الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

رولان لومباردى يكتب: الإخوان المسلمون.. ما المستقبل الذى ينتظر هذه الجماعة؟ (الجزء الأول)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قرار باراجوى البعيدة عن العالم العربى بإدراج الإخوان فى قائمة المنظمات الإرهابية يظهر خطورتهم كمنظمة عالمية مترامية الأطراف
فى الآونة الأخيرة، صدر قرار عن وزير داخلية جزر القمر فكر الدين محمود بحظر 69 منظمة إرهابية وجمعية فرعية بما فى ذلك داعش والقاعدة بالطبع وكذلك حزب الله وبوكو حرام والحوثيون والإخوان المسلمون


وافقت اللجنة الدائمة لكونجرس باراجواى قبل أيام على تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» على أنها جماعة إرهابية «تهدد الأمن والاستقرار الدوليين وتمثل انتهاكا خطيرا لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة».
إنها مبادرة جيدة للغاية وكل هذا يثبت أن بعض البلدان لا يملك نفس الصورة الملائكية المباركة التى يمتلكها الغربيون بشأن جماعة الإخوان المسلمين، فهى منظمة سياسية دينية راديكالية، للأسف لا يزال يقدمها بعض «الخبراء» الغربيين، بدافع السذاجة أو الأيديولوجية، على أنهم إسلاميون «معتدلون».
لكن المختصين الحقيقيين فى الأمر سيقولون لك: «الإسلام المعتدل» بالنسبة لهذه الجماعة غير موجود!
إن حقيقة أن هذه الدولة فى أمريكا اللاتينية، وبالتالى بعيدة جدًا عن العالم العربى، وتتخذ هذا القرار بإدراج هذه الجماعة فى قائمة منظماتها الإرهابية، تُظهر خطورة الإخوان المسلمين كمنظمة عالمية ومترامية الأطراف.
جزر القمر أيضًا
فى الآونة الأخيرة، صدر قرار عن وزير داخلية جزر القمر فكر الدين محمود، بحظر ٦٩ منظمة إرهابية وجمعية فرعية، بما فى ذلك داعش والقاعدة بالطبع، وكذلك حزب الله وبوكو حرام والحوثيون والإخوان المسلمون!.. هناك العديد من الديانات فى جزر القمر؛ لكن دين الإسلام السنى هو المسيطر وتحديدًا على المذهب الشافعى، والإسلام هو الديانة الرسمية ويمثل ٩٨٪ من سكان جزر القمر. وأدركت سلطات جزر القمر أخيرًا أن التطرف الذى كان ينمو على أراضيها نتيجة الدخول الفعلى للإخوان المسلمين رغم أنهم يستترون خلف المظهر المحترم.
العلاقة بين داعش والقاعدة وبوكو حرام والإخوان المسلمين
الإخوان المسلمون لديهم نفس الترتيبات والأفكار الأيديولوجية مثل القاعدة وداعش. ويجب أن نتذكر دائمًا أن كوادر القاعدة فى معظمها بدأوا فى الانخراط السياسى داخل الإخوان؛ لذلك فإن الأساليب (العنيفة للجهاديين السلفيين والمشبعة بأفكار مساندة للإخوان) هى التى تختلف من أجل إقامة شريعة مطلقة وثيوقراطية إسلامية أو حتى خلافة جديدة!
فيما يتعلق بالجماعات الجهادية فى أفريقيا، كما يذكرنا كبير الخبراء المختصين بالشأن الأفريقى برنارد لوجان على وجه الخصوص، يجب أن يكون مفهومًا أن عنف هذه الجماعات ينحصر فى معظم الأحيان فيما يسمى بالدوافع الدينية، ولكنه يخدم قبل كل شيء أعذار النزاعات القومية والعرقية والعشائرية والقبلية القديمة وكذلك الاقتصادية والاجتماعية التى ظلت دون حل فى بلدان هذه المنطقة منذ إنهاء الاستعمار.
لذلك، طبقا لهذا المعنى الذى لن نتوقف عن تكراره، فإن جماعة الإخوان المسلمين بالتأكيد أكثر خطورة من الإرهابيين لأنهم انتشروا حول العالم، كما يقول جيل كيبيل: إنه نوع من «الجهاد الجوى الذى يسيطر على الأجواء فى العالم العربى الإسلامى وفى أى مكان آخر».
الإخوان المسلمون فى العالم العربى
أثناء «الربيع العربى»، من المعروف اليوم أن هناك دولتين حاولتا، وسط عمى الغرب، وضع أتباع الإخوان فى السلطة فى عواصم الدول العربية المتضررة من هذه الثورات. وبعد أكثر من عشر سنوات، تأكد فشل هذا المحور، بل انتصار للتحالف المناهض للإسلاميين (بدون سابقة تاريخية).. هذا التحالف يدعم عودة روسيا إلى المنطقة منذ تدخلها المنتصر فى سوريا (بحسب ما ذكرته فى كتابى بوتين العرب الذى صدر فى ٢٠٢٢) ويتكون هذا التحالف من «السلمانية» العربية لمحمد بن سلمان، والإمارات العربية المتحدة - محمد بن زايد، ومصر- السيسى.
