفة.