الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإنسانية عابرة للجغرافيا والصراعات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هاهى تبدو متفوقة على كل أنواع الصواريخ الباليستيه والفرط صوتيه عابرة القارات  من حيث السرعة وقوة التأثير؛ غير أن رؤوسها ليست نوويه ولاتحمل موادا شديدة الإنفجار تنتمى للأسلحة التقليديه.

الإنسانية وحدها من يملك تلك القدرة الفائقه.

ليس فقط  على إبطال مفعول أعتى أسلحة الدمارالشامل وإنما على اجتياز كل عوائق الجغرافيا من تضاريس وصراعات ومصالح متباينه وعرقيات وقوميات متعدده وانتماءات دينيه مختلفة.

الإنسانية وحدها من جمع أيادى فرق الإنقاذ الروسية والأمريكيه فى المدن والأقاليم التركية والسورية التى دمرها زلزال الأناضول.

هال العالم صور وفيديوهات انهيار آلاف البنايات وهلع سكان المناطق المنكوبه الذين سقط منهم آلاف الضحايا؛ وهرع العالم لإمداد يد العون لإنقاذ آلاف البشر القابعين تحت الأنقاض والمشردين فى أرض حفر الزلزال بها الأخاديد والشقوق وتجتاحها عواصف ثلجية وكأن الطبيعة أبت إلا أن تحاصر البشر بأقوى أدواتها التدميريه.

اللافت ضمن وقائع هذه الكارثة الإنسانية أن الصحف ووسائل الإعلام الدولية اهتمت فى الساعات التالية لوقوع الزلزال برصد ومتابعة البيانات والمواقف الرسمية للحكومات التى لديها مواقف سياسيه متباينه مع مواقف الحكومتين التركية والسورية وركزت فى تغطيتها على المحادثات الهاتفية التى جرت بين الدبلوماسيين والساسه مع نظرائهم السوريين والأتراك لبحث سبل تقديم المساعده والعون رغم مابينهم من خلافات وبدأت تظهر تساؤلات عما إذا كان الزلزال قد يكون سببا فى إعادة صياغة وتركيب العلاقة بين الحكومتين التركية والسورية رغم هذا التاريخ الطويل من العداء والمواجهات العسكرية المسلحة؟! 

السؤال الذى يطرح منفعلا بتلك اللحظة بكل مافيها من مشاهد مأساوية؛ هل يتحمل العالم اندلاع حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوسا نووية عمياء تحرق البشر والحجر؟!

يبدو السؤال رومانسيًا أمام حسابات القوى العظمى فعلى مدار التاريخ كانت حروب الإبادة الجماعية وسيلة إقامة الإمبراطوريات الكبيرة ولاتوجد جماعة بشريه لم تعتمد تلك الوسيلة، ولم تحاول إخفاءها  وتزيينها بدعاية براقه تبرر احتلال الشعوب ونهب ثرواتها واستعبادها وإبادتها بحجة نشر أفكار وأيدلوجيات تحمل الخير للبشر!

 وشهد القرن الفائت حربين عالميتين حصدتا أرواح الملايين وانتهت الثانيه على وقع دوى قنبلة نوويه امريكيه فى هيروشيما  ونجازاكى  باليابان.

غير أن الرهان يبقى دائما على مايمكن وصفه برقى الضمير الإنسانى وتطور مفهوم الأخلاق الذى يضع قواعد ومعايير تمنع انتقال التنافس على التقدم واستثمار موارد كوكبنا إلى مرحلة  الصراع القذر على النفوذ واستغلال تلك الموارد.

مشاهد الدمار فى الإقاليم التركية والسورية جمعت المتحاربين على الإراضى الأوكرانية لإنقاذ حياة الناجين وتقديم الإسعافات الطبيه ووجبات الطعام؛ فهل تصنع هذه المشاهد زلزالا إنسانيا يحيى الضمير الأمريكى ويثنيه عن مواصلة تقديم الدعم العسكرى لقوات المدعو فلاديمير زيلينسكى أو مايسمى بالرئيس الأوكرانى؟!

هذا الدمار المروع قد يتكرر خلال أسابيع قليله فى أراضى أوكرانيا إذا أقبلت واشنطن وحلفاؤها الأوربيون على إرسال صواريخ بعيدة المدى وطائرات مقاتله.

يقول زيلينسكى أنه يريد استخدام تلك الصواريخ لضرب القواعد العسكرية فى جزيرة القرم وموسكو لو لزم الأمر.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكيه أنهم سيتركون للجيش الإوكرانى تقدير استهداف أراضى العمق الروسى من عدمه، وقد رد الكرملين بحسم إنه فى حال استهداف القرم بصواريخ الناتو بعيدة المدى فسوف يتم حرق ماتبقى من أراض تحت سيطرة "كييف" وشدد أكثر من مسؤول روسى على أنه سيتم استخدام أسلحه أكثر تطورا وفتكا.

حال مضت الولايات المتحده فى تهورها ربما تختفى أوكرانيا من خريطة العالم كدولة ولكن بكلفة بشرية باهظه والمؤكد أن الصراع سيمتد إلى دول أخرى فى مقدمتها دول بحر البلطيق.

هل يتحمل العالم مثل هذا السيناريو؟!هل تستطيع أوروبا بكل ماتدعيه من قيم إنسانيه أن تدخل فى مواجهة عسكرية تخدم مصالح إمريكا أم أنها ستستفيق قبل فوات الأوان؟!

سؤال الحرب والصراع لايتعلق فقط بالقوى العظمى من محور الصين روسيا إلى مايسمى بحلف الغرب الجماعى؛ وإنما أيضا بالصراعات الإقليميه والمحليه المحدوده فى الشرق الأوسط، من الأطماع التركية الإيرانيه إلى نزعات الإستقلال الوهمى التى لن تفضى إلا الى تمزق الدول.

هذه هى لحظة التسامح بين الجميع إيران والخليج تركيا وسوريا وباقى محيطها العربى، المنظمات الكرديه وعواصمها المركزيه سواء فى بغداد أو دمشق.

ربما يكون زلزال الأناضول الذى جمع الأضداد والأعداء على يد التعاون مناسبة لإطلاق مبادرة تدعو لمؤتمر يبحث التسامح والسلام العالمى بين القوى العظمى بمشاركة الجميع،ومؤتمرات إقليميه ومحلية إخرى يبحث كل منها على حده سبل التعايش السلمى وإنهاء أسباب الصراع وخفض مناسيبه إلى أقصى حد ممكن.

هى مجرد إفكار قد تبدو ساذجه أو عاطفيه فى أحسن الإحوال لكن سكان الأرض قد تعبوا وخارت قواهم ومع ذلك هناك من يدفع بنا ونحن فى ذلك الضعف والهوان إلى صراعات وحروب سنخوضها مكرهين ونحن نرى نهايتنا أمام أعيننا.