وقد لعب الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى أيضًا دورًا رئيسيًا، حتى أنه قوة دافعة، فى تحالف القاهرة / الرياض / أبو ظبى ضد الإرهاب والتطرف الدينى. ومنذ عام ٢٠١٣ ووصوله إلى السلطة، كان الهدف الأول والرئيسى للسيسى هو القتال بصراحة وبشكل ملموس - مرة أخرى دون غموض بعض نظرائه أو بعض الدول العربية - ضد الإسلام السياسى للإخوان المسلمين، والتى كانت مصر الأساس الذى انطلقت منه هذه الجماعة (تأسست فى مصر عام ١٩٢٣).
منذ ذلك الحين، وبعيدًا عن القوة الغاشمة، أدرك القادة العرب الثلاثة، السيسى ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد، بوضوح أن المرء يحارب فكرة أو أيديولوجية بفكرة أخرى. هذا هو السبب فى أن معركتهم ضد الإسلام الراديكالى، غير المسبوقة فى المنطقة، متعددة الأوجه ومتعددة الاتجاهات. وتبدأ هذه الحرب والمواجهة أولًا بتحسين الظروف الاجتماعية، ومحاربة الفساد المستشرى وتحديث اقتصاداتهم، ثم من خلال الترويج لنوع من القومية العربية الجديدة، وإصلاحات عميقة فى أنظمتهم التعليمية وتعاليمهم الدينية، فضلًا عن رغبة حقيقية لإحداث ثورة فى العقليات كما أوضحت فى كتابى «السيسى بونابرت المصرى» (صدر عن دار نشرVA، ٢٠٢٣).
فى عام ٢٠١٩، خلال التظاهرات الجديدة والمتعددة فى المنطقة، فشل الإسلاميون فى فرض أنفسهم. فى السودان، أطاحت المظاهرات بالإخوانى عمر البشير.. وفى الجزائر، رفض شباب الحراك الجزائريين بشدة، فى مواكبهم خلال تلك الفترة، السلفيين والجماعات المقربة من الإخوان.. حتى ملالى إيران لم ينجحوا فى وضع أحد بيادقهم فى بغداد خلال الانتخابات التى نظمت فى أعقاب الاضطرابات العراقية.
وفوق كل شىء، فإن ما يحدث اليوم فى إيران، مع الغضب الشعبى المستمر ضد النظام الثيوقراطى، يخضع للتدقيق من قبل جميع الشباب العربى. 
وفى السنوات الأخيرة، شهدنا أيضا مظهرًا خجولًا، لكنه حقيقى، من «الإلحاد» التدريجى للشباب العربى. ويبدو أن الإسلاميين لم يعد لديهم الرياح الكافية لاستخدام أشرعتهم. لقد كانت مشاكل الإخوان لبعض الوقت فى مجال الأعمال التجارية.. ومع ذلك، فإن أيديولوجية داعش والقاعدة لم تمت، ولا يزال بإمكانها ضرب الدول الضعيفة، كما رأينا، مثل أفريقيا أو أوروبا، أما الإخوان المسلمون، الذين لا يزالون محميين من بعض الأنظمة، فهم يعتبرون منظمة إرهابية من قبل العديد من دول المنطقة: مصر، الإمارات، السعودية، سوريا، والبحرين.
فى يوليو ٢٠٢٠ فى الأردن، أصدرت محكمة النقض، وهى أعلى سلطة قضائية، حكمًا بحل جماعة الإخوان المسلمين فى البلاد، على الرغم من حصولها على الأغلبية فى البرلمان الأردنى. وفى المغرب، بعد عشر سنوات من وصول حزب العدالة والتنمية (PJD) إلى السلطة - الحزب «الإسلامى» الوحيد المرخص له - عانى الإخوان المغاربة من تراخى وترهل سلطتهم ثم مروا بسلسلة من الأزمات الداخلية وهزائم مريرة فى الانتخابات. وفى ظل السيطرة الكاملة للأجهزة والسلطات الخاصة للملك (لا يمكن للإسلاميين المساس بها، لأنه من نسل النبى)، لم يتمكن الإخوان من معارضة التطبيع الرسمى للمملكة مع الدولة اليهودية (اتفاقيات إبراهام)، الأمر الذى أساء إلى مصداقيتهم إلى حد كبير بين مناصريهم. أخيرًا، فى تونس، نجح قيس سعيد والمجتمع المدنى بشكل منهجى فى إزاحة راشد الغنوشى وحزبه الإسلامى «النهضة» من السلطة والبرلمان.
ومع ذلك، حتى لو كانوا مهمشين وضعفاء للغاية، يجب قبل كل شيء عدم الاستهانة بهم؛ لأنهم ما زالوا مثل الكمين فى كل مكان، يستثمرون الشبكات الاجتماعية، بينما ينتظرون وقتهم لبدء جولة جديدة من البلدان العربية التى يمكن أن تعود للظهور بسبب السياق الحالى للأزمة الاقتصادية العالمية.


معلومات عن الكاتب 
رولان لومباردى حاصل على درجة الدكتوراة فى التاريخ، ورئيس تحرير موقع «لو ديالوج».. تتركز اهتماماته فى قضايا الجغرافيا السياسية والشرق الأوسط والعلاقات الدولية، وأحدث مؤلفاته «بوتين العرب» و«هل نحن فى نهاية العالم» وكتاب «عبدالفتاح السيسى.. بونابرت مصر».. يتناول، فى افتتاحيته لهذا العدد، رؤيته لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين على ضوء قرار إدراجها كمنظمة إرهابية فى باراجوى وفى جزر القمر أيضًا
 لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

https://www.ledialogue.fr/