الأحد 02 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

على الدين هلال يكتب: 3 ثورات مصرية فى شهر يوليو

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الأولى ضد الحكم المملوكى.. والثانية عام 1952.. والثالثة في 2013 بدأت بحركة شعبية استجابت لها القوات المسلحة
يرتبط شهر يوليو بعدد من الأحداث والثورات الكبرى فى التاريخ البشرى، كالثورتين الأمريكية والفرنسية. وأُشير هنا إلى ثلاث ثورات شهدتها مصر فى هذا الشهر فى القرون الثلاثة الأخيرة. وهى ثورات ١٧٩٥، و١٩٥٢، و٢٠١٣. وكان من شأن كل منها إحداث تغييرات عميقة فى الجسد السياسى والاجتماعى المصرى.
كانت الثورة الأولى فى فترة الحُكم المملوكى لمصر، الذى شهد مراحل من الصعود والانكفاء. فكان منها مثلا على بك الكبير الذى تولى الحُكم فى ١٧٦٨ وسعى للاستقلال عن سلطة العثمانيين، ولكن محاولته لم تنجح. وفيما بعد، وتصدر الحكم اثنان من كبار المماليك وهما مراد بك وإبراهيم بك الذين نشبت ثورة ١٧٩٥ بسبب العسف والضرائب الجائرة. 
وحسب رواية الجبرتى فإنه «جاء رجال من بلبيس إلى المشايخ فى الأزهر يشكون الظُلم...ويُعلنون سُخطهم من الاستبداد الجاهل». فتجمع المشايخ أبرزهم الشرقاوى والسادات والبكرى والسيد عُمر مكرم، ومعهم جمع غفير من أهالى القاهرة الذين أعربوا عن رفضهم لممارسات الحُكام. وأجبر ذلك مُراد وإبراهيم على التراجع والتوقيع على حجة شرعية أمام قاضى القُضاة، وقعها أيضًا الوالى العُثمانى، تعهدها فيها بعدم جباية أموال جديدة، وعدم مصادرة الأوقاف أو المساس بمستحقات شيوخ الأزهر، إلا بعد الرجوع لكبار المشايخ والاسترشاد بآرائهم. وكانت هذه الحجة بمثابة عقد سياسى بين الشعب وحُكامه. 
وكانت الثانية فى يوليو ١٩٥٢، التى بدأت كتحرك للجيش دون مشاركة مدنية، ولكن سرعان ما تحولت إلى ثورة متكاملة الأبعاد وأحدثت تحولات عميقة فى شكل نظام الحكم، وفى نمط السياسات العامة، وفى منظومة الأفكار السياسية السائدة. وكان من شأن هذه التغيرات، إعادة رسم خريطة الطبقات والشرائح الاجتماعية، وتغيير توازن القُوى فى الشرق الأوسط وعلاقته بالعالم. 
أما الثورة الثالثة، فتشير إلى ما حدث ما بين يومى ١-٣ يوليو ٢٠١٣. ففى أعقاب حكم جماعة الإخوان المسلمين وسياساتهم لفرض هوية جديدة على المجتمع مخالفة لما ألفه المصريون على مدى عشرات السنين، تدهورت الأوضاع السياسية فى البلاد وتكونت جبهة الإنقاذ من عدد كبير من كافة الأحزاب الديمقراطية والمدنية، ونشبت حركة تمرد التى دعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وجمعت توقيعات بدعم هذا الطلب من عدد يفوق ما حصل عليه الرئيس من أصوات فى الانتخابات.


دعت القوى المعارضة إلى نزول الناس إلى الشوارع فى ٣٠ يونيو، للضغط على الرئيس لإجراء انتخابات مبكرة. ومن جانبهم، دعا الإخوان أنصارهم إلى النزول أيضا والاحتشاد فى الشوارع. وكان الجو العام يتسم بالاستقطاب الحاد وإمكانية الصدام بين الجانبين. اتخذ الجيش موقف الترقب، وأصدر بيانا فى ٢٣ يونيو حذر فيه من مغبة هذا الاستقطاب الذى يمكن أن يؤدى بالبلاد إلى نفق مظلم، ودعا الفرقاء المتنازعين إلى ضرورة الاتفاق، وأمهلهم أسبوعا ينتهى فى ١ يوليو. 
فى ١ يوليو، صدر بيان للقوات المسلحة أشار إلى أن الجيش ليس طرفا سياسيا، ولكنه أكد على مسئوليته فى حماية الأمن القومى المصرى فى ضوء أن الوضع القائم يمثل خطرا متزايدا على أمن البلاد. وأعطى البيان «للجميع"-أى الحكم والمعارضة-مهلة ٤٨ ساعة. وأضاف البيان أنه إذا لم تتحقق المطالب الشعبية خلال هذه الفترة، فإنه سوف يقوم بتنفيذ «خارطة مستقبل» يشارك فيها جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية بما فيهم الشباب دون إقصاء أو استبعاد أحد. لم يستجب الحكم للمطلب الشعبى وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واستمرت حشود المواطنين لا تبرك أماكنها فى الشوارع والميادين.
ومع انتهاء مهلة الـ٤٨ ساعة، عقد اجتماع بوزارة الدفاع حضره ممثلو القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة، كان منهم د. محمد البرادعى رمز التيار الليبرالى، وممثلين عن الائتلافات الشبابية، وحركة تمرد، وحزب النور السلفى، والكاتبة سكينة فؤاد، كما حضر كل من شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية.
وتم فيه الاتفاق على عناصر «خارطة المستقبل»، وجرى صياغتها فى بيان ألقاه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى، وأعقبه كلمات من المشاركين أكدت جميعها على عدم إقصاء أو استبعاد أى طرف من العملية السياسية الجديدة. وجدير بالذكر، أنه تم توجيه الدعوة إلى حزب الحرية والعدالة وهو الحزب الممثل لحركة الإخوان لإرسال ممثل له لحضور الاجتماع، ولكنه قرر عدم الاستجابة له.
أكد البيان أن الجيش تحرك تلبية للمطالب الشعبية ولملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع، ولم يستجب الحكم لمطالبهم أو مطالب أحزاب المعارضة فى إجراء حوار لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى، وإزالة أسباب الاحتقان، ومواجهة الأخطار والتحديات التى تواجه أمن الوطن. 
تضمن البيان أيضًا تعطيل العمل بالدستور الذى أصدره الإخوان فى ٢٠١٢، وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة الدولة لمدة عام، على أن يعقب ذلك انتخابات رئيس الجمهورية ومجلس النواب. وفتحت هذه القرارات الباب لمرحلة جديدة من التطور السياسى والاقتصادى فى مصر. رحبت كل القوى المدنية وجموع المتظاهرين بما ورد فى البيان، واحتشد ملايين المصريين فى الميادين فى كل المحافظات احتفالًا بتحقيق مطلبهم. 
إذا كانت ثورة ١٧٩٥ حركة شعبية مدنية بامتياز فرضت على الحكام تغيير سياساتهم، وكانت ثورة ١٩٥٢ حركة عسكرية إلتف حولها المجتمع، فإن ثورة ٢٠١٣ بدأت بحركة شعبية استجابت لها وأيدتها القوات المسلحة.