الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ظلال «بوكو حرام».. والانتخابات الرئاسية في نيجيريا

رولان جاكار
رولان جاكار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يتضح عدم قدرة الجيش النيجيرى والسياسيين على هزيمة الإرهاب إضافة إلى عدم وجود الإرادة السياسية لدى المجتمع الدولى من أجل مكافحة الإرهاب

تنشط «بوكو حرام» فى شمال نيجيريا منذ عقدين حتى الآن، ولم يتمكن الجيش النيجيرى بدعم من المخابرات الغربية ومرتزقة جنوب أفريقيا، من سحق هذه الجماعة

هل تخيم ظلال جماعة «بوكو حرام» على الانتخابات الرئاسية المقبلة فى نيجيريا التى تعد أكثر دول إفريقيا سكانًا؟.. يتنافس ١٨ مرشحًا ليحل أحدهم محل الرئيس محمد بخارى، البالغ من العمر ٧٩ عامًا والذى لن يترشح مرة أخرى بعد ولايتين رئاسيتين.. ومن المقرر أن يجرى التصويت فى ٢٥ فبراير المقبل.
خلال القمة الأخيرة لأفريقيا والولايات المتحدة فى واشنطن فى ١٥ ديسمبر، حذر الرئيس جو بايدن من أن الولايات المتحدة ستدقق عن كثب فى السلوك الديمقراطى للانتخابات.. هل يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية فى مناطق معينة من البلاد وأن يتم اعتبار النتائج صحيحة بشكل جدى، حيث تسيطر بوكو حرام على مناطق كاملة من البلاد؟.
لأكثر من عشر سنوات ولدت «بوكو حرام» من رمادها من جديد على الرغم من المساعدات المالية والعسكرية من الدول الغربية (الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا وتركيا مؤخرًا)، وأصبحت هذه المنظمة الإرهابية أيضًا راعية لمعظم الجماعات السلفية الراديكالية فى إفريقيا.
هذه الجماعات نظمت سلاسل توريد الأسلحة فى وسط أفريقيا والساحل حيث تأتى تلك العبوات الناسفة من معسكرات تدريب «بوكو حرام» التى توفر التسليم وإرشادات الاستخدام لعدة أشهر، كما قاموا بتسليم قاذفات صواريخ محمولة إضافة إلى أنهم فى منافسة مدمرة مع تنظيم الدولة الإسلامية فى إفريقيا ويخالفون فدية الخطف. كما يواصلون السيطرة على عمليات التهريب المختلفة وكذلك القبضة الخانقة على بحيرة تشاد حيث كان أسامة بن لادن هو أول من مول (من السودان) وألهم «بوكو حرام».. هنا يتضح عدم قدرة الجيش النيجيرى والسياسيين على هزيمة الإرهاب إضافة إلى عدم وجود الإرادة السياسية لدى المجتمع الدولى من أجل مكافحة الإرهاب.
وتنشط حركة «السنة للدعوة والجهاد» فى شمال نيجيريا منذ أوائل القرن الحادى والعشرين حيث تم تدريب المقاتلين الأوائل على يد ما كان يُعرف آنذاك باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال وبعد ذلك أصبح تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى فى شمال مالى.. وسافرت مجموعات صغيرة مكونة من خمسة إلى عشرة مقاتلين من منطقة كانو إلى بوركينا فاسو وحتى موريتانيا قبل نقلهم إلى شمال مالى. وبعد فترة تدريب أساسية مدتها أربعة أشهر عادوا وتم إرسال مجموعات جديدة.
وبعد تصعيد أنشطتها فى شمال نيجيريا بمهاجمة أهداف مدنية وقتل أعداد كبيرة من المدنيين، تدخل الجيش النيجيرى وشن هجومًا مضادًا ضد بوكو حرام، لكنه لم يتمكن من إيقاف هذه الحركة. وفى عام ٢٠٠٩، تم القبض على مؤسس «بوكو حرام»، محمد يوسف وتم إعدامه من قبل الجيش النيجيرى وعين الرجل الثانى فى الحركة أبو بكر شيكاو خليفة ليوسف.

