الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المشير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نعم فأنت المشير سواء خلعت البذلة العسكرية أم لم تخلعها، أنت المشير ابن جيش مصر، أنت المشير سواء أكنت في موقعك داخل الجيش أو صرت رئيسا لمصر، أنت الجندي في القوات المسلحة والذي يحمل رتبة مشير، والجندية ليست زيّاً يُخلع، والرتبة ليست لقباً يحجب. 
لقد اخترت أن تخرج معلناً خبر ترشحك لرئاسة مصر وأنت ترتدي "الأوفرول" العسكري، وليست البذلة الرسمية "بذلة التشريفة" فالجندية لديك - يا ابن جيش مصر العظيم - تعني أنك خادم لوطنك مصر وليست مجرد منصب أو وظيفة، وهكذا قلتها واضحة بالكلمات في بداية كلمتك: "شعب مصر العظيم.. أقف أمامكم للمرة الأخيرة بزيّي العسكري، بعد أن قررت إنهاء خدمتي كوزير للدفاع ، قضيت عمري كله جنديّاً في خدمة الوطن وفي خدمة تطلعاته وآماله، وسأستمر إن شاء الله"، أوضحت بكلماتك رسالتك الجلية، أنك ابن الجيش خادم الوطن وسوف تظل سواء أكنت وزيراً للدفاع أو لم تكن، وأوضحت نفس الرسالة بشكل عملي مرئي وملموس، عندما اخترت أن تعلن خبر ترشحك مرتديًا "الأوفرول" العسكري وليست البذلة المدنية مرسلاً رسالتك قائلاً: "أنا ابن جيش مصر ومنه أتيت وسوف أظل حاملا شرف خدمته حتى لو خلعت زيّه". 
فلتخلع الزي العسكري ولترتدِ البذلة المدنية، لكن رتبتك لن تُخلع عنك، وليس هناك قانون يفرض أن تخلع عنك، رتبتك سوف تظل ملاصقة لاسمك - المشير عبد الفتاح السيسي - وفي حالة فوزك بالرئاسة، وبإذن الله وباختيار الملايين، سوف تنادى وسوف نخاطبك، وعندما سنكتب بشأنك سوف نكتبها "المشير عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية".
** المشير عبد الفتاح السيسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية.. استمعت إلى كلمتك في بيان إعلانك الترشح للرئاسة، والكلمة كان بها الكثير من النقاط التي تستوجب التوقف عندها، لكنني - ومنذ استمعت إلى الكلمة - وأنا متوقفة بشدة عند عبارة بعينها، أعتبرها هي نقطة البداية على طريق إصلاح ما أفسدته سنوات طوال زادت عن الـ 40 سنة من عمر مصر، وهي نقطة بداية لا بدّ منها ولا بدّ من الإسراع بها وتنفيذها بكل حسم ودقة وتدقيق إذا كنا فعلاً نريد لهذا البلد الإنقاذ، هي نقطة وردت في كلمتك حاملة تمام وعيك بمضمونها وخطورته، كنت تنطق فحواها وملامح الألم تفترش وجهك وتنطق بها عيناك، قائلاً: "ما شاهدته مصر خلال السنوات الأخيرة - سواءً على الساحةِ السياسيةِ أو الإعلاميةِ، داخلياً أو خارجياً - جعل من هذا الوطنَ في بعضِ الأحيانِ أرضاً مستباحة للبعضِ، وقد آنَ الأوانُ ليتوقفَ هذا الاستهتارُ وهذا العبث، فهذا بلدٌ له احترامُهُ وله هيبتُهْ، ويجبْ أن يعلم الجميعُ أن هذهِ لحظةٌ فارقة، وأنّ الاستهتارَ في حقِ مصرَ مغامرةٌ لها عواقِبُها، ولها حسابُها، مصرُ ليست ملعباً لطرفٍ داخليٍ أو إقليمىٍ أو دُوَلي.. ولن تكون".
