الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حتى لا تصيبنا آفة النسيان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول الجملة نفسها والمعنى نفسه كل من تصيبه غصة الإحساس بالظلم أو الغضب أو الخوف. في النهاية تُقال عند ارتكاب الجرائم التي لا يقع مرتكبها تحت طائلة القانون.
جملة أو اثنتان لهما نفس المعنى والهدف، الحصول على حق ضائع وردع مجرم، فيقال وتقال عفوا حتى ممن يناهضون مواد الإعدام في قوانين العقوبات ويطالبون بإلغائها: "لو مسكته وتمكنت منه سوف أمزقه بأسناني وأظافري"، "هؤلاء لا يستحقون سوى الإعدام في ميدان عام رميا بالرصاص".
كلمات تحمل حجم الغضب من فداحة الجرم الذي ارتكبه مجرمون لا يردعهم رادع. وكم قلناها وسمعناها واستدعيناها من الذاكرة، وقلناها وسمعناها بعد أحداث كبرى وأحداث فردية. قلناها وسمعناها عقب غرق العبارة السلام عام 2006، ونحن نتابع غرق الكادحين وهروب المسئولين عن الكارثة للخارج، وإفلات المسئول الأكبر من المحاسبة، رغم أنهم أساس الجريمة، وقلناها في جريمة احتراق البشر في نيران قطارات منظومة الفساد في حكم مبارك، ومع أنين مرضى السرطان الذين سكن المرض أجسادهم بسبب أغذية فاسدة ومبيدات مسرطنة، تسللت إلى جسد شعب تمكن منه نظام فاسد، نقولها ونكررها كلما اتسعت المسافة بين المجرمين وتطبيق القانون.
هذه مجرد أمثلة لنتذكر، حتى لا ننسى أن الجملة والمعنى تكرران، باشتعال الغضب في لحظة اقتحام الجماعة الإرهابية لقسم كرداسة وعرض جثث الشهداء على شاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، وأن أحد الضحايا قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة طلب "شربة ماء"، فسكب إرهابي ماء النار في جوفه.
وصرخ بالمعنى والجملة كل من اشتعلت نيران الغضب في قلبه وهو يشاهد النيران تلتهم الكنائس والبيوت والمتاجر، وكل من أغمض عيونه على الدم المراق، لأنه دم مسيحي.
تكرر القول وسكن الغضب عند عرض وقائع اقتحام أنصار المعزول مرسي وأعضاء الوكر الإرهابي مركز شرطة مطاي بالمنيا. وربما لم يجد أحد وصفًا يناسب انحطاط جريمة تعذيب العقيد مصطفى العطار نائب مأمور مركز مطاي حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
كان الوحوش الهمج من الجماعة الإرهابية قد اقتحموا القسم وأصيب نائب المأمور، وتم نقله إلى مستشفى مطاي العام وفي الاستقبال وهو على "التروللي" شبه عارٍ، واقتحم الهمج المتوحشون الاستقبال، واقتحم أحد المتوحشين المستشفى مهددا ومتوعدا أن يتبول على الجريح المصاب.
والكارثة الأكبر التي لم يكن من الممكن أن يخطر حدوثها في مخيلة أشد شطحات الخيال سوادًا، وهي قيام أحد الأطباء من أعضاء الجماعة الإرهابية بنزع المحاليل المعلقة للجريح، وقيام طبيب إرهابي آخر بضربه بأنبوبة الأوكسجين على رأسه ليجهز عليه.
وتكرر المعنى في جملة "هؤلاء لا بد من إعدامهم رميا بالرصاص" ونحن نشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات، وذلك الهمجي الملتحي الذي ظهر مرتديا "فانلة داخلية" وعلق على ظهره علم القاعدة وهو ومن معه من إرهابيين يلقون بأطفال من فوق سطح عمارة في الإسكندرية، وقام مرتدي الفانلة بالإجهاز على أحد الأطفال لما رآه أنه ما زال يتنفس.
الجملة والمعنى تعبير عن حجم الغضب والفزع. هي جملة تطالب بتطبيق القانون على المجرم بحجم الجريمة التي ارتكبها، ويزداد تردادها كلما ابتعدت المسافة بين المجرم وتطبيق القانون. تلك المسافة التي تتجسد في الزمن، لذا جاء معنى وقيمة العدالة الناجزة. والعدالة لها درجات لا تسمح بالقفز من درجة إلى أخرى، حتى لو كانت الجريمة مسجلة بالصوت والصورة، حتى لا ينسى وقائعها من يتعرض للإصابة بآفة النسيان.