الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

هل تنجح أول قمة أفريقية للمناخ.. الأمن المائي يهدد 700 مليون شخص.. وتأثيرات خطيرة على الزراعة والطاقة في القارة السمراء

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتزايد آثار الطقس المتطرف وتغير المناخ حول العالم، حيث تقلبت حالة الطقس مابين موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة الشديدة والأجواء الباردة، مما يتسبب في كوارث مناخية وبيئية كبيرة خاصة في الدول الفقيرة والنامية والتي لا تستطيع أن تواجه التغيرات المناخية بصورة علمية ومحسوبة.

وحسب البروفيسور بيتيري تالاس الأمين العام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فإن الزراعة والأمن الغذائي والطاقة هي المجالات التي تحظى بأولوية قصوى فيما يتعلق بالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.

قمة القارة السمراء للتكيف المناخي

وتبحث أول قمة للمناخ في افريقيا المنعقدة في كينيا، تقديم مساهمات تركز على المنطقة لإثراء التقييم العالمى وتشمل أنظمة الطاقة والصناعة، المدن والمستوطنات الحضرية والريفية والبنية التحتية والنقل، الأرض والمحيطات والغذاء والماء، والمجتمعات والصحة وسبل العيش والاقتصاد.

وتناقش القمة المناخية إلتزامات والتعهدات الدول تجاه التغيرات االمناخية في أفريقيا، وتوفر قمة المناخ فى إفريقيا فرصة للقادة الأفارقة لإصدار "إعلان نيروبي" للقادة الأفارقة بشأن النمو الأخضر وحلول تمويل المناخ، ودعوة للعمل للدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى والشركاء الداعمين لدعم تنفيذها.

وتستمر فعّاليات أسبوع المناخ فى إفريقيا بعد انتهاء قمة المناخ الأفريقية اليوم؛ حتى يوم السبت القام 9 سبتمبر؛ ليكون منصة لواضعى السياسات والممارسين والشركات والمجتمع المدنى لتبادل الحلول المناخية والحواجز التى يجب التغلب عليها والفرص التى تم تحقيقها فى مناطق مختلفة، لتقديم أول تقييم عالمى خلال قمة المناخ COP 28 فى الإمارات العربية المتحدة فى ديسمبر المقبل. 

وهذا ما أكده السفير جوزيف ساكو مفوض الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق بالاتحاد الافريقى، مشيرًا إلى الحاجة إلى زيادة الاستثمار العالمى فى العمل المناخى، لا سيما فى أفريقيا، مع التركيز على 5 محركات أساسية للنمو، تشمل توسيع الوصول إلى الكهرباء، وضمان توافر الطهى النظيف، وتعزيز كفاءة الطاقة، واستكشاف إمكانيات الطاقة المتجددة المعادن الخضراء والتصنيع المستدام؛ الزراعة المستدامة والأراضى والمياه؛ البنية التحتية المستدامة والتحضر وأهمية الاستثمار فى البنية التحتية للنقل العام، مع التركيز على الخيارات العملية مثل أنظمة النقل السريع بالحافلات وحلول التنقل الإلكترونى، والمدن المرنة.

700 مليون شخص في أفريقيا مهددون بفقدان الأمن المائي

وتضر تأثيرات المناخ في أفريقيا بالأمن المائي والأخطار المتصلة بالمياه، من قبيل الجفاف الشديد والفيضانات المدمّرة، إضرارًا شديدًا بالمجتمعات والاقتصادات والنظم الإيكولوجية الأفريقية، فتغيرات المناخ أثرت على أنماط هطول الأمطار والأنهار الجليدية تتلاشى، والبحيرات الرئيسية تتضاءل، ووفقًا لتقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجويةفإن الأمن المائي للقارة يهدد بمفاقمة عوامل نشوب النزاعات وتشريد السكان.