في كلمتك - السيد المشير - ذكرت الساحة السياسية والساحة الإعلامية وما يحدث فيهما من استهتار وعبث، محملا كلتيهما "الساحة السياسية والساحة الإعلامية"، مسؤولية أن مصر أصبحت مستباحة للبعض، ولقد صدقت تماماً في قولك، واسمح لي هنا أن استبدل كلمة مستباحة للبعض بكلمة " مستباحة للكل"، واسمح لي أيضا أن أتوقف الآن عند الشق المتعلق بالساحة الإعلامية، وأبدأ بها لأن ما ذكرته عنها هو القول الفصل في أزمتنا، بل في مأساتنا، فالإعلام - سيادة المشير - هو "أسّ" البلاء أو مفتاح الإنقاذ، ونحن في مصر قد ابتلينا بإعلام هو أسّ البلاء لمصر، وهو الذي جعل مصر مستباحة لـ "الكل"، إعلام أعيد وأزيد وأؤكد أن استمراريته بما هو عليه من دور مشبوه وبقاءه بشخصياته من معدي برامج ومقدمي برامج وضيوف برامج، بكل هؤلاء وما يفعلونه بهذا الوطن وشعبه لن تخطو مصر خطوة واحدة على طريق أي إنقاذ مما أصابها لسنوات من تردٍّ وهوان.
هذه منظومة إعلامية فاسدة تماماً - رسمية وخاصة - لا بد أن تجتث من جذورها للخلاص من دورها المشبوه، دورها الذي يتلخص في استباحة الوطن وإفساد عقل ووجدان شعبه الحقيقي، وأنا هنا - وكما أفعل منذ سنوات - سأظل استخدم وأكرر هذا التعبير "الشعب الحقيقي"، والذي أفصل به بين شعب مصر الطيب النبيل الذي لم تفسده السياسة ولا المصالح ولا التطلعات الذاتية، وبين النخبة السياسية الملوثة بأموال الدعم وأموال الأنظمة والحكام منذ سنوات طوال، والمتسلقين الجدد حاملي راية الثورة كذباً ونفاقاً، واللاهثين وراء الثراء السريع حتى لو كان الثمن هو استباحة الوطن.
هذه المنظومة الإعلامية الفاسدة - التي تكاد تكون الصوت الوحيد الذي يمتلك وسيلة الوصول إلى كل مكان - تلعب الدور الأخطر في العبث بمصر وإفساد عقل ووجدان "الشعب الحقيقي" المصري، ومهما جاء نظام مخلص وأي حاكم مخلص، ومهما قدم من محاولات لإنقاذ مصر والصعود بها من حالة التردّي التي طالتها لسنوات طويلة لسوف يفشل طالما أن هذه المنظومة الإعلامية الفاسدة - بكل ما فيها من أسماء فاسدة - هي المسيطرة، وهي التي تقتحم بيوت الناس وتبث سمومها للعبث بالعقل والوجدان وترسخ لقيمة استباحة الوطن. 
لا بدّ - ولا بديل لهذا – من تطهير منظومة الإعلام، الرسمي والخاص، من كل هذه الوجوه وهذه الأسماء التي تسبب التقزز بكل ما يحمله تاريخها من كذب ونفاق وانبطاح وعمالة وعبادة وولاء للمال الملوث، منظومة وجودها هلاك لمصر، منظومة عصف بها الفساد ولم تعد من وسيلة لإصلاحها إلا باجتثاثها من جذورها، وخلق منظومة جديدة لها دور وطني نبيل لا شيء فيه يعلو على مصلحة مصر، ولا كلمة تبث من خلاله إلا كلمات تنادي وترسخ الولاء لهذا الوطن وعودة الهوية الأصلية والأصيلة لهذا الوطن. 
** أكرر: الخطوة الأولى هي تنظيف الإعلام من كل الأسماء الفاسدة المفسدة لمصر وشعبها والمسيطرة عليه، سواء من معدّي أو مقدمي برامج أو ضيوف دائمين في هذه البرامج، وهي قائمة واضحة ومعروفة وحصرها لا يحتاج إلى بحث أو تنقيب، ولا يحتاج الأمر فيها إلى جهد كبير لإثبات الحق من الباطل، لكنها الخطوة الأولى والأهم، ولا شيء يسبقها حتى نستطيع السير على الطريق الصحيح لاستعادة مصر كما كانت وكما يليق لها.