الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ليوناردو دينى يكتب: التخلص من «الدولرة» (1).. نحو إضفاء الطابع الديمقراطى على الاقتصاد العالمى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى ٢٥ يوليو٢٠٢٣ التقى الرئيس الجديد للبنك الأهلى المصرى ورئيس بنك تنمية بريكس الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى الكرملين. وكان موضوع إزالة الدولار وإزالة الأمركة والتخلص من الدولرة فى الاقتصاد المالى العالمى وكان كل ذلك هو موضوع المناقشات بين الطرفين.
وأثار وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف خلال اجتماعات جاكرتا ٢٠٢٣ مع دول شرق آسيا مسألة إزالة الدولار من خلال اقتراح اتفاقيات جديدة بين دول شرق آسيا ودول البريكس ولكن ما هى عملية نزع الدولار؟ ولماذا أصبحت قضية أساسية فى النقاش الاقتصادى الدولى اليوم؟
عملية نزع الدولار
نقصد بإلغاء الدولار الاستبدال التدريجى فى الأسواق المالية الحقيقية والافتراضية للدولار كعملة مرجعية دولية للمعاملات وباعتباره العملة المهيمنة فى الاقتصاد العالمى استبداله بعملة جديدة يتم إنشاؤها خصيصًا من قبل ما يسمى دول البريكس. منذ عام ٢٠١٤ كان من بين الأولويات المشتركة للصين وروسيا مشروع الحد التدريجى من القوة العالمية للدولار تلك القوة المرتبطة بالقوة العسكرية والسياسية لإمبراطورية واشنطن العالمية.
وهناك تقرير للمعهد الرسمى لدراسات السياسة الدولية بعنوان: «الدولار يبقى إلى الأبد وسيستمر»... ستتألف عملة البريكس المستقبلية الافتراضية من «عملة رقمية مضمونة باحتياطيات من الذهب أو ما يعادله فى المعادن النفيسة».
قمة البريكس فى ٢٣ و٢٤ أغسطس سيدرج هذا الموضوع على جدول الأعمال.
ستكون عملة البريكس الجديدة عملة شبه افتراضية وهى تشبه إلى حد ما الديناريوم الرومانى فى العصور القديمة اوفلورين فى العصور الوسطى أو مثل الجنيه الإسترلينى فى وقت الإمبراطورية الإنجليزية وسيتم طرحها لتصبح العملة المرشدة للاقتصاد الدولى الجديد. ويطمح الرنمينبى الصينى أو اليوان السابق مع هذا النموالمتسارع للقوة الجيوسياسية والمالية الصينية إلى لعب دور رئيسى فى بناء اقتصاد جديد، لكنه لا يستطيع ذلك بمفرده نظرا لضعف سعر صرف عملتها فى نظام الصرف الأجنبي.
بينما يستعد العالم متعدد الأقطاب لإنشاء نظام اقتصادى غير احتكارى ولكنه مفتوح.. من البلدان التى تعمل على إزالة الدولار هى فى الأساس دول البريكس: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا. وتعمل روسيا والبرازيل على أساس مصلحتين مختلفتين ولكن متقاربتين.
فروسيا تعمل للتغلب على نبذ العملة الروسية والروبل ذلك النبذ الناجم عن الحرب الأوكرانية أما البرازيل فتعمل لإعطاء إمكانيات للدول العالم الخاضعة لاستغلال شبه استعمارى غربى جديد لتحرر نفسها وتكون أقل ارتباطا بالمصالح الأمريكية والأنجلو أوروبية المهيمنة.
أعاد الرئيس البرازيلى لولا إطلاق اقتراح إزالة الدولار بعد اجتماعه مع شى جين بينغ فى بكين فى أبريل ٢٠٢٣ فى مقر بنك التنمية الجديد متسائلا: «لماذا لا نتداول لصالح عملاتنا الخاصة؟ من الذى قال إن الدولار هوالعملة العالمية بدلًا من معيار الذهب (التبادل بالذهب)؟ «لماذا لا يمكن لبنك مثل دول البريكس أن يكون له عملته الخاصة لتطوير علاقاته التجارية؟ إنه أمر صعب لقد تعودنا على عملة واحدة».


إن هذا الخطاب الذى ألقاه إجناسيوسيلفا دا لولا فى الصين خطاب تاريخى فقد أرسى أسس مشروع تداول عملة عالمية بديلة والتى لا تزال أمرا غير قابل للتصديق من وجهة نظر الاقتصاديين والمحللين الماليين الدوليين الأوروبيين أساسًا. ومع ذلك، فإن العديد من البلدان فى جنوب وشرق العالم تتخذ حاليًا موقفًا مؤيدًا للتخلص من الدولار بعض الأمثلة:
تم الآن دمج العديد من البنوك الروسية واتصالها بالنظام الصينى المكافئ لنظام Swift: نظام الدفع المصرفى Interborder Banking، CIPS.
تقوم دول فى أمريكا اللاتينية وآسيا رغم عدم وجود عملة جديدة بتنسيق الثورة النقدية جنبًا إلى جنب مع دول البريكس وروسيا والصين والهند التى تقود هذه الحركة من أجل ايجاد بديل غير غربي.
كما أن رجال الاقتصاد ينظمون أنفسهم لتشجيع استخدام العملات البديلة والعمليات المالية التى لا ترتبط بالدولار. كما تعمل دول البريكس وآسيا والصين وروسيا من أجل عالم ما بعد الدولار رغم أن كروغمان الحائزعلى جائزة نوبل فى الاقتصاد يدعم الحوكمة العالمية للدولار.