فتشهد القارة السمراء ارتفاع درجات الحرارة، وموجات الحر، والفيضانات واسعة النطاق، والأعاصير المدارية، وفترات الجفاف الممتدة، وارتفاع مستوى سطح البحر على طول السواحل الأفريقية بطريقة أسرع من المتوسط العالمي، ما يسهم في حدوث زيادات في وتيرة وشدّة الفيضانات الساحلية والتآكل، والملوحة في المدن المنخفضة. والتغيرات في المسطحات المائية القارية لها تأثيرات في قطاع الزراعة، والنظم الإيكولوجية، والتنوع البيولوجي.

وتشير التقديرات إلى أنّ الإجهاد المائي المرتفع يؤثر في قرابة 250 مليون شخص في أفريقيا، ومن المتوقع أن يؤدي إلى تشريد ما يصل إلى 700 مليون شخص بحلول عام 2030 ، وتوضح التقارير أن أربعة دول من كل خمس دول أفريقية لن يكون لديها موارد مائية تُدار إدارةً مستدامةً بحلول عام 2030.

50 مليار دولار تكلفة التأثيرات المناخية بالقارة السمراء

وأودَت الأخطار المرتبطة بالجفاف بحياة أكثر من نصف مليون شخص وأدت إلى خسائر اقتصادية تربى على 70 مليار دولار أمريكي في المنطقة، ففي تلك الفترة، أُبلغ حدوث أكثر من 1000 كارثة مرتبطة بالفيضانات أدت إلى أكثر من 20000 حالة وفاة في أفريقيا، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، قد تكلف التأثيرات المناخية الدول الأفريقية 50 مليار دولار أمريكي سنويًا.

وحذر "أساف تزاكور" الباحث في مركز دراسة المخاطر الوجودية بجامعة كامبريدج، في بحثه بمجلة "نيتشر" العلمية، أن تغيّر المناخ قد يكلف أفريقيا أكثر من 50 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2050"، حين يتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة.

مشيرًا إلى أن عدم وجود إمكانيات لدى الدول لتكون قادرة على تتبع حال الطقس والتنبؤ بها على نطاق واسع، يؤثر على خيارات التنمية الرئيسية، مثل الزراعة، فلا جدوى مثلًا من الاستثمار في مزارع إذا كانت الفيضانات ستجرفها ببساطة.

وأوضح تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعام 2019، أن أفريقيا تغطي خمس إجمالي مساحة اليابسة في العالم، وتعتبر شبكتها للرصد البري الأقل تطورًا بين القارات، وحالتها متدهور وأنها تعاني بسبب نقص التمويل.

فتبلغ نسبة الدول منطقة  التي تقدم خدمات موثوقة في مجال الطقس بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 20% فقط، حيث انخفض عدد عمليات الرصد للغلاف الجوي  بنسبة 50 % فوق أفريقيا بين عامي 2015 و2020، وهذه مسألة خطرة.

كما أن محطات الأرصاد الجوية متباعدة جدًا، ما لا يسمح بقراءة بياناتها على المستوى المحلي بسبب اختلاف التضاريس والارتفاعات.

أفريقيا مصدر للطاقة الشمسية

وفي اتجاهات مختلفة لحل أزمة التغيرات المناخية في أفريقيا، أطلقت مبادرة الطاقة المتجددة والتنمية الاقتصادية  باسم مشروع "الصحراء مصدرا للطاقة" وهو التابع للبنك الأفريقي للتنمية توفير الكهرباء الشمسية لـ 250 مليون شخص في 11 دولة من دول الساحل الافريقي وإمدادها بالطاقة من خلال بناء قدرة كهربائية تبلغ 10 جيغاواط من خلال أنظمة الطاقة الشمسية، فضلًا عن مشاريع الشبكة وغير المتصلة بالشبكة بحلول عام 2030.

وخلال مؤتمر المناخ الأفريقي المنعقد في كينيا، تعهّدت الإمارات والتي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ (COP28)  ديسمبر المقبل، بضخ استثمار 4،5 مليار دولار  في الطاقة النظيفة في إفريقيا، وأكد سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتية، أن هذه المبادرة ستساعد في إنتاج 15 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول العام 2030.

