خطر داعش قائم ما دام فيه النساء، فهن لسن مجرد عرائس بل قائدات كتائب قتل وتجنيد ومنفذات عمليات إرهابية تعدى خطرهن سوريا والعراق إلى قلب أوروبا وأمريكا، ورغم هزيمة تنظيم داعش الإرهابي إلا أن المنتميات له أعطينه نفس الحياة بتنشئة جيل جديد من الدواعش بين الأطفال.
ويظهر ذلك بوضوح من خلال اعترف امرأة أمريكية تدعي أليسون فلوك إيكرين بقيادة سرب كامل من النساء في تنظيم داعش في سوريا، والتخطيط لهجمات على الأراضي الأمريكية، كما اعترفت بتدريب أكثر من 100 امرأة وفتاة على العنف.
كانت «أليسون» وهي أم ومعلمة تحولت إلى قائدة في التنظيم، قد غادرت الولايات المتحدة في عام 2011، وعملت مع جماعة إرهابية في ليبيا قبل الانتقال إلى سوريا.
وكانت «أليسون» البالغة من العمر 42 عاما قد درست علم الأحياء وعملت معلمة مدرسة في السابق، وسافرت إلى سوريا للانضمام إلى المجموعة، بعدما عاشت في مصر وتركيا وقادت خلال وجودها مع التنظيم كتيبة نسائية بالكامل كانت تعرف باسم «خطيبة نسيبة» ومقرها الرقة، وهي المدينة التي اتخذها التنظيم عاصمة له، وكان دورها الأساسي هو تعليم النساء والأطفال استخدام الأسلحة، بدءا من البنادق من طراز غيه كي 47، والقنابل اليدوية، وحتى السترات والأحزمة الناسفة، بحسب ما قاله مسئولون.
وكانت «أليسون» تُعرف بلقب «أم محمد الأمريكي»، تعيش أيضا في الموصل بالعراق، بعدما استولى عليها مقاتلو تنظيم داعش، واعترفت أيضا بمناقشة هجمات على الأراضي الأمريكية، من بينها هجوم على جامعة ومركز تجاري.
وتكشف الوثائق أن زوجها الثاني كان عضوا في أنصار الشريعة، وهو التنظيم المتشدد الذي هاجم مجمعا أمريكيا في بنغازي في ليبيا في عام 2012، وصاغت هي وزوجها، الذي قُتل لاحقا في غارة جوية، تقريرا لقيادة التنظيم بعد تحليل الوثائق الأمريكية المأخوذة من هجوم بنغازي.
من جانبه قال مصطفي أمين، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن استغلال الجماعات الإسلامية للنساء يعد جزءا أساسيا ومحوريا من سلوكها، فالنساء عنصر مهم داخل هذه الجماعات باعتبارهن وعاء خدميا لهم، حيث يقتضي دورهن بتقديم خدمات تختلف وفق نوع وتصنيف هذه الجماعات.
وأضاف «أمين» أن دور النساء يختلف قليلا من جماعة الي أخرى، فمثلاً دور النساء في جماعة الإخوان الإرهابية تاريخي، ويتضمن الحشد للجماعة ووضعها بمواضع معينة يطلبها العمل الديمقراطي، وتستخدم في دور مهم يدعى فقه المحنة، حيث تقوم برعاية المعتقلين وأسرهم والتواصل معهم.
وأوضح دور النساء في تنظيم داعش الإرهابي حيث قال إنه تم توظيف المرأة لأغراض سياسية وذكورية، حيث قامت قيادات الجماعات بتكليفها بأمور لا يقوم بها الرجال، مثلاً إشباع رغبات المقاتلين بالتزويج عدة مرات، وهو أمر غاية بالأهمية، وتم استخدام المرأة في داعش للسيطرة على المرأة الأخرى غير التنظيمية داخل جغرافيا التنظيم إبان دولته، من خلال تكوين كتائب نسائية لإحداث نوع من الخلق العام لمناطق سيطرة الجماعة، إلا أنّ معظم ذلك لا تظهره الجماعات الإسلامية في المشهد العام، لأن المرأة بنظرهم شيء يجب إخفاؤه، واعتبر الأمر بمثابة أزمة قائمة على فكرة العبودية، حيث يستفيد الرجل في هذه الجماعات من المرأة باعتبارها جزءا من خدمة التنظيم وليس جزءا يساعد على تكوينه ونموه.
وتابع: أن قيادة معظم هذه الجماعات تعتبر المرأة جزءا يجب إخضاعه والسيطرة عليه، إلا أنّه لابد الإشارة إلى أنّ فكرة التطرف هي فكرة يصعب السيطرة عليها وليست حكراً على الرجال بل تمتد للنساء أيضاً، كما أن فكرة التبعية لدى المرأة بهذه الجماعات سائد أكثر من فكرة التبني للفكر، حيث نرى معظم نساء هذه الجماعات إما نشأت في عائلة من ذات الفكر أو تبعت رجلاً ينتمي لذات الفكر، ليبقى الرجل صاحب الفكرة والمرأة تتبع له.
بينما قال محمد صفر، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن دور النساء في داعش كبير علي عكس التنظيمات الأخرى كالقاعدة والجهاد الأفغاني فلم يكن للمرأة دور كبير في التنظيم ولا في الإدارة ولا حتي الأعمال القتالية في تلك التنظيمات.
وتابع، أن المرأة في تنظيم القاعدة على سبيل المثال حافظت لسنوات طوال على دورها التقليدي، كمساندة وداعمة للتنظيم في أي مكان حول العالم، تكتفي بتربية الأطفال بينما ظلت القيادة وصناعة القرار في أيدي الإرهابيين الرجال من عناصر وقيادات القاعدة، ويرجