الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ستيفان نيتوجليا يكتب: مجاهدى خلق.. اليمين الغربى يدعم المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية.. مريم رجوى تمكنت من تقديم برنامج سياسى من أجل «إيران علمانية وديمقراطية دون عقوبة الإعدام»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هل تجازف النخب السياسية فى فرنسا أو فى إيطاليا أو فى أى مكان آخر فى الغرب بالدفاع عن مجاهدى خلق الإيرانية مثلما فعل كارتر فى ١٩٧٨-١٩٧٩ والديموقراطيون الأمريكيون واليسار الغربى عندما طالبوا شاه إيران بعدم قمع الثوار الإسلاميين الماركسيين والإسلاميين الشيعة المتعصبين لآية الله الخمينى.. بل دافعوا عنهم ووثقوا فى شعارات الديمقراطية التى نادى بها أنصار الثورة الإسلامية الايرانية.
واليوم نحن أمام خطر «قلب المقلاة على النار» بذلك الدعم الذى نوليه للثوار من مجاهدى الشعب الذين انقلبوا على النظام بعد أن ساندوه فى البدايه. 
فى ١٢ يوليو فى مجلس النواب الإيطالى، تمكنت مريم رجوى رئيسة «المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية» التابع لمنظمة مجاهدى خلق من تقديم «برنامج سياسى من ١٠ نقاط» لصالح «إيران علمانية وديمقراطية دون عقوبة الإعدام».
وتؤكد رجوى إن الاقتراح كان يحظى بتأييد أكثر من نصف البرلمانيين الإيطاليين فقد شارك بعض السياسيين المحافظين فى المؤتمر مثل السيناتور جوليو تيرزى دى سانت أجاتا ودبلوماسى محترف ووزير سابق للشئون الخارجية فى حكومة مونتى ورئيس قسم العلاقات الدبلوماسية لحزب إخوان إيطاليا وكذلك رئيس الشئون الأوروبية فى لجنة مجلس الشيوخ بالجمهورية الإيطالية السناتور ماركو سكوريا والنائب إيمانويل بوزولو وكذلك جون بيركو رئيس البرلمان البريطانى من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٩.
فى الولايات المتحدة، شهد المحاضرات السنوية لرجوى سياسيون بارزون من «المحافظين الجدد»، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكى السابق مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومى الأمريكى السابق جون بولتون، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
وفى فرنسا نظمت منظمة مجاهدى خلق أيضًا مؤتمرات سنوية. ولكن فى الأيام العشرة الأولى من يوليو حظرت السلطات الفرنسية اجتماعًا لمنظمة مجاهدى خلق فى باريس «بسبب خطر الإخلال بالنظام العام» لكن تم رفع الحظر فيما بعد بأمر من المحكمة الإدارية وانطلقت المظاهرات يوم السبت ٨ يوليو ٢٠٢٣ فى ضواحى باريس بحضور بعض الشخصيات من اليمين الفرنسى.
ليست هذه هى المرة الأولى التى يدعم فيها السيناتور تيرزى منظمة مجاهدى خلق. فقد دعا فى مقال له نُشر فى ٢٩ ديسمبر فى مجلة فورميش الإلكترونية إلى دعم «حركات المقاومة الإيرانية وفى مقدمتها منظمة مجاهدى خلق التى تعمل جنبًا إلى جنب مع مجموعات أخرى تحت قيادة المقاومة الوطنية الإيرانية ورئيستها المنتخبة مريم رجوي» أملًا فى الحصول على دعم للمنظمة ذلك أنه: «بفضل تلك القاعدة العريضة من الشرعية السياسية والأخلاقية.
المقاومة الإيرانية - بقيادة مجاهدى خلق والشخصية الكاريزمية لمريم رجوى - تمثل جوهر وكنه الثورة المستمرة فى إيران التى تسعى لتغيير النظام ذلك الامر الذى أصبح هذا هدفًا لا مفر منه».
يبدو أن برنامج رجوى، كما أورده السيناتور تيرزي يتضمن العديد من الأشياء الجيدة.. من بين هذه المقترحات الجيدة رفض «ولاية الفقيه» أو حكومة المرشد الأعلى وهو مفهوم قدمه آية الله الخمينى عام ١٩٧٩، وتأكيد سيادة الشعب على أساس الاقتراع العام والتعددية وحرية التعبير وحرية الأحزاب السياسية ثم حرية التجمع وحرية الصحافة والإنترنت والفصل بين الدين والدولة وحرية العبادة والمعتقد. وربما كان هذا هو السبب فى تعاطف اليمين.