وتندرج هذه المبادرة تحت برنامج "اتحاد 7" الذي تطلقة افمارات بهدف تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة الإفريقية بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035؛ وذلك تماشيا مع توجهاتها لتعزيز الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي عبر مبادرات ملهمة ومشاريع طاقة متجددة وفعاليات متنوعة.

ومن جانبه دعا أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، خلال قمة المناخ الأفريقية إلى دعم القارة السمراء؛ لتكون قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة.

التغيرات المناخية في مصر 

تعمل مصر على الاستعداد للتغيرات المناخية ومايترتب عليها من آثار، ومحاولة تجنب أو تلافي العواقب الشديدة لذلك تعمل هيئة الأرصاد المصرية جنبًا إلى جنب مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

ويتم التعامل مع بنك معلومات الأرصاد الجوية العالمي لبيان توقعات حالة الطقس على معظم دول العالم، حيث يتم وضع مؤشرات التنبؤ بحالة الطقس عن طريق وجود أكثر من محطة أرصاد جوية في كل محافظة ومدينة ودولة، وفي معظم المطارات، وتقوم هذه المحطات بإعطاء تقرير كل ساعة، يشمل اتجاه الرياح وسرعتها، إمكانية الرؤية، الحرارة، الضغط، ووجود قطرات الندى في الجو، وتسجل أيضًا أي ظاهرة طبيعية أو غير طبيعية تحدث.

ثم يتم إدخال النتائج المقدمة من بنك معلومات الأرصاد الجوية، على أجهزة الحاسوب ليتم تسجيلها على خرائط، ويتم فيها فصل الكتل الباردة عن الكتل الساخنة، ومناطق الضغط العالي عن الضغط المنخفض، وبالتالي يقوم الأخصائي الجوي بناءً على معلوماته وما درسه، في التعرف على أي كتلة ستدخل على البلاد وموعد دخولها، ويستنتج ما يتبعها من آثار مترتبة عليها، مثل الأمطار، الرياح، البرودة والحرارة، وبالتالي تتم عملية التنبؤ بحالة الطقس.

ومن أهم التغيرات التي طرأت على مصر، هو ارتفاع نسب الرطوبة بنسب عالية جدًا، فضلا عن قلة كمية الأمطار، كما قلت السيول التي كانت تحدث في فصل الخريف.

من جهتها أكدت ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية خلال مؤتمر المناخ الأفريقي على برامج مصر لحماية البيئة والتي تشمل حماية السواحل من ارتفاع مستوى سطح البحر، وإدارة الموارد المائية مثل مشروعات تبطين الترع وتقنيات الري الفعالة، والأبحاث حول استنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية قادرة على تحمل الظواهر المناخية الحادة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.

التكيف البيئي

وأكدت وزيرة البيئة إلى أهمية تحديد هدف عالمي للتكيف البيئي؛ للتوسع في جهود التكيف وتعزيزها، ووجود إدارة عالمية قوية لضمان الاستجابة الملائمة للتكيف، والحماية من الكوارث والحد من المخاطر العابرة للحدود، وأن تكون الاستثمارات موائمة لجهود مواجهة آثار تغير المناخ، بما يؤدي إلى قدر أقل من الخسائر والأضرار.

وأشارت إلى أن مشروعات التكيف الوطنية خاصة في البلدان النامية والافريقية تمثل عبئًا على الميزانيات الوطنية، مما يتطلب زيادة الدعم الدولي لتعزيز قدرة تلك البلدان على التعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ. لافتة إلى أن كلمة السر في الهدف العالمي للتكيف هي كيفية الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ، والذي يرتبط بشكل أساسي بتمويل التكيف.

وأضافت أن مضاعفة تمويل التكيف تعمل على تعزيز جهود التكيف، وتحقيق التوازن بنسبة 50/50 بين تمويل التخفيف والتكيف في أقرب وقت ممكن. كما أشارت أن تقوم بنوك التنمية المتعددة الأطراف بإصلاح إجراءاتها الحالية، والعمل الجماعي لإصلاح الهيكل المالي الحالي لتقليل المخاطر المتوقعة لمشروعات التكيف، إلى جانب ضرورة مشاركة القطاع الخاص لدعم تقليل تلك المخاطر.