أدانت منظمة أطباء بلا حدود بشدة خطة حكومة الاحتلال الإسرائيلية تهجير نحو ألف فلسطيني من بيوتهم في منطقة مسافر يطا في الضفة الغربية.
وكانت حكومة الاحتلال المعينة حديثا وافقت على هذه الخطة التي تستهدف منطقة تنشط فيها المنظمة الطبية الدولية، إذ تقدم طواقمها الرعاية الصحية للسكان في مسافر يطا.
وقال دافيد كانتيرو بيريز رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود: "إن هذه الخطوة تنذر بالمباشرة بتهجير غالبية، إن لم يكن جميع، سكان مسافر يطا قسرا، إلى اين ستذهب كل هذه العائلات؟ هذا أمر غير مقبول بتاتا".
وكان الاحتلال قد صنف في ثمانينات القرن الماضي مسافر يطا كمنطقة إطلاق نار عسكرية، وفي العقود التي أعقبتها، عانى الفلسطينيون الذين يعيشون في 12 قرية متفرقة في المنطقة من هدم المنازل بشكل متكرر، ولطالما عاشوا تحت وطأة التهديد بالتهجير القسري.
وازداد الوضع سوءا منذ شهر مايو من العام الماضي، بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي أزال أي عقبات قانونية تمنع تهجير الفلسطينيين قسرا من مسافر يطا وإخلاء المنطقة لجعلها منطقة عسكرية. ومؤخرا، أكد مسؤولون فلسطينيون أنه اعتبارا من يناير من العام الحالي، غالبية سكان مسافر يطا قد تلقوا إشعارات هدم المنازل وهم تحت خطر التهجير القسري في أي لحظة.
وتمارس السلطات الاحتلال الإسرائيلية ضغوطا كبيرة على السكان لدفعهم إلى ترك منطقة مسافر يطا: من هدم المنازل، إلى نصب الحواجز، ومصادرة المركبات وفرض حظر التجول وغيرها من القيود على التنقل. ووفق فرق منظمة أطباء بلا حدود العاملين في المنطقة، فقد ازدادت حدة هذه الإجراءات في الأشهر الماضية، وأثرت بشدة على حرية الحركة وعلى الصحة النفسية للسكان، كما حدت من قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية.
ويتم إجبار المرضى وكبار السن على الانتظار لساعات طويلة على الحواجز، وإرغامهم على المشي لمسافات كبيرة للوصول الى العيادات الطبية. ولا يسلم السكان من ذلك حتى في الحالات الطارئة. وفي هذا الإطار، قال أحد السكان لفريق منظمة أطباء بلا حدود: "قد تكون على حافة الموت ولا يسمح لك بالعبور على الحواجز."
وتابع بيريز: "هذه الإجراءات تؤثّر بشكل كبير على سكان مسافر يطا وتجعل حياتهم لا تطاق، فهم يعيشون في خوف متواصل. ولا يمكن التقليل من شأن الآثار النفسية للسكان، وبالأخص الأطفال منهم. ففي الفترات التي تشتد فيها عمليات هدم المنازل، يستقبل فريق الصحة النفسية في منظمتنا عدد أكبر من الناس الذين يعانون من أعراض الاكتئاب والقلق."
ووصفت سيدة كبيرة في السن لمنظمة أطباء بلا حدود لحظة هدم القوات الاحتلال الإسرائيلية لمنزلها للمرة الرابعة في أقل من عامين قائلة: "شعرت بأنني اختنق، وبأنني عاجزة عن الرؤية وبأن يداي مكبلة. كان أطفالي في المدرسة عند بدء الهدم، وجاؤوا ليشاهدوا عملية الهدم، كانوا في حالة صدمة وفي صمت تام."
وقال أحد السكان الاخرين لمنظمة أطباء بلا حدود: "اختاروا هدم المنازل في الشتاء. هذه الليلة ستنام عائلتي في السيارة أو ربما في خيمة في هذا البرد القارس. ستكون درجة الحرارة 5 درجات مئوية".
وتدير منظمة أطباء بلا حدود ثلاث عيادات في منطقة مسافر يطا وتقدم خدمات الرعاية الصحية الأساسية للسكان، وهذا يتضمن الدعم النفسي وخدمات الصحة الانجابية، مع التركيز على النساء والأطفال والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة. وفي العام الماضي، قدمت فرق المنظمة 3,066 استشارة طبية لسكان المنطقة.
ووسط تلك الظروف، دعت منظمة أطباء بلا حدود سلطات الاحتلال الإسرائيلية لوقف خطة الاخلاء فورا وإنهاء الإجراءات التقييدية التي تعيق وصول الفلسطينيين من سكان مسافر يطا إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية. كما طالبت المنظمة المجتمع الدولي لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية سكان مسافر يطا وضمان احترام حقوقهم.
وقال أحد السكان المتضررين لطاقم منظمة أطباء بلا حدود: "ينبغي أن يعرف العالم بأسره ما يحصل لنا. نحن لا نريد سوى ان نبقى في ارضنا ونسكن في منازلنا".