ومع ذلك، فإن مبادرة وزير الخارجية السابق لحكومة مونتى لها منطقها الخاص إذ أنها تنظر إلى هذه الحركة على أنها حركة منظمة وذات توجه ولها تحالفات مع حركات مقاومة أخرى مناهضة للملالى.
لكن المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية، الذى يعتبر نفسه برلمانًا وحكومة فى المنفى يختلف تمامًا عن المجلس الوطنى الإيراني cni الذى يحمل الاسم نفسه للأمير رضا بهلوى نجل الشاه الراحل محمد رضا بهلوى (١٩١٩-١٩٨٠). فقد أسس الـcni مجموعة من الحزب الدستورى الإيرانى فى عام ٢٠١٣ وهى مجموعة ذات ميول ليبرالية وتضم أيضًا أعضاء من الحركة الخضراء وهى حركة معارضة منذ عام ٢٠٠٩.
ويشكك بعض أعضاء المقاومة الإيرانية فى أن منظمة مجاهدى خلق يمكن أن يكون له تمثيل فى إيران مستندين إلى أنها تتمتع فقط بالدعم فى الخارج خاصة فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وأنها لا تعمل لخدمة الشعب الإيرانى الذى يتهمها بـ"الخيانة» خلال الحرب العراقية الإيرانية. كما أنهم يرون أن لها موالين فى الحكومة الإيرانية وأمن الدولة.
على أى حال، يجب ألا ننسى الأصول الإسلامية الماركسية لمنظمة مجاهدى خلق التى أسسها فى عام ١٩٦٥ محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلى أصغر بديع زادکان عندما كانوا يدرسون بجامعة طهران.. أصبح قادتها فيما بعد مسعود رجوى الذى توفى عام ٢٠٠٣ (يدعى البعض إنه مات بسبب الإيدز والبعض الآخر يدعى أنه لا يزال على قيد الحياة ويوجه رسائل سياسية) واليوم مريم رجوى زوجته.
اليوم يقدم التنظيم نفسه على أنه «اشتراكى ديمقراطى إسلامي» من حيث التوجه لكننا نعلم أن «الذئب يفقد فروه ولا يفقد أنيابه» ولذلك علينا توخى الحذر كما تقول أناليسا بيرتيجيلا المحللة فى مجلة اسبيون لاين Ispionline فقد كتبت تقول: «على الرغم من أنهم ولدوا بفكر ماركسى إسلامى ورغم أنهم لا يزالون فى الواقع حركة أقرب بكثير إلى الطائفة وأنهم فى منتصف الطريق ما بين تشكيل سياسى لينينى والطائفة الإسماعيلية القديمة المعروفة باسم (الحشاشين) فإن منظمة مجاهدى خلق تدعو اليوم إلى قيم العلمانية والديمقراطية.
إن هدفهم الذى سيبدو واضحًا بعد الإطاحة بالنظام الإيراني هو إنشاء حكومة مؤقتة بقيادة مريم رجوى ثم انتخابات حرة. 
بعيدًا عن الخطب الرنانة، فإننا نجد أسلوب العمل سلطويًا وقسريًا إذ لا يمكن لأعضاء المجموعة التواصل مع الصحف أو الراديو أو التليفزيون ولا يمكن لأحد انتقاد رجوي؛ فجميعهم يتعرضون بشكل دورى لجلسات نقد ذاتى يتم تصويرهم خلالها وهم يقررون ويعترفون بأنهم «تصرفوا بطريقة مخالفة لقوانين الجماعة» ولربما تستحدم هذه الصور ضدهم لاحقًا؛ وقد قامت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان داخل المجموعة.
وتؤكد بيرتيجيلا على أن منظمة مجاهدى خلق لا تمثل بديلًا موثوقًا به أو مرغوبًا فيه للنظام الإيرانى الحالى ذلك أن الشعب الإيرانى نفسه لا يعترف بشرعيتها. بل على العكس هناك عداء عميق تجاههم بسبب الاستخدام المكثف للأساليب الوحشية والدعم الذى قدموه لصدام خلال الحرب العراقية الإيرانية فضلًا عن الخوف من أنهم بمجرد وصولهم إلى السلطة قد يتبنون أساليب مماثلة لتلك التى يستخدمها النظام الحالى.
