رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الزعيم محمد مرسي.. كفاية نورك عليا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أشرق عهد الرئيس المفدى محمد مرسي، فأحست الكهرباء بالحرج والخجل. كيف للنور الصناعي الباهت أن يواجه شمس الزعيم المضيء، الذي تمتد فيوض عطائه من غزة إلى العياط، مرورًا ببورسعيد ودمياط؟.
الماديون السطحيون وحدهم، لعنة الله عليهم، هم من يتحدثون عن نقص السولار والكيروسين، وإهمال صيانة محطات التوليد، والعجز عن توفير قطع الغيار، وغير ذلك من الخزعبلات والأكاذيب التي يروج لها العلمانيون والليبراليون واليساريون. لا ينقطع التيار الكهربائي في مصر المحروسة لأسباب تافهة كهذه، فالعلة كلها تكمن في قوة التيار الذي ينتمى إليه رئيسنا الملهم، والمعروف للعامة والخاصة أن التيار الكهربائي اللعين، الوافد من الغرب الكافر الفاجر، يغار من تيار الرئيس ويحقد عليه، ويتفنن في منافسة شعبيته الجارفة، بالمشروع وغير المشروع من الأساليب والحيل.
يستطيع الإنسان المصري الطيب أن يعيش شهورًا وسنوات دون احتياج إلى بدعة الكهرباء، لكنه لا يقوى أن يحيا يومًا أو ساعة دون استمتاع بالطلعة البهية للرئيس المنتخب، الذي لا يلبس قميصًا واقيًا من الرصاص، ويسير في الأسواق كآحاد الناس، بلا موكب أو حراسة، وينفق الليل في البكاء والدعاء. مجرد ظهوره، صامتًا أو متكلمًا، ساكنًا أو متحركًا، ينعش القلوب والأرواح، والذين يحفظون الشعر القديم لابد لهم أن يستعيدوا ما قاله الشاعر العاشق في محبوبته:
وما هي إلا أن أراها فجاءة
فأبهت حتى لا أكاد أجيب
مشروع النهضة مضنون به على غير أهله، وعتاة الاستراتيجيين الذين يتأملون بنوده العبقرية، لا مهرب لهم من التوقف الطويل أمام البند الثاني، في المادة السابعة مكرر، صفحة 1354، وفيها ما نصه:
“,”من طموحات مشروع النهضة أن تعود الرومانسية وترق المشاعر ويسود الحب ويعم الصفاء، ولا سبيل إلى ذلك كله إلا بالتحرر من طوفان الشهوات المادية، والتطلع إلى التئام الشمل وتبادل الأحاديث العاطفية الرقيقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ومفهوم الأسرة هنا يتجاوز المعنى التقليدي الضيق إلى عموم الإمارة المصرية، ولذلك يركز برنامجنا النهضوي على إحياء كل ما هو أصيل في تراث الإمارة، ومحاربة كل دخيل“,”.
هل انتبه قارئو مشروع النهضة إلى عمق وتفرد الفقرة السابقة؟. هل أعملوا عقولهم في تفسيرها وتحليلها والبحث عن أعماقها؟. لابد أن تكون الإجابة بالنفي، فنقاد المشروع العملاق جلهم من الماديين الذين أعمى الله أبصارهم وبصائرهم، ولا شيء يسيطر على عقولهم الفاسدة إلا الاقتصاد والاستثمار والتقدم المادي وكل ما في الغرب الصليبي من شعارات وفلسفات.
كيف تعود الرومانسية وترق المشاعر ويسود الحب؟!. ضوء الشموع وحده هو الذي يحقق الهدف، وعندما يعم الإظلام الشامل، يتحرر أبناء الإمارة من مشاغلهم المادية الرخيصة التي ينفقون فيها أعمارهم. يتخلى الطلاب عن الاستغراق في المذاكرة، ويقنع رب الأسرة بعمل واحد، أو نصف عمل، بدلاً من اللهاث المرهق وراء عملين أو ثلاثة، وتغلق القهاوي والكافيهات أبوابها ليعود الجميع إلى حضن الأسرة، حيث سحر الشموع ولذة السمر والتطلع إلى هدف قوي يوحد المشاعر والأحاسيس. يسيطر طموح واحد يتمثل في البحث عن إجابة لسؤال هو جوهر النهضة: متى يعود التيار الكهربائي؟.
المتنطعون الأراذل من أعداء النهضة والرئيس القائد، وما أقلهم، يثرثرون كثيرًا عن حرارة الجو وشدة الاحتياج إلى أجهزة التكييف والمراوح التي تعمل – لشديد الأسف- بالكهرباء. يالهم من أوغاد بلا هوية أو أصالة، فجدودهم عاشوا وماتوا بلا تكييف أو مروحة، وعمر بعضهم حتى تجاوز المائة.
لماذا ينسى هؤلاء الأوغاد أن انقطاع الكهرباء يعني بالضرورة أن يمتنع الرعايا من أبناء الإمارة عن مشاهدة القنوات الفضائية وكل ما تبثه من رذائل وسخافات، كما أن هذا الانقطاع يوجه ضربة قاضية إلى المواقع الإباحية التي تحفل- والعياذ بالله- بالغناء والرقص الخلاعة وكل الموبقات.
سيقول السفهاء من المعارضين المارقين إن انقطاع التيار الكهربائي قد يفسد ما في الثلاجات من أطعمة، والرد على هؤلاء ميسور: ما الاحتياج إلى ملء الثلاجات باللحوم والدجاج؟ لماذا لا نقنع بالقليل، ونشحن الكثير إلى المجاهدين في غزة والصومال وأفغانستان؟!. لماذا لا نعود إلى “,”القلة“,”، بكل ما تمثله من أصالة إمارة مصر وتراثها العظيم، ونتوقف عن شرب الماء المثلوج الذي يجلب الأمراض ويفسد الأسنان ويقترن بالترف؟
لن يعدم السفسطائيون وسيلة للنقد، ولذلك يتحدثون عن اللصوصية التي تستشري مع الظلام، وهو منطق متهافت هزيل. هؤلاء اللصوص نشأوا وترعرعوا داخل النظام البائد، وأمير المؤمنين مرسي وجماعته ليسوا مسئولين، فعلى عاتق مبارك يقع العبء، وهو وحده المطالب بإصلاح ما أفسده.
ما أروع أن ينام الإنسان مبكرًا، بعد صلاة العشاء، ليستيقظ مبكرًا، قبل صلاة الفجر. عندئذ تحل البركة، وينتفي الاحتياج إلى بدعة الكهرباء وغيرها من أدوات الغزو الحضاري. وإذا اشتد الحنين إلى الإضاءة، والنفس أمارة بالسوء، فما أيسر أن نتطلع إلى صورة الزعيم المفدى، ونغني له ومعه: كفاية نورك عليا.