نشاط ملحوظ للجماعات الإرهابية في دول الساحل الإفريقي، سعيًا لتوسيع النفوذ في المنطقة التي تشهد حالة من الارتباك في الوقت الحالي، حيث تعاني بوركينا فاسو من هجمات متكررة من قبل تنظيم "القاعدة" الإرهابي، شملت معظم المناطق، كما هجر السكان القرى، فيما لا يزال الجيش يكافح لإبعاد تلك الجماعات عن المناطق الحضرية.
منذ مطلع العام الجاري، استولى تنظيم "القاعدة" في الساحل، والذي يطلق عليه اسم "جماعة نصرة الاسلام والمسلمين"، على أصناف كبيرة من الأسلحة شملت سيارات دفع رباعي وأسلحة دفاعية وهجومية وقنابل وألغام وأجهزة اتصالات، في هجمات نظمها في مالي وبوركينافاسو والنيجر على عدد من الثكنات والقوافل العسكرية، وانضم إليه في ذات الفترة آلاف الشبان بينهم مئات القاصرين.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها جماعة "جماعة نصرة الإسلام والمسلـمين" التي تحاصر مدينة تينبكتو شمال مالي مئات المسلحين يستقلون سيارات رباعية الدفع وكلها مجهزة بالكامل بالمياه والوقود والطعام والمؤمن اللازمة التي تكفيهم لأيام وربما لأسابيع دون الحاجة لإعادة التموين.
كما يعتمد التنظيم الإرهابي كثيرًا على الدراجات النارية، لكنه استولى على مئات السيارات والأسلحة في هجماته على منافسة "داعش".
وعلى الجانب الآخر، أعلن الاتحاد الأوروبي اعتزامه في نهاية أغسطس ٢٠٢٣، إطلاق مهمة مدنية وعسكرية جديدة في غرب إفريقيا بهدف منع توسع أنشطة الجماعات الإرهابية ومواجهة موجة عدم الاستقرار المتزايد في المنطقة؛ حيث تأتي هذه المبادرة للتحدث علنًا ضد النشاط المتزايد للجماعات الإرهابية في المنطقة، وقد تم اختيار البلدان الساحلية لخليج غينيا - غانا، وتوجو، وبنين، وساحل العاج - نظرًا لاحتمال تعرضها لهذه التهديدات.
وستشمل مهمة الاتحاد الأوروبي الجديدة التدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن المحلية، والمساعدة في الاستعداد لعمليات مكافحة الإرهاب، وتوفير الدعم الفني وتنفيذ تدابير بناء الثقة في قطاع الأمن من أجل تحسين الأمن البشري وكذلك الاجتماعي والاقتصادي.
خلال دراسة أعدها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات تحت عنوان (خيارات محدودة في دول الساحل الإفريقي)، أكدت أن التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن تنظيم داعش الإرهابي بدأ في نقل جزءٍ من مقاتليه من النيجر إلى الحدود مع نيجيريا، وسط مخاوفه من تدخل قوات "إيكواس" في النيجر وإغلاق حدود البلاد، ومن المتوقع أن يشكل تحركه هذا خطرًا كبيرًا على المنطقة بأسرها.
وبحسب الدراسة، فإنه يمكن للانقلاب العسكري في النيجر أن يحوّلها إلى مسرح جديد للإرهاب، لا سيما أنها قريبة من معاقل جماعة "بوكو حرام" وتنظيم "داعش" في نيجيريا، حيث وقع أحدث هجوم شنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في التاسع من أغسطس ٢٠٢٣، ومن المرجح أن تصبح النيجر أيضًا ساحة أخرى للتنافس بين "داعش" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، ما يتسبب في المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.
رئيس مكتب مؤسسة "كونراد أديناور" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في منطقة الساحل "أولف ليسينج"، يؤكد أن هذا الانقلاب سطّر نهاية الوهم القائل بأن النيجر بلد مستقر للغاية ويمكنه تحقيق الاستقرار في بلدان أخرى في منطقة الساحل، مشيرًا إلى أن الجماعات الإرهابية الناشطة في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو مثل داعش وما تُعرف بـ "حركة نصرة الإسلام والمسلمين" سوف تستفيد من الانقلاب.
وباتت منطقة الساحل الإفريقي بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار، ونقطة للصراع بين القوى العالمية، إذ حذرت الأمم المتحدة في ١٦ مايو ٢٠٢٣ من أن الوضع الأمني في منطقة الساحل لا يزال مقلقًا للغاية، في وقت تواصل الجماعات الإرهابية شن هجمات واسعة النطاق ضد أهداف مدنية وعسكرية، والانخراط في مواجهات للوصول إلى الموارد وفرض السيطرة الإقليمية والنفوذ، ومن المتوقع أن يتوسع انعدام الأمن نحو بلدان غرب إفريقيا الساحلية.