الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

الليبرالية المصرية.. الوطن يتسع للجميع.. مكرم عبيد وبطرس غالى وويصا واصف وفخرى عبدالنور.. رموز مضيئة فى التاريخ المعاصر

مكرم باشا عبيد
مكرم باشا عبيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعود ظهور الملامح الليبرالية في مصر الي قرن من الزمن عندما بدأها الزعيم سعد زغلول لمواجهه الاستعمار وشهدت مولدأً لأول حزب ليبرالي في مصر كان الهدف منه محاربه الأفكار الاستعمارية وشهدت الحياه السياسية في مصر ظهور العديد من الأسماء التي سطرت نضالها من خلال انتمائها للفكرة الليبرالي في مصر.

وتمتلك الليبرالية جذورا قديمة في مصر، بداية من مطلع القرن العشرين، بداية من وجود قوى ليبرالية محافظة مؤمنة بضرورة استمرار الوضع الراهن وقتها، كان سبب هذا الاتجاه هو المحافظة على مصالحهم الاقتصادية، بينما كان لدى المفكر أحمد لطفي السيد اتجاه آخر في الليبرالية، وهو ضرورة التغيير في أفكار المجتمع، والعمل على ظهور حركة تنويرية حتى تستطيع مصر الانتقال لليبرالية السياسية، وفي ١٩١٩ ظهر الاتجاه الثوري الليبرالي وقاده سعد زغلول ومعه مصطفى النحاس، ومكرم عبيد، للتخلص من الاستعمار واستقلال الوطن، وهذا التغيير لن يأت إلا بالتغيير من أعلى إلى أسفل.

مكرم عبيد: مسلمون وطنًا ونصارى دينًا


«نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارًا. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين»، المقولة الأشهر في القرن الماضي لرمز الفكر الليبرالي في مصر الزعيم مكرم عبيد.


اسابيع مرت على الذكرى ٦٠ لرحيل احد اهم زعماء الحركة الوطنية المصرية في القرن العشرين، وهو من أبرز المفكرين في خمسينيات القرن الماضي.


في صعيد مصر وتحديدا في قنا عام ١٨٨٩ ولد «مكرم» شاب مختلف عن أبناء جيله، يضع التعليم نصب عينيه، ليدرس القانون في جامعة أكسفورد، وهناك يحصل على شهادة تعادل الدكتوراه، ليتبنى الأفكار الليبرالية، ويعود إلى وطنه ليساهم في انتشاله من الاستعمار.


ولد مكرم عبيد فى قنا فى صعيد مصر عام ١٨٨٩، ودرس القانون فى جامعة أكسفورد، وحصل على ما يعادل الدكتوراه فى عام ١٩١٢.


وينتهي مكرم لعائلة سياسية عريقة، هي عائلة عبيد، التي لعبت دورا هاما في تاريخ السياسة المصرية، وهي من أشهر العائلات القبطية في العمل السياسي.


عمل مكرم في الصحافة، فتقلد موقع سكرتير تحرير بجريدة الوقائع المصرية، واتجه للعمل بالمحاماة حتى اختير نقيبا للمحامين، وفي ١٩١٩ انضم لحزب الوفد، وعين وزيرا للمواصلات في عام ١٩٢٨، وأصبح سكرتيرا عاما للوفد في عام ١٩٣٥، كما شغل منصب المالية بعد معاهدة ١٩٣٦، والتي كان بموجبها أن تنسحب القوات البريطانية من مصر باستثناء قناة السويس.


ورغم نجاح ثورة ١٩١٩ في جمع التيارات الليبرالية حول هدف واحد، وهو الاستقلال، لكن سرعان ما ظهر الاختلاف بين القوى الليبرالية، فانقسم الوفد بين جناحين، الأول الجناح المحافظ وتزعمه أحمد لطفي السيد، وعدلي يكن ومحمد محمود، وشكلوا حزب الأحرار الدستوريين، بينما تزعم الجناح الثوري سعد زغلول ومكرم عبيد ومصطفى النحاس، استمر هذا الخلاف بين الليبراليين حتى ثورة ١٩٥٢، بعد أن اعتبرت الثورة أن القوى الليبرالية جزء من منظومة حكم فاسدة، فتراجعت حتى فترة حكم السادات التي شهدت صعودا للتيارات الإسلامية.