الرئيس النيجيري


تكثيف الهجمات تحت قيادة شيكاو


قادت بوكو حرام تمردًا فى أربع ولايات شمال نيجيريا (باوتشى وبورنو ويوبى وكانو). أدى قتال عام ٢٠٠٩ إلى مقتل أكثر من ١٠٠٠ ضحية معظمهم من المدنيين. وفى عام ٢٠١٠، وصلت بوكو حرام إلى العاصمة النيجيرية أبوجا عندما تم فى ديسمبر قصف ثكنات عسكرية على مشارف المدينة. وفى أبريل ٢٠١١، استخدمت «بوكو حرام» سيارة مفخخة لتفجير مقر الأمم المتحدة فى أبوجا، مما أسفر عن مقتل ٢١ وإصابة ٧٣ آخرين وبعد عدة أشهر، قام انتحارى بتهريب قنبلة أنبوبية إلى مقر الشرطة النيجيرية؛ مما أسفر عن مقتل حوالى خمسة أشخاص.
لقد أظهر تصعيد بوكو حرام بوضوح أنها تستطيع أن تضرب العاصمة النيجيرية كما تشاء إذا أرادت ذلك.. وفى عام ٢٠١٢، أعلنت الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ بعد تصعيد آخر من قبل بوكو حرام تسبب فى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين (معظمهم من المسيحيين) حيث تمت مهاجمة العديد من مراكز الشرطة فى الولايات الشمالية الأربع فى البلاد باستخدام المركبات المفخخة والمفجرين الانتحاريين والعبوات الناسفة والكثير من المقاتلين.
فى عام ٢٠١٣، استفادت بوكو حرام من وجودها فى ولاية بورنو، بالقرب من بحيرة تشاد، لتوسيع أنشطتها إلى النيجر وتشاد والكاميرون وتضمنت الهجمات التى نفذتها بوكو حرام عمليات الخطف الجماعى (تلميذات شيبوك، ٢٠١٤)، والهجمات وإطلاق النار فى المساجد، والهجمات المتعددة على المدارس والجامعات والقرى والحافلات والكنائس، وتسبب ذلك فى مقتل الآلاف من الضحايا. وعلى الرغم من ارتباط «بوكو حرام» بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، إلا أن قادة القاعدة لم يرحّبوا أبدًا بجماعة «بوكو حرام» بين صفوفهم.
من المعروف أن القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى وحركة الشباب قد أرسلتا مدربين خاصةً أن مقاتلى «بوكو حرام» تم تدريبهم فى شمال مالى والصومال، لكن هذا لا يذهب أبعد من ذلك. ولقد تم العثور فى وثائق «أبوت آباد» على رسائل من «بوكو حرام»، والتى تم إرسالها إلى أسامة بن لادن. وفى عام ٢٠١٥، أعلنت «بوكو حرام» ولاءها لداعش وأعادت تسمية نفسها بـ«داعش - غرب إفريقيا» (ISIS - WA).
وفى عام ٢٠١٦ حدث انقسام داخل «بوكو حرام» عندما قام زعيم داعش أبو بكر البغدادى بخفض رتبة أبو بكر شيكاو وعين أبو مصعب البرناوى أميرًا جديدًا لداعش فى غرب العراق. وغادر شيكاو وأخذ معه عددًا كبيرًا من المقاتلين وترسانة من الأسلحة، وعادت الجماعة مجددًا إلى استخدام الاسم الأصلى لـ«بوكو حرام» وهى مسلحة بشكل جيد حيث استولى مقاتلوها على عدد كبير من الطائرات بدون طيار والأسلحة والعربات المدرعة من الجيش النيجيرى وفى عام ٢٠٢١، تم استهداف شيكاو من قبل حركة داعش غرب إفريقيا وتم قتله.
تقدر قوة بوكو حرام بما يتراوح بين ٤٠٠٠ و٢٠٠٠٠ شخص وفى أوائل يوليو ٢٠٢٢، هاجم مقاتلو «داعش غرب إفريقيا» سجن كوجى بالقرب من أبوجا وتم إطلاق سراح ٦٣ من مقاتلى بوكو حرام فى عملية الهروب من السجن. يبدو أن التقييم الأول يشير إلى أن «داعش غرب إفريقيا» و«بوكو حرام» يتحدان مرة أخرى منذ مقتل شيكاو.
وتنشط «بوكو حرام» فى شمال نيجيريا منذ عقدين حتى الآن، ولم يتمكن الجيش النيجيرى، بدعم من المخابرات الغربية ومرتزقة جنوب إفريقيا، من سحق هذه الجماعة.. وبصراحة، فإن الفساد وعدم كفاءة كبار قادة الجيش وسياسة الحكومة النيجيرية جعلوا «بوكو حرام» أقوى حيث تمكنت من نهب أجزاء كبيرة من ولاية بورنو وسرقتها.
إضافة إلى كل ذلك، تم إرسال الجنود بتسليح ضعيف وتدريب متواضع، وغالبًا ما يكونون بدون أجر أو طعام، إلى المعركة من قبل قادتهم، الذين جلسوا آمنين مستقرين فى مقارهم خلف خطوط المعركة واستولوا على رواتب جنودهم. وفى الحقيقة، المكاسب الحقيقية الوحيدة التى تحققت ضد «بوكو حرام» كانت خلال الفترة التى تم فيها نشر شركة اكزكيوتيف أوتكمز (Executive Outcomes) السابقة، وهى شركة عسكرية خاصة، مؤسسها إيبين بارلو مع رجاله فى نيجيريا ومنذ انتهاء عقد تلك الشركة تمكنت بوكو حرام من توسيع أنشطتها.

أبوبكر شيكاو


ومنذ الانشقاق عن «بوكو حرام»، أصبح جزء من الجماعة هو «داعش فى غرب إفريقيا» (ISIS-WA) وأصبح الإرهابيون أكثر تشتتًا ولكنهم استقروا أيضًا فى منطقة البحيرات الكبرى وتوسعت الجماعة فى الكاميرون والنيجر.. ففى عامى ٢٠٢١ و٢٠٢٢ نفذت «بوكو حرام» و«داعش فى غرب إفريقيا» ما يقرب من ألف هجوم إرهابى فى نيجيريا باستخدام أسلحة صغيرة ومعدات عسكرية تم الاستيلاء عليها وأيضا تم استخدام انتحاريين وعبوات ناسفة فى هذه الهجمات الإرهابية.. فإلى أين تتجه نيجيرها مع الانتخابات الرئاسية فى ٢٥ فبراير المقبل؟.

 

معلومات عن الكاتب

رولان جاكار.. خبير ومستشار لدى عدد من الدول الأعضاء بمجلس الأمن والمجلس الأوروبى، ورئيس لجنة المراقبة الدولية للإرهاب، ومركز دراسات التهديدات العصرية، ومتخصص فى دراسات شبكات الإرهاب، وضع كتابًا عن «أسامة بن لادن والإرهاب» قبل أحداث 11 سبتمبر2001 بفترة وجيزة، وحقق مبيعات عالية وتمت ترجمته لعدة لغات.