الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

«اقتصاد الحرب».. زيادة الميزانية العسكرية في فرنسا

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في العشرين من يناير الماضي، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ملامح مشروع قانون البرمجة العسكرية ٢٠٢٤-٢٠٣٠ الجديد، والذي من المقرر أن يناقشه البرلمان في مارس المقبل، مبيّنًا أن الميزانية العسكرية للبلاد ستصل إلى ٤٠٠ مليار يورو؛ بهدف تحديث الجيش وتهيئته لمواجهة التحديات والصراعات المستقبلية شديدة الحدة، وذلك نتيجة للتغيرات التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية على الاستراتيجية العسكرية للمنطقة.
ووعد الرئيس الفرنسي بزيادة تقارب ٦٠٪ في الميزانية المخصصة للمخابرات العسكرية، وأضاف متوجهًا إلى الجنود في قاعدة «مون دو مارسان» الجوية في جنوب غرب فرنسا بأنه مع الحرب الجارية، ستتضاعف ميزانية مديرية المخابرات العسكرية ومديرية استخبارات الدفاع والأمن؛ بهدف شن حرب استباقية، قائلًا: «علينا القيام بأداء أفضل ومختلف، وإعطاء الأفضلية لسرعة التحرك وزيادة القوة، لأننا لن نختار النزاعات التي سيتحتم علينا خوضها».
وفي عام ٢٠١٨، تم تخصيص ٢٩٥ مليار يورو للموازنة الدفاعية للأعوام السبع «٢٠١٩-٢٠٢٥»، في زيادة تهدف لرفع النفقات العسكرية للبلاد لتبلغ ٢٪ من إجمالي الناتج المحلي في ٢٠٢٥، وكانت هذه الزيادة المطردة في الإنفاق العسكري تتعارض مع سياسة التقشف المالي التي فرضت طوال عقد من الزمن على الجيش، ما انعكس عليه خفضًا في العدد وتقادمًا في العتاد، قبل أن تعود الأموال لتتدفق إلى خزينة وزارة الدفاع.
وتستهدف الإدارة الفرنسية إقامة دورات إنتاج مُثلى لتلبية احتياجات القوات المسلحة أو الاستجابة لاحتياجات الشركاء الأوروبيين مثل أوكرانيا، فضلًا عن مضاعفة عدد جنود الاحتياط البالغ، وتعزيز الاستعدادات الدفاعية للجيش، وكذلك مضاعفة ميزانية الاستخبارات العسكرية ومديرية الاستخبارات والأمن الدفاعي بنسبة ٦٠٪ بهدف استباق الصراعات العسكرية، وشن حروب استباقية إذا اقتضت الظروف، وكذلك رفع كفاءة دورها المتعلق بالتوقع وتعزيز جاهزية البلاد للتهديدات غير المتوقعة وجمع المعلومات الاستخبارية، خاصةً أن رئيس الاستخبارات العسكرية الفرنسية، الجنرال إريك فيدو، أُقيل من منصبه، في مارس ٢٠٢٢، على خلفية فشله في توقع الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم تقديم إفادات وافية، والافتقار إلى التمكُّن من الأدوات الاستخبارية.
كما يسعى «ماكرون» لزيادة الإنفاق العسكري؛ لتعزيز أنظمة الدفاع الجوي والأمن السيبراني، وزيادة أسطول الطائرات بدون طيار، وتعزيز مخزون الذخيرة وزيادة الدبابات والطائرات المقاتلة، وتحديث البنية التحتية العسكرية، وتعزيز وتحديث قدرات الردع النووي الذي ستنفق عليه باريس خلال العام الجاري نحو ٥.٦ مليار يورو.
المزيد من القرارات
وترى باريس أن عدم امتلاك القوات المسلحة الفرنسية الوسائل اللازمة لخوض حرب على مستوى مرتفع من الكثافة والحدة مثل الحرب الأوكرانية، أمر يوجب عليها اتخاذ المزيد من القرارات.
وفي كتاب بعنوان «كلمات الشرف» الصادر في نوفمبر ٢٠٢٢ قال رئيس أركان الجيوش الفرنسية السابق، بيير دو فيلييه، إن ميزانية الدفاع الفرنسية تفتقر إلى الموارد بالشكل الذي يجعل القوات المسلحة الفرنسية غير قادرة على خوض حروب شديدة الكثافة والحدة مثل الحرب الأوكرانية، ما يجعل الجيش الفرنسي في حاجة إلى زيادة الميزانية الدفاعية، من أجل تحديثه وإعادة تأهيل أفراده وتحديث وزيادة المعدات والأسلحة وقطع الغيار والذخيرة.
بدوره، قال عبدالمجيد أبوالعلا، وهو باحث مساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، إن فرنسا تشهد كغيرها من الدول الأوروبية تحولًا من سنوات عائد السلام التي انخفضت فيها الميزانيات الدفاعية مقابل تعزيز الإنفاق على البرامج الأخرى، باعتبار أن الصراع العسكري الكبير في القارة قد أصبح شيئًا من الماضي، إلى سنوات اقتصاد الحرب، تحت وطأة صدمة الحرب الأوكرانية، ما يعني زيادة الإنفاق العسكري خلال السنوات المقبلة للاستعداد للصراعات والتهديدات والحروب المحتملة داخل القارة الأوروبية.
وأوضح في دراسة بعنوان: «لماذا تتجه فرنسا نحو زيادة ميزانيتها العسكرية؟» إلى أن الأبعاد الاقتصادية تفرض تحديات على الميزانية الدفاعية الفرنسية، منها ما يتعلق بالتآكل الجزئي أو الكلي للزيادات المنتظرة حال استمرار معدلات التضخم في الارتفاع، وكذلك الضغط على الميزانية الفرنسية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وارتفاع الدين العام الفرنسي.