الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

في ذكرى رحيلها.. نوال السعداوي مفكرة واجهت الجماعات المتطرفة

الراحلة د. نوال السعداوي
الراحلة د. نوال السعداوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عاشت الكاتبة والمفكرة الدكتورة نوال السعداوي طوال حياتها مدافعة عن قضايا المرأة، وضد أي محاولات استغلال اقتصادي أو ديني أو سياسي للشعوب، فقضت حياتها في معارك متواصلة، رافضة أن تستغل صوتها الحر في تأييد مواقف مريبة لدول غربية، خارجيا هاجمت التوجه الأمريكي والإسرائيلي في التعامل مع القضية الفلسطينية، وداخليا واجهت جماعات الإسلام السياسي بشجاعة رغم تهديدها بالقتل والتصفية الجسدية، لكونها ساهمت بقوة في فضح نفعيتهم ومحاولات سرقة عقول الناس لتكريس المزيد من أفكار الرجعية والجمود.
سعداوي، رحلت في 21 مارس من العام 2021، عن نحو 90 عاما، حيث ولدت في أكتوبر من العام 1931، صادف رحيلها عيد المرأة المصرية وعيد الأم، التي طالما دافعت عن حقوقها بجرأة كبيرة، وانشغلت في مؤلفاتها بالمرأة وكيفية تربيتها، وطرق المجتمعات الشرقية في حصار المرأة والضغط عليها لتظل حبيسة البيوت، فليس لها الحق في شيء، إلا في تجميل نفسها للرجل فقط، لكن خروجها للعمل ومنافسة الرجل على أعلى المناصب، يعتبر جريمة لا تغتفر، فهى عورة، وفق تصورات تلك التيارات، يجب أن تتخفى ولا يظهر منها إلا العينان من وراء شاش رقيق يتيح لها الرؤية.
هذه الأفكار كانت محل رفض تام من التيارات الإسلاموية، وأمام صلابة فكر "سعداوي"، شعرت الجماعات المتطرفة بالخوف؛ لذا سعت لإسكات صوتها بالتطاول عليها، وتهديدها بالقتل، والتشويش على حقيقة أفكارها بحيث تصل إلى الجمهور في صورة غير حقيقية وبشكل عدائي، ما شكّل حالة تربص من قبل الكثيرين بكل ما تقوله، حتى قبل إخضاعه للتفكير والتأمل.
 

من المواقف القذرة التي كانت تمارسها عناصر الجماعة الإرهابية مع "سعداوي" هو ما ذكرته في بعض مقالاتها، أن "جماعة الإخوان دأبت على تشويه سمعتى، وإعلان وفاتى فى عيد ميلادى فى شهر أكتوبر كل عام، وعشت القهر الدينى والسياسى والاقتصادى والأخلاقى والأدبى". واكتمل هذا المشهد عند رحيل نوال السعداوي بشكل حقيقي في مارس قبل عامين، حيث أظهرت عناصر وقيادات إرهابية تابعة لجماعة الإخوان مزيدا من الشماتة والإحساس بالانتصار الزائف.
وعلى الرغم من التشويه المتعمد، خاصة من جماعة الإخوان الإرهابية ضد المفكرة الراحلة، فإن "سعداوي" تظل مصدرا مهما وكبيرا من مصادر المعرفة لأجيال عدة من الشباب، عرفوا في مقالاتها وكتاباتها شجاعة المواجهة وجرأة التفكير، ورسموا لعقولهم الطريق ناحية التمرد والثورة على الأفكار القديمة، التي لا تصنع مجتمعًا مدنيًا راقيًا، بقدر ما تؤسس وترسخ لعبودية الإنسان، وسهولة استغلاله من قبل تيارات سياسية أو دينية.
خلال مشوارها، حذرت الكاتبة من المؤامرات الاستعمارية من الدول الغربية التي تدعم بشكل خفي التيارات الدينية الرجعية ليغلب الجهل وتعم الفوضى، وتظل أحلام المستعمر قائمة، حيث أوضحت أن تيارات الجمود تهاجم أي محاولات لتجديد الفكر الديني لتظل مسيطرة على عقول وأوهام الناس.
وأكدت "سعداوي"  أن رجال الدين يستخدمون السلطة الدينية الروحية للسيطرة على الناس وتحقيق مكاسب سياسية، وأن رجال السياسية الذين يرتدون عباءة الدين لقهر الناس وخداعهم، مستعرضة عدة أمثلة قديمة وحديثة لبيان فكرتها، حيث كان الفرعون القديم "يرتدى ملابس الحكم فى الأعمال الخاصة بالسياسة والاقتصاد والدولة، ثم يتنكر داخل الثوب الدينى، ليحكم باسم السلطة الإلهية. وكان الكهنة، ورجال الدين، من حوله، يخدعون الشعب باسم الإله، يفرضون الضرائب، على هيئة قرابين تٌقدم فى المعبد، ويستولون عليها. ولم يكن للكهنة أى عمل منتج".
وأشارت إلى الرئيس الأمريكى، جورج بوش، الذي أمسك بالإنجيل فى يده، ورفع رأسه، معلنا الحرب ضد العراق، باعتبارها حربا مقدسة ضد الشيطان فى عام 1991. وتحت اسم الوعد الإلهى لليهود بالأرض الموعودة، لشعب الله المختار، تم احتلال فلسطين، وطرد أهلها، وقتلهم.   
وتشير "سعداوي" إلى عمق الفكر الإرهابي لدى التيارات الدينية، فترى أنه ليس مرتبطا بدين معين، لكن قتل الآخرين غير المؤمنين ظاهرة تاريخية سابقة على ظهور الإسلام بجميع مذاهبه، الوهابية وغير الوهابية، وأن تاريخ المسيحية واليهودية يغرق في الدم وقتل الآخرين الذين لا يؤمنون بإله اليهود أو يسوع المسيح؛ لعل أقرب هذه الحروب الدموية إلينا هي حرب إبادة الشعب الفلسطيني من أجل الاستيلاء على الأرض الموعودة، التي منحها «يهوا» إلى شعبه المختار؛ لأنهم يؤمنون به وليس أي إله آخر.
وعن دور الجماعات في القفز على إرادة الشعوب، قالت الكاتبة الراحلة إن ثورة إيران عام 1979، بدأت ضد القهر السياسى الاقتصادى للشعب الإيرانى، لتحرير النفط من الأيدي الاستعمارية، لكن سرعان ما تعاون الاستعمار الأمريكى والإسرائيلى لتحويل الثورة الإيرانية، إلى ثورة دينية بزعامة الخمينى، وتم إجهاضها بواسطة رجال الدين، وكأن التاريخ يعيد نفسه.
وأضافت: "كذلك الثورة المصرية، فى يناير 2011، بواسطة الإخوان المسلمين، والتيارات الإسلامية السلفية، التى أمدها الاستعمار الأمريكى الإسرائيلى، وتوابعه فى أوروبا، بالمال والسلاح".