الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حاشية محلب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشعب المصري بعد ثورتين ضحى خلالهما بفلذة أكباده من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية، وأضيف إليهم طلب ملح جاء بعد ثورة 30 يونيو وهو الشفافية ومحاربة الفساد والشللية، ولقد دفع الشعب الثمن مقدماً، وانتظر طويلاً دون أن يتحقق شيء، وتوسمنا خيراً عندما تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة مجلس الوزراء، وهو - كشخص - إنسان رائع ومجتهد وخلوق ويعشق العمل الميداني، وأنا شخصياً أكنّ له كل احترام وتقدير، وأعلم أن الفترة التي تولى فيها المسؤولية صعبة وحرجة جداً ولا تتحمل أي نوع من الفشل.
ولكن يا معالي رئيس الوزراء هناك أسباب كثيرة قد تعيق مسيرتك - والتي كانت بدايتها مبشرة - وهي حاشيتك الموجودة خلفك وتذهب وراءك في كل مكان منذ أن كنت رئيس مجلس إدارة شركة "المقاولون العرب"، نفس الوجوه التي كانت تصفق وتهلل للفساد في عصر مبارك، تلك الحاشية التي نشرت الفساد كسرطان في جسد الجهاز الإداري، وهي تكبر وتترعرع بقربها من صناع القرار.
سيدي: لقد ترك ملف الشباب والقوى الثورية في يد سكرتيرتك الشخصية والملازمة لك منذ بداية عملك في "المقاولون العرب"، وهي من الوجوه القديمة المنتمية بفكرها إلى الدولة القديمة ومعها مساعديها من رجال الحزب الوطني المنحل، وللأسف وكأنها تنتقم من الثورة والثوار، لقد وجهت الدعوة إلى ما يسمّى بـ "القوى الثورية"، ولكنها للأسف أحضرت لك من ليست لديه أرضية في الشارع ولا يستطيع أن يحرك خمسة أفراد، وأفهمتك أن هؤلاء هم القوى الثورية، ولكن للأسف أغلبهم يسترزقون من العمل في السياسة والقرب من صناع القرار، بالإضافة إلى أنها أغفلت عن عمد أن تدعوا القوى الثورية في المحافظات، والذين يستطعيون التأثير على الشارع، كما أن اختيار نادي "المقاولون العرب" للاحتماع لا يليق بقوى سياسية جاءت لتناقش وتتحاور من أجل إعلاء مصلحة الوطن ومن أجل البسطاء من الشعب، ويا للعحب، كان الاجتماع من أجل مناقشة قضايا التعذيب في السجون والمعتقلين، أي معتقلين "أنا مش عارفه"، فعلى حد معلوماتي أنه لا يوجد معتقل واحد في السجون المصرية، وجميع المساجين لديهم قرارت قضائية بالحبس، فهل من المعقول ان تكون الحارس على تنفيذ القانون وتناقش كيفية الالتفاف عليه؟!.
سيدى الرئيس: الشعب كان منتظراً منك أن تجتمع مع الشباب لتعرف أفكارهم في حل المشكلات الخاصة بهم وبهموم المواطن البسيط، وأعلم أن البسطاء والمطحونيين من الشعب لا يهمهم سوى أن يعيشوا في أمان وأن يستطيعوا إطعام أولادهم فقط، وهذا مطلب بسيط لإنسانيتهم لأنهم ببساطة يحترقون بنار الأسعار التي غفل وزراؤك عن متابعتها والحد منها، إنهم يا سيدي ما زلوا يعانون في الحصول على رغيف العيش المدعم الذي يسد جوع أولادهم، وما زلوا يبحثون عن سقف يحميهم من برد الشتاء بعد أن اشتعلت أسعار الشقق بالقانون الجديد، ولا يجدون وسيلة مواصلات تحفظ لهم آدميتهم، ناهيك عن القمامة التي يعيشون وسطها وكأنها جزء من جغرافيا المكان.
لقد أصبح هناك خيط رفيع بين الشعب والحكومة، فإذا انقطع لا نلم إلا أنفسنا، والفرصة مواتية لك أن تكون أحسن رئيس وزراء مر على تاريخ مصر إذا حققت للغلابة والمهمشين الحد الأدنى من إنسانيتهم.
وأخيراً: إن ما يثير دهشتي واستغرابي أن الحكومة لا تزال بعيدة كل البعد عن فهم مطالب الشعب، وأن العجب العُجاب عندما ترى ما ينادي به رئيس الوزراء في واد وما يقوم به رجاله في واد آخر، بل إن عملية الإصلاح التي تنادي بها الدولة لم تتعدّ إصلاح أنبوب مياه مثقوب أو إصلاح شارع كثرت فيه الحفريات، أما الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي فلا يزال شكلياً لم نلمس منه شيئاً على أرض الواقع، البطانة الفاسدة - أو الطبقة العازلة، أو الحاشية - أخطر قواعد الفساد والإفساد على الوطن.