والخطورة فى أن السياسيين الأمريكيين والأوروبيين مفتونون بالشعارات الديمقراطية وتحرير المرأة التى تنادى بها هذه المجموعة.. هذا هو ظاهر الأمر ولكنها تخفى حقيقة أخرى فى الداخل». وتؤكد أن: «دعم قضية المجاهدين يعنى المجازفة بتكرار خطأ سبق ارتكابه فى الماضى أى التركيز على الجماعات المعارضة المعادية للنظام ودعمهم لينتهى بهم الأمر ببلد غير مستقر ونظام جديد ليس أفضل من السابق».
وتشير الكاتبة الصحفية بيرتيجيلا إلى الدعم المتهور الذى قدمه بعض المسئولين فى الإدارة الأمريكية للخمينى خلال الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩ ثم ندموا عليه لاحقًا. ويؤكد الصحفى الإيطالى ألبرتو نيغريل ان جيمى كارتر الفائز فى الانتخابات الأمريكية لعام ١٩٧٦ لعب دورًا مهمًا فى الإستراتيجية الأمريكية المؤيدة للخمينى الذى نادى بـ"حقوق الإنسان» وجعلها جزءًا أساسيًا من برنامجه الانتخابى وضغط على الشاه لتخفيف القمع وإطلاق برنامج لتحرير النظام ثم تبرأ وأنسلخ من مبادئه بمجرد وصوله للسلطة.
وقد كتب نيغرى «إن الولايات المتحدة كانت تملك القوة لدعم الشاه ولكن إدارة كارتر قبلت بسقوط سلالة بهلوى» مما يؤكد ما قاله الشاه عن الدور الذى لعبته الإدارة الأمريكية فقد كتب: «أعلنت الولايات المتحدة رسميًا أنها لن تتدخل بأى شكل من الأشكال فى إيران.
اليوم أستطيع أن أقول إنه منذ أسابيع كنت أعلم أن اللعبة قد انتهت وأن الرهان قد حسم» ويواصل: «لفترة طويلة منذ عامين تقريبًا فوجئت بالموقف المزعج للأمريكان. كنت أعرف أن بعضهم كان ضد برنامجنا العسكرى فقد أعلنوا أن الخبراء والمدربين لاستخدام المعدات العسكرية الجديدة يمكن أن يكونوا رهائن للروس».
«نتساءل لماذا لم تفعل أقوى القوات المسلحة فى الشرق الأوسط شيئًا لوقف الثورة. فى شتاء عام ٧٨ قرر النظام الملكى عدم اللجوء إلى الجيش وتم استبعاد الخيار العسكرى بالفعل خلال اجتماعات أكتوبر ١٩٧٨ بين السفير الأمريكى سوليفان والشاه والجنرال أويسى القائد العام.
كما أن الضابط الأمريكى روبرت هويسر الذى أرسل إلى طهران فى يناير١٩٧٩ لدراسة ما يجب فعله مع جنرالات الجيش اتصل بالمعارضة للتحقق من إمكانية التحالف بين الجيش والخميني!. لم تتخلَّ واشنطن عن الشاه فقط بل تخلت عن رئيس الوزراء بختيار الذى عينه محمد رضا.
كما أن إدارة كارتر لم تفعل شيئًا لدعم حكومة بازركان المعتدلة التى كان فيها عدد كبير من الوزراء الموالين لأمريكا. نكتفى بذلك لأن السؤال هام وحساس للغاية ويستحق المعالجة بمزيد من التفصيل وما يهمنا هنا أن نؤكد على عدم تكرار أخطاء الماضى حتى لا تتكرر فى الحاضر وحتى «لانقلب المقلاة على النار» كما نقول فى إيطاليا.
معلومات عن الكاتب: 
ستيفان نيتوجليا كاتب إيطالى وباحث فى القضايا السياسية، خاصةً فى أوروبا وآسيا.. ينضم للحوار بهذا المقال الذى يعرض لرؤية تستحق أن نتوقف أمامها كثيرًا ونتأمل فى مغزى تحليله فى ظل ما يعانيه الشعب الإيرانى.