الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

الإخوان عباءة التطرف وسلاح الإرهاب

جماعة الإخوان الإرهابية
جماعة الإخوان الإرهابية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شكل صعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم، بازدهار الجماعات الإرهابية وانتشارها فى الدول العربية التى شهدت حراكا شعبيا فى 2011، وأدت إلى سيطرة تنظيم داعش الإرهابى على مساحات واسعة فى العراق وسوريا وتورط جماعة الإخوان فى دعم هذه الجماعات الإرهابية بالمقاتلين أو ما يسمى «تسفير الشباب» وهى القضية التى يحاكم فيها قادة النهضة الإخوانية فى تونس وعلى رأسهم زعيم الحركة راشد الغنوشي.

وأطلق على هذا الزلزال السياسى والجغرافى الذى هزّ المنطقة بدءًا من 2011 اسم «الربيع العربي» وقد أدى إلى نتائج متفاوتة. فالتظاهرات الشعبية الحاشدة فى تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا تبعتها وصول جماعة الإخوان للحكم، مما شكل بيئة خصبة لنمو الجماعات الإرهابية.

وقد كشفت بيانات المكتب العربى للشرطة الجنائية، فى السنوات الأخيرة، عن أنه جرى رصد ٧٦ تنظيما وحركة إرهابية، منها ٣٢ تنظيما عربيا صرفا. لكن حالة الانفلات الأمنى التى أعقبت الثورات العربية جعلت الواقع أسوأ بكثير مما رسمته تلك الأرقام، فى ظل الإعلان عن وجود ما يقرب من ١٧٠٠ ميليشيا مسلحة فى ليبيا وحدها.

وجاء ازدهار الجماعات الإرهابية فى فترة وصول الإخون إلى الحكم ليس مفاجأة وذلك لعلاقات قديمة ووثيقة بين الإخوان والجماعات المتطرفة وهو ما كشفه تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سى آى إيه” فى عام ١٩٨٦ والذى أشار إلى صلات جماعة الإخوان المسلمين بتنظيمات إرهابية مثل “الجهاد” و”جيش التحرير الإسلامي”، وإلى كتابات سيد قطب، عضو قيادى فى جماعة الإخوان أُعدم فى عام ١٩٦٦ بعد محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس المصرى جمال عبد الناصر وهو ما كشفه  كتاب "فشل الإخوان المسلمين فى العالم العربي"، للمؤلف نواف عبيد.

وظهرت على الساحة تنظيمات عدة مسلحة، أعلنت عن نفسها من خلال عمليات إرهابية، أو التهديد بتنفيذ عمليات عنفية، مثل جماعة "أنصار بيت المقدس"، و"جند الإسلام"، و"كتيبة النصرة"، و"التكفير والجهاد" وحركتى "حسم" و" لواء الثورة"  وغيرها من التنظيمات الارهابية فى مصر، و"درع ليبيا"، و"ميليشيات الزنتان"، و"كتائب مصراتة"، و"لواء شهداء ١٧ فبراير" فى ليبيا، بالإضافة إلى تنظيم "داعش"، وجبهة النصرة فى سوريا.

وأوضح زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولانى أن التلقين الأيديولوجى لقواته يعتمد جزئيًا على نصوص الإخوان المسلمين، لا سيما كتب سيد قطب، على الرغم من أن النصرة انتقدت جماعة الإخوان المعاصرة لمشاركتها فى الانتخابات.

إضافة إلى ما سبق، ساعد التمويل الأجنبى والطبيعة الجغرافية فى سوريا فى هذه المحصلة: فقد كانت الذراع السياسية للمعارضة متمركزة فى تركيا -نقطة الانطلاق الرئيسة- وكانت الحكومة هناك تفضل جماعة الإخوان، وتمكنت من أن تؤمن لها ما يشبه الاحتكار.

ولم تسلم تونس صاحبة "ثورة الياسمين" من تمدد الجماعات المسلحة على أراضيها، وتنتمى إجمالا، للتيار السلفى الجهادي، ومنها تنظيم "أنصار الشريعة، وبعض من جهاديى سوريا ومالى العائدين.

وفى اليمن انبثقت جماعة "أنصار الشريعة" فرعا لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، بالإضافة إلى جماعة الحوثيين.

ويتردد فى أوساط الباحثين بشئون الجماعات الإسلامية وفى إطار التأصيل لثنائية (التطرف والإرهاب)، أن هناك روابط عدة بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية، استنادا إلى مقاربات الإخوان وأفكارهم، وخطاب الجماعة ذو الملامح المتطرفة – دون عتبة العمل الإرهابى – كالذى تمارسه الجماعات المتطرفة الإرهابية.