الوضع الراهن للدولار اليوم 
ويرى الاقتصادى الصينى Liang Pinghan الأستاذ فى كلية الإدارة بجامعة Sun Yat Sen، والذى تحدث فى Global Times أن هيمنة الدولار تحولت إلى سلاح جيوسياسى يهدف إلى ابتزاز ومعاقبة الدول غير المتحالفة مع أمريكا ومع النظام الدولى لجورج بوش الأب والمفروض منذ عام ١٩٩١.
وتستخدم ما لا يقل عن ٨٥ دولة عملات بديلة للدولار فى التجارة الدولية. وقد قررت رابطة دول جنوب شرق آسيا التى تضم دول شرق آسيا استبدال الدولار فى المعاملات الدولية. كما انشا بنك التنمية الآسيوى سلاته من العملات للتجارة ما بين دول منطقة RCEP (الشراكة الاقتصادية الإقليمية العالمية) بين دول الآسيوية والصين واليابان ونيوزيلندا وأستراليا وكوريا الشمالية باستخدام عملة بديلة للدولار. ومع ذلك فإن دور الدولار فى التجارة الخاصة لم يتغير ولا يوجد سوى عدد قليل من الاختلافات فى التدفق على مستوى العملات الأجنبية (فوركس: صرف أجنبي).
وترجع بعض الأمثلة الخاصة بتجارب إلغاء الدولرة الجارية فى العالم إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات الناشئة (EM).
كل هذه العناصر لا تشكل موردًا ماليًا فحسب ولكن استراتيجية لتطوير كتلة حرجة بديلة فى مواجهة النظام العالمى الذى فرضه الغرب والذى كان يعتبر حتى الآن غير قابل للتغيير. ورغم الأطروحات المبتكرة لجون إم كينز (الاقتصادى الإنجليزى فى أوائل القرن العشرين واضع نظرية دولة الرفاهية ) فقد بدا من المستحيل تعديل بعض المعايير الاقتصادية.
وحتى اتفاقيات بريتون وودز بعد الحرب العالمية الثانية أو اتفاقيات ماستريخت فى التسعينيات فقد بدا أنه لا شيء يمكن أن يتغير فى الميزان النقدى الأوروبي. وحتى نهاية تداول الذهب بالدولار فى عام ١٩٧٥، بدا من المستحيل على العملة الأمريكية أن تكون غير مدعمة باحتياطيات الذهب فى Fort Knox كما أنه من الصعب أن تكون مهزوزة أو سريعة الزوال فى الأسواق المالية والافتراضية.
نظام مالى عالمى مرن ومتغير: بعض الأمثلة من التاريخ الاقتصادى 
تتكيف العملات الدولية مع هذه التغييرات العالمية. إن التوازى بين العملات الرئيسية للاقتصاد العالمبين تطور الأحداث التاريخية ليس اقتراحًا ولكنه أمر مفروغ منه. فقد بزغ نور الدولار تزامنًا مع ظهور القيادة الدولية للولايات المتحدة مثلما كان الجنيه الإسترلينى فى وقت الإمبراطورية البريطانية.
الحالة الفرنسية
حتى أن فرنسا قد عرفت على مدى قرنين من العصر المجيد للفرنك إلا أنها فشلت فى جعل عملتها هى العملة الأولى فى القارة الأفريقية وفى منطقة دول جنوب الصحراء الكبرى. فقد تخلت المستعمرات الفرنسية السابقة فى المنطقة عن استخدام ما يسمى بالفرنك الأفريقى الفرنسى (أوCFA).
فى العصور القديمة كان CFA اختصارًا لـFranc des Colonies Françaises en Afrique. واليوم، يستخدمه كل من UEMOA (الاتحاد الاقتصادى والنقدى لغرب أفريقيا) وأيضًا (Cemac هى العملة الاقتصادية فى وسط أفريقيا). فى كلتا الحالتين، يتم ربط عملة CFA باليورو وفقًا لتعادل ثابت تقرره فرنسا نفسها. لذلك، فإن فرانك ما بعد الاستعمار هو الذى يسيطر على البلدان الأفريقية ويتسبب فى فقرها.
وتبدو فرنسا الآن وقد فشلت فى تحقيق طموحاتها الاقتصادية والمالية فى أفريقيا، على وجه التحديد بسبب أخطائها فى الإستراتيجية الدولية، ولأن الدول الأفريقية بدأت تتحرر من هيمنة الجانب الفرنسى الذى لا يُنظر إليه إلا على أنه استراتيجية ما بعد استعمار.
حالة تركيا والبرازيل 
على عكس فرنسا فى السيناريوهات الاقتصادية المتطورة تلعب تركيا والبرازيل لعبتهما المستقلة لزيادة قوة عملتيهما وزيادة قيمتهما التبادلية. تلعب هاتان الدولتان دور لاعبين جدد فى الاقتصاد العالمي؛ فيطمح الأتراك لأن يكونوا مركز غرب آسيا والجسر الاقتصادى والمالى إلى أوروبا وآسيا. ويطمح البرازيليون أن يكونوا المركز المالى لأمريكا الجنوبية والجسر المؤدى إلى أمريكا الوسطى من جهة وإلى الدول الأفريقية الساحلية (غرب أفريقيا ) من جهة أخرى
معلومات عن الكاتب: 
ليوناردودينى مفكر وفيلسوف من أصل إيطالى.. كانت أطروحته للدكتوراه حول نظرية السياسة وفلسفة القانون، له العديد من الكتب والدراسات، كما كتب الرواية إلى جانب القصائد الفلسفية.. يكتب عن نظام الدولرة وسبل التخلص منه.