الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لم ينس أبدًا سعادة أمه بلحن أغنية "سلامتها أم حسن"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما التقيته أول مرة أثناء تلحينه أغانى  أوبريت "حراس الوطن" فى أوائل التسعينيات والذى كتبه  الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، وأخرجه المخرج الكبير جلال الشرقاوى، ومنذ هذا اللقاء ونحن أصدقاء،  ولم تنقطع زيارتي واتصالاتي به حتى وفاته.

أذكر أنه أثناء تلحين الأوبريت كان هناك اختلاف في  الرؤى  لمقدمة الأوبريت بينه وبين الخال "الأبنودى"؛ حيث أراد الخال أن تكون  المقدمة الموسيقية للأوبريت وطنية جادة، وكان العبقري "جمال سلامة" يريد مع الوطنية موسيقى بها ابتهاجًا بعيد الشرطة.

وفى النهاية فازت رؤية الملحن الذكي.. لقد نجح الموسيقار العبقري طوال مسيرته الموسيقية الخالدة فى تقديم ألحان كثيره تتميز بالبساطة والبهجة معًا، منها على سبيل المثال تلحين أغنيته الشهيرة  "العيد فرحة" للفنانة الرائعة صفاء أبو السعود، كلمات الشاعر عبدالوهاب محمد.

ليس هذا فقط، ولكن فى أكثر من حديث صحفي للموسيقار  المتميز حكى أنه أثناء تلحينه للفنانة ماجدة الرومي نجمة الغناء العربي لقصيدة "مع الجريدة" لأشهر الشعراء العرب نزار قباني صاحب اللغة الشعرية البسيطة والجميلة توقف عند كلمة "ذوبني" فى القصيدة، وقال لها: لازم نتصل به ليضيف لنا كم كلمة معها.

كلم  الملحن المبدع  مؤلف القصيدة الشاعر نزار قباني  ليضيف له كلمات؛ وإذ به يقول له: "شو جمال بدك كلام زيادة؟".. قال له: أريد أمام كلمة ذوبني كلمات "هيصة...  هيصة".. فضحك كثيرًا، وفي اليوم الثاني أرسل إليه الإضافة، وقال له: "والله يا دكتور أنا عمري ما غيرت بقصائدي إلا مرة مع عبد الحليم، ومرة مع نجاة، والثالثة معك". 

وأصبحت كلمات أغنية الفنانة ماجدة هي:

ذوبني، ذوبني، ذوبني آه آه آه

ذوبني، ذوبني، ذوبني آه آه

ذوب في الفنجان قطعتين

في دمي ذوب وردتين

ذوب في الفنجان قطعتين

وفي دمي ذوب وردتين

لملمني آه 

بعثرني آه

 لملمني آه

آه آه ذوبني آه.. ذوبني

 وبعد أن سمعها مؤلفها الشاعر الكبير كتب أن قصيدة "مع الجريدة" هي قصيدة القرن الواحد والعشرين للدكتور جمال سلامة".

ختامًا: 

أحب الملحن جمال سلامة أمه حبًا كبيرا.. كانت عيناه تترقرق بالدموع عند ذكرها وهو يترحم عليها، وقد أثرت فيه تأثيرا عميقا.. وأعتقد أن سر ميل الملحن الكبير  إلى الموسيقى البسيطة والمبهجة هو رؤيته لانطباع أمه سعيدة عند سماعها لحن شقيقه الموسيقار "فاروق" وأعتراضها  على لحنه.

ففي حواره مع الكاتبة إبتسام غنيم  عندما سألته عن  علاقته بشقيقه الملحن "فاروق "، أجاب:

 هذا الاستديو كان بيتنا من الأساس، كانت والدتي تجلس معنا فيعزف فاروق لحنه لأغنية "سلامتها أم حسن" فتسعد أمي بألحانه.. وعندما أعزف لها  لحني لأغنية "قال جاني بعد يومين" تكتئب وتعترض.

ثم أضاف: فاروق موهبته أكثر مني لكن أنا الدراسة ساعدتني لأنجز ألحانًا أكثر بالأفلام.

 انطباع أمه هذا  لم يفارقه أبدًا -وهذا  اعتقادي- كما أرى أنه هو الذي جعل تلحينه يميل إلى البساطة  والبهجة  ليصل  إلى كل من يسمعه بسهولة ويُسر  ويستقر فى وجدانه؛ بمعنى أنك يمكنك استدعاء أي لحن له من ذاكرتك بعد مرور عشرات السنين من سماعك له ولو لمرة واحدة...

للحق هو ملحن متميز وعبقريته فذة.