الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أدباء يجسدون حياة المسيح ويثيرون الجدل

«المسيح يصلب من جديد»
«المسيح يصلب من جديد»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«إن كل لحظة من حياة المسيح هي صراع وانتصار. لقد قهر الفتنة القاهرة لرغبات الإنسان البسيط، قهر الإغراءات، وعمل دون هوادة على إحالة اللحم إلى روح، ثم ارتق»

نيكوس كازانتزاكي

في حياة السيد المسيح الكثير من الحكايات التي أثارت إعجاب الكتاب والأدباء المعاناة والشقاء الذي عاش فيها السيد المسيح منذ مولده واضطهاده أينما ذهب ولكنه كان يتلقى كل ذلك بصدر رحب ومعجزة وخير على أي مكان يمر به ويزوره، هذا الصراع الذي شهده أينما ذهب وأينما سكن ليجوب العالم ناشرًا قواسم المحبة، والعيش بسلام والشفاء من الأمراض، بل كانت معاناته مع كل حاكم ظالم، جعلت من حياته وسيرته لأيقونة للعذاب والتطهر في الوقت ذلك.

فتعاليم المسيح وشم بداخل قلوب محبيه، ومن بين الروايات التي تناولت حياة المسيح ومعاناته وأثارت جدلاً واسعًا خاصة في الأوساط الكنسية هي رواية " الإغواء الأخير للمسيح" تأليف اليوناني نيكوس كازانتزاكيسن وهي رواية خيالية مكتوبة بشكل جميل عن حياة المسيح، فتركز على الجانب الإنساني للمخلص. إذ  نجد أن الرواية تجسد شخصية المسيح كإنسان بشري عادى، من الممكن أن يضعف أمام شهواته أو أي إغراءات أمامه، والتركيز على كفاحه ونضاله الداخلي، وتظهر كيف يواجه المسيح الأحداث والإغراءات، ولا يزال قادرًا على الانتصار.

وأثارت الرواية جدلًا كبيرًا بين المسيحيين وخاصة الكنيسة الكاثوليكية، وربما بسببها رفضت الكنيسة الأرثوذكسية دفن «نيكوس كازانتزاكيس» في مقبرة أرثوذكسية، وصدرت الرواية عام 1953، وتم تحويلها إلى عمل سينمائي يحمل نفس الاسم من إخراج مارتن سكورسيزى، من بطولة ويليم دافو وهارفى كيتل، سنة 1988.

 

«المسيح يصلب من جديد»

«ولو لم يفض قلب المرء بعاطفة الحب أو الغضب لماتت الدنيا وأجدبت ولما أقدم الإنسان على شيء".

تعد رواية «المسيح يطلب من جديد» رواية من نوع القصص السيكولوجية الاجتماعية، وهي عمل فني فذ، سطرها قلم راسخ متمكن وهو الروائي اليوناني "نيكوس كازانتزاكيس" وترجمها المترجم الكبير شوقي جلال وصدرت بنسخة حديثة عن دار آفاق للنشر والتوزيع

ونجد في الرواية رقة فنية، وقوة وحيوية نشطة، ولمسة شعرية في صوغها وتصويرها المرهف لآلام المسيح، وهي صورة ملحمية لصراع الإنسان على طول التاريخ من أجل حياة أسمى، وهي أمل إنساني قوى عارم يعتمل في صدر كل إنسان، ولكن... وهنا تتجلى مسحة التشاؤم إذ يختمها « كازانتوزاكيس» بقوله: «لا جدوى يا يسوع».

فيصير الأمل سراباً كأنما نقبض الريح، ولكنه لا يترك الإنسان يتردى من وهده اليأس المطبق الأسود القاتل، بل ثمة أمل على البعد، قد يكون عسيراً بعيداً المنال ولكنه قائم على أية حال، وعلى الإنسان أن يسعى أو على قوى الخير أن تتضافر ابتغاء هزيمة قوى الشر المتمكنة.

 

«قرية ظالمة»

أما في الأدب المصري فقد استطاع الكاتب محمد كامل حسين أن يجسد معاناة وحياة السيد المسيح في روايته "قرية ظالمة" والصادرة عن دار الشروق.

تُعدّ رواية «قرية ظالمة» من أجمل ما كتب د.محمد كامل حسين، بل يراها البعض أجمل ما كُتِب عن الأيام الأخيرة للسيد المسيح. تناول المؤلف فى هذه القصة بأسلوب راق وسرد شائق مشكلات الإنسان النفسية والفكرية والاجتماعية المزمنة. وقد ترجمت إلى لغات عديدة كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والهولندية والتركية، واستحق من أجلها جائزة الدولة فى الأدب عام 1957.

وتعتبر رواية قرية ظالمة علامة بارزة من علامات السرد في الأدب العربي، وبصفة خاصة أدب المدينة الفاسدة، ومن أروع ما كُتِب عن الأيام الأخيرة للسيد المسيح، بشكل فلسفي يغلب عليه طابع السرد والإسقاطات حول مسألة الضمير الإنساني، ومعضلة الخير والشر والشجاعة والتردد والعدل والظلم، فتقول أحد اقتباسات الرواية:

وتتخذ الرواية من بيت المقدس مكانًا لها، ومن يوم واحد غيّر وجه البشرية، يوم الجمعة المصيري، الذي حدثت فيه حادثة الصلب زمانًا لها، عندما تآمر الرومان مع بني إسرائيل على المسيح، وتعرض لنا الأمر من ثلاث زوايا (علماء بني إسرائيل الظلمة، والحواريين من تلاميذ المسيح المؤمنين، والرومان الوثنيين).

قدمت الرواية جرعة فلسفية عميقة للغاية، توضح الصراع النفسي الذي يتعرض له المرء غالبًا عند مواجهة الخيارات المتاحة له، واتخاذ القرارات، وكيف ينبغي أن يكون الضمير هو الموجه النهائي له.