الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

هواها شعبى.. المعددة والداية وظائف نسائية فى طى النسيان

المعددة
المعددة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«يا واد عمود البيت مين هده / حمال الهموم عننا وحده/ يا بيتنا العالى وقع كله / لما طلعوا سبع الرجال منه».. نحاول فى سلسلة «هواها شعبى» التى تقدمها جريدة «البوابة نيوز» الإجابة عن سؤال الهوية المصرية، أو بالبلدى كدا «إحنا مين؟»، وهل نحن حقًا نحمل سمات الحضارة المصرية القديمة، بكل ما تحمله من موروث ثقافى امتد عبر الأزمنة المتعاقبة، وما زال ينبض حيًّا جسده المصرى القديم عبر جدران المعابد والمقابر.
فالهوية المصرية تتميز بتنوعها الثقافى والحضارى، وكل منطقة بها تتميز بطبائعها الخاصة والمتفردة أيضًا، والتى تميزت بما يمكن أن نطلق عليه «تراث الحضور» نعم ما زال المصرى يمارس نفس الطقوس والعادات والتقاليد التى ورثها عن آبائه وأجداده حتى وإن شابها بعض التغير بفعل التطور الزمنى وفترات الركود والحروب، فما زال المصرى يحتفل بأعياد دورة الحياة من ميلاد وزواج ووفاة، حتى احتفالات الحصاد وغيرها من الاحتفالات التى تعبر عن الهوية المصرية، وفى هذه السلسلة سنعبر خلال الأزمنة والأمكنة لنلقى الضوء على هويتنا المصرية والمجسدة فى تراثنا الشعبى «الفولكلور».
تحمل الثقافة الشعبية العديد من المهن التى كانت تختص بها النساء وحدها دون غيرها، وهى من المهن التى تُورثها الأمهات والجدات لأبنائهن الفتيات منهن دون الفتيان، وتأتى مهنة الداية على قائمة تلك المهن والتى اندثرت تمامًا فى أواخر العشرية الأخيرة من القرن الـ٢٠، وذلك بسبب التطور التكنولوجى والوعى المجتمعى، وانتشار المستشفيات ومراكز الولادة، وأصبحت الداية مجرد مهنة لم تعد تمارسها السيدات فى وقتنا الحالى، وإنما يقوم بها الأطباء النساء منهن أو الرجال.
فقديمًا كانت الداية هى التى تزاول مهنة خروج الجنين من بطن أمه دون أن تحصل على تعليم، فكانت من المهن المتوارثة حيث تورثها الجدة لأحد بناتها ومن دورها تورثها الابنة للحفيدة وهكذا، وتقوم المهنة بالأساس على عامل الخبرة الذى تتمتع به السيدة، حيث تقوم الأم باصطحاب ابنتها التى ترغب فى توريثها المهنة وتقوم بتعليمها، كيف تتعامل مع الجنين والأم، بدءًا من تلقى المولود ومساعدة الحامل وقت الإنجاب، ووضعه فى قطعة القماش وقطع الحبل السرى.
كما كانت أيضًا تقوم بتطهير الطفل، وكان الأمر لا يقتصر على ذلك إنما أيضًا كانت تقوم بعمل وصفات من الأعشاب تشربها السيدة بعد ولادتها، وكان لها دور كبير أيضًا فى القرية فهى الملجأ لكل مشاكل الأسرة والنساء تحديدًا فهى من تصاحب العروس يوم زفافها لفض غشاء البكارة، وهى أيضًا من تقوم بختان الفتيات، والتى تصاحب المرأة من ليلة الدخلة وحتى يتم الحمل، واكتمال دورها حتى يأتى المولود.
أما المعددة أو الندابة وهى أيضًا كانت إحدى المهن التى تشتهر بها المرأة خاصة فى القرى والصعيد، فهى من تقوم بالبكاء والنواح على المتوفى، وذلك من خلال إلقاء بعد الجمل الشعرية المغناة، فالعديد بمعناه العلمى هو نوع من أنواع الرثاء، وهو "شعر عامى صعيدي" لا يعرفه ولا يمارسه إلا أهله فى مصر، له إبداع فى نظمه ولحنه وغنائه، الذى يعمل على تحريك المشاعر ويقلب الأحزان، يقوم به النساء دون الرجال.
وعن العديد فلا يتشابه مع بعضه البعض فكل شخص له العديد الخاص به فيختلف العديد على الطفل الصغير غير العديد الذى يقال عند موت فتاة أو عروسة أو شاب، فهناك تقسيم نوعى فى أنواع أى وفقا للنوع الاجتماعى والطبقة الاجتماعية بل وأيضًا دور الفرد فى داخل الجماعة.
فعلى سبيل المثال إذا كان المتوفى هو رجل الأسرة أو كبير العائلة فيأتى العديد عليه بشكل مختلف، وإذا كان المتوفى شاب فتكون المفردات مختلفة، أما إذا كانت المتوفية صبية صغيرة فتكون مختلفة حيث تقول المعدد فى رثاء الصبية «ياعود طوى واتلوى.. ميل ومال ع الأرض.. إمبارح كان فى وسطنا.. والليلة تحت الأرض».
وفى موضع آخر تقول «يا قبر جايلك عروسة محنية الكفوف والكعب.. خدت معاها الهنا وسابت وجع القلب».
أما الصبى أو الشاب فى عمر الزهور فتتغير الأبيات وتقول: «أمانة يا قبر ما يكون فيك حصى ولا طوب / جايلك ولد زين من ميلة الزمان معطوب/ جايلك ولد زين يا قبر خايل فى لف العمامة / أمانة عليك يا قبر لتكون حنين عليه ليوم القيامة».