و كتبت البرلمانية الإيطالية والمُحلّلة السياسية من أصل مغربى سعاد السباعى أن الإخوان يُحافظون خلف ستار التقية، على مواقفهم الراديكالية الواضحة، مضيفة أن هناك خطا جهاديا دمويا يربط  الإخوان والجماعات الارهابية، مثل "القاعدة" وتنظيم "داعش"، والمجموعات المُسلّحة على اختلاف أنواعها.

وأوضحت أن كل هذا يندرج فى إطار "المشروع السرى للاخوان"، وهو وثيقة من ١٤ صفحة عن خطة مُبرمجة يعود تاريخها إلى ١٩٨٢، وهى دليل على أن مُخطّطات الإخوان تشمل الغرب، وليس فقط العالم العربي. بعيد هجمات الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١، وُجد "المشروع" فى سويسرا أثناء تفتيش منزل المصرفى يوسف ندا، وهو من قيادات جماعة الإخوان فى أوروبا، ويُواجه اتهامات بتمويل تنظيم "القاعدة".

و"المشروع" مؤلف من ٢٥ نقطة تُمثّل قواعد وأسس العمل للمنظمات والميليشيات الموجودة فى الدول الغربية والمُرتبطة بالإخوان، وتدعو إلى تأسيس شبكة من الإخوان، والمُحافظة على مظهر الاعتدال واختراق المنظّمات الإسلامية الأخرى، لجذبهم نحو هدف "المشروع"، وتجنّب أى نزاع مباشر مع السلطات فى الدول الغربية. كما تدعو النقاط الـ٢٥ إلى اعتماد التقية إن دعت الضرورة، وذلك يُبرّر الكذب وحتى التصرّف بالطريقة الغربية ولو كانت تُنافى العقيدة الدينية من أجل القضية الأهم: وهى هزيمة الكفّار.

ويرى الباحثون فى الاسلام السياسى أن مرجعيات تأسيس تنظيمات إرهابية سرية تمارس التدريبات العسكرية بما فيها التدريب على الأسلحة وصناعة المتفجرات، ترتبط ارتباطا وثيقا بالإخوان، منذ أن بدأت على يد مؤسس الجماعة "حسن البنا" حينما أسس ما يعرف بـ "التنظيم الخاص" عام ١٩٣٧، برئاسة عضو التنظيم عبد الرحمن السندي، وهو تنظيم عسكرى سرى نفذ العديد من عمليات الاغتيال، من بينها العملية التى استهدفت رئيس الوزراء المصري، محمود النقراشي، والقاضى أحمد الخازندار، بعد حملة تحريض ضدهما من قبل حسن البنا نفسه.

وعليه؛ فإن مقولة أن جماعة الإخوان تقف وراء تشكيل الجماعات الإرهابية قديمًا وحديثًا تسندها أدلة تؤكد ذلك، وعنوانها أن غالبية مؤسسى التنظيمات الإرهابية بما فيها القاعدة وداعش، وفروعها المنتشرة حول العالم، كانوا أعضاء وبمراتب قيادية فى جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما القيادات التى أسست لفكرة "الجهاد العالمي"، وعلى رأسهم عبدالله عزام الذى كان أحد رموز جماعة الإخوان فى الأردن، وكذلك الحال فى قيادات تنظيم القاعدة مثل أسامة بن لادن، الذى تؤكد معلومات موثقة انتمائه سابقًا لتنظيم الإخوان، وكذلك أيمن الظواهرى الذى لا ينكر انتماءه وانطلاقته مع تنظيم الإخوان فى مصر، وإعجابه وقناعته بفكر سيد قطب، وعلى المنوال نفسه كان أبو بكر البغدادى عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين بالعراق.

وأوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) فى كتاب أصدره بعنوان (التطرف الدينى بعد ثورات الربيع العربي)، والذى ساهم فيه عدد من الكُتَّاب، وحرَّره نائب رئيس المركز ومدير برنامج الشرق الأوسط "جون ألترمان" إلى أى مدى ساهمت تداعيات وإفرازات الحالة الثورية فى إفساح المجال بشكل كبير لظهور التيارات الدينية المتطرفة التى امتدت على طول الإقليم، مما أنتج تغيرات جيوسياسية يجب فهمها وأخذها بعين الاعتبار من جانب الحكومات من أجل إمكانية التعامل معها بشكل فعال.