ويعتبر مكرم عبيد القبطي الذي عبر حاجز الأقلية، ليكون شخصية عامة تحظى بحب الجميع مثلما ذكر الدكتور مصطفى الفقي في كتابه «الأقباط في السياسة المصرية...نموذج مكرم عبيد ودوره في الحركة الوطنية»: «كان أول قبطى يتولى مسئولية رئيسية فى حزب الأغلبية ، وقد نجح عبيد فى أن يصنع جسورا قوية مع الرأى العام المصرى لمدة سنوات طويلة، وساعده على ذلك المناخ العام الذى تجسد فيه قدر معقول من الديمقراطية الليبرالية التى تقوم على اسس علمانية تفصل بين القرار السياسى والموقف الدينى، حيث تمثل ثورة عام ١٩١٩ بداية العصر الذهبى للمشاركة القبطية فى الحياة السياسية تحت رايات الوحدة الوطنية».


دافع مكرم عبيد عن عباس العقاد، بعدما اتهم العقاد بسب الذات الملكية، وهو صاحب فكرة تأسيس نقابات عمالية.

بطرس غالي باشا 

بطرس غالى باشا.. وعلمنة القانون
عام١٨٤٦ ولد بطرس غالي في محافظة بني سويف، ووالده غالي بك، ناظر تفتيش شقيق الخديوي إسماعيل، وهو من أهم الأقباط وأشهرهم في العمل السياسي المصري، وتولى رئاسة الوزراء المصرية.
من الإسهامات التي قام بها بطرس غالي في الحياة السياسية المصرية هي علمنة القانون، فقام بإعداد القوانين المختلطة معتمدا في ذلك على القانون الفرنسي، وفي عام ١٨٨٤ شارك في اللجنة التأسيسية برئاسة نوبار باشا وعضوية قناصل الدول في مصر لتعديل القوانين، وتقلد العديد من المناصب منها المالية، والخارجية، واحتفظ بكونه ناظرا للخارجية، بالإضافة لتوليه رئاسة وزراء مصر، وهو أول رئيس وزراء من خارج طبقة الارستقراطية التركية، وتم اغتياله عام ١٩١٠، أثناء خروجة من ديوان الخارجية على يد شاب يدعى إبراهيم الورداني.
ويصا واصف.. أسد الأقباط
تولى ويصا واصف باشا رئاسة البرلماني المصري في عهد الملك فؤاد الأول، والثانية بعدما فاز حزب الوفد بالانتخابات، ليكون أول رئيس قبطي للبرلمان المصري.
عرف ويصا باشا بالحكمة، والاتزان والثقافة، وثقافته الواسعة، كما أن أفكاره الليبرالية جعلته من محبي الآداب والفنون، فتولى الرئيس الشرفي لجماعة الخيال للفنون والتصوير والرسم التي أسسها الفنان محمود مختار في عام ١٩٢٨، وتأييدا من ويصا باشا للدور الذي لعبته حركة الفن التشكيلي في ذلك الوقت بتأييدها لحركة الكفاح المصري، وتأكيد الهوية المصرية.
وحسب كتاب الأقباط والبرلمان أصوات من زجاج للكاتب عادل منير، بدأت الطموحات السياسية للأقباط في مصر في فترة محمد سعيد باشا، عندما كان الأقباط جزءا من كبار ملاك الأراضي في مصر، كما أن الفكر الليبرالي لحزب الوفد دفع الكثير من الأقباط في المشاركة في الحياة السياسية المصرية.
ولد ويصا باشا في محافظة سوهاج، وتحديدا في مدينة طهطا، فاكتسب الإصرار من نشأته الصعيدية، ليتخرج من مدرسة الحقوق ، ويبدأ مشواره الوطني بمقالات، تنشر على صحيفة اللواء، التي كانت يصدرها الزعيم مصطفى كامل، وبدأ يتقرب من مصطفى كامل، ومحمد فريد باشا، وتنشأ علاقته بالحزب الوطني، قال عنه المؤرخ عبدالرحمن الرافعي: «ويصا واصف قد تم اختياره في اللجنة الإدارية للحزب الوطني ضمن ثلاثين عضوا بارزا، وبالتالي أصبح من قادة هذا الحزب إلى جانب الزعماء الكبار للحزب وبعد رحيل الزعيم مصطفي كامل باشا مؤسس الحزب في ريعان شبابه فتر بريق الحزب واختلت موازينه وضعفت قبضة الزعيم الجديد محمد فريد ومن ثم ظهرت أجنحة متضاربة أبرزها جناح الشيخ عبد العزيز جاويش المتطرف دينيا، والذى كان يدعو إلى الارتباط بالباب العالي والخليفة العثماني وظهر جناح آخر ينادي بشعار مصر للمصريين يتزعمه أحمد لطفي السيد وأدي هذا الانقسام إلى خروج عدد من العناصر الهامة من الحزب كان منهم ويصا واصف الذي استقال من الحزب قرب أواخر عام ١٩٠٨ميلاديا بعد ستة أشهر فقط من رحيل الزعيم مصطفي كامل باشا».
شعر الاحتلال الانجليزي بخطورة الأحزاب المصرية وتكاتف الأقباط مع المسلمين، فبدأ ببث الفتنة الطائفية بينهما، وفي الوقت ذاته قام كل من الدولة العثمانية التي يمثلها عبد العزيز جاويش والخديوى عباس حلمي الثاني الجالس على عرش مصر بإشعال سعير نيران الفتنة، كان وعي ويصا بخطورة هذه الأفكار التي تبناها الإنجليز جعلته يتصدى بشدة لنيران الفتنة المشتعلة، وسانده العقلاء وفي مقدمتهم أحمد لطفي السيد، فقام بإخماد صوت المؤتمر القبطي الذى انعقد بأسيوط في يوم ٦ مارس عام ١٩١١، كما تصدى لأفكار أخن خ فانوس، وهو من أعيان أسيوط، والممول الرئيسي للفتنة الطائفية، وتصدى لكل محاولات الهدم، وساعده في ذلك مطران أسيوط، فقام ويصا بالتأكيد على نبذ العنف، ورفض كل أشكاله، وأن حصول الأقباط على العمل يكون من خلال التعليم، والاندماج في نسيج الوطن، وليس في التمييز، وأن الانتخابات الحرة هي الوسيلة الصحيحة للمشاركة في الحياة النيابية، دفع ويصا واصف الكثير من أجل التصدي لهذه الدعوات الهدامة، وتعرض للكثير من الإهانات، حتى إنهم لقبوه بيهوذا الإسخريوطي الذى خان المسيح عيسي عليه السلام، فصمد أمام الاحتلال ودعاة الفتنة، وساهم في إنقاذ مصر من مخطط للخراب.
فخرى عبدالنور.. قاموس الوفد
ولد فخري عبدالنور لأسرة وطنية عريقة، ساهمت في الحياة السياسية والنضال ضد الاحتلال الأجنبي في مصر، فوالده من مؤيدي الثورة العرابية ضد الإنجليز، وأخفى عنده من شارك في الثورة، فشرب فخري الوطنية من والده، الذي كان دائم العطاء لأبناء قريته وتقديم الأعمال الخيرية لهم دون تفرقة، حتى إن العائلة ساهمت في بناء مسجد، وخصصت الأسرة غرفة لوكيل الأزهر الجامع الأزهر وقتها الشيخ محمد حسنين العدوي، ووالد الشيخ حسنين مخلوف، مفتي الديار المصرية، وكان يطلق عليها غرفة الشيخ.
كما زار منزلهم في جرجا بسوهاج الزعيم سعد زغلول، في أكتوبر عام ١٩٢٠، ومن وقتها انخرط فخري عبدالنور في العمل السياسي، فأصبح من أبرز قيادات الوفد، بالإضافة لمجموعة مم السياسين الأقباط مثل سلامة ميخائيل، وجورج خياط، ومرقص حنا، كما كان المتحدث باسم أهل جرجا لكونه عضوا بالبرلمان المصري، ومن المواقف الشاهدة على عمق العلاقة بين عائلته القبطية والقيادات الدينية الإسلامية مرافقة شيخ الأزهر الشيخ المراغي، لفخري عبدالنور أثناء التوجه لخطبة زوجته.
أكمل أبناء فخري عبدالنور العمل السياسي، وتولى البعض منهم مناصب حكومية، وكان فخري من ضمن الطبقة الثانية من تشكيل حزب الوفد، التي ضمت
المصري السعدي وحسين القصبي وفخري عبد النور ومحمد نجيب الغرابلي ومصطفى القاياتي وسلامة ميخائيل، وفي عام ١٩٠٥ انضم إلى حزب الأمة عام، ومن المواقف التي لا تنسى لفخري عبدالنور عندما قدم اللورد كتشنر إلى الصعيد، لافتتاح خزان نجع حمادي، واجه عبدالنور زيارة اللورد بخطبة في الشعب طالب فيها بضرورة وسرعة إنهاء الإحتلال على مصر.
ربطت سعد زغلول علاقة قوية بفخري عبدالنور حتى أطلق عليه سعد زغلول قاموس الوفد، فكان يلجأ إليه سعد لمعرفة مواقف كل شخص من ثورة ١٩١٩.
رحل فخري عبدالنور تاركًا خلفه تاريخيا مشرفا من النضال وحب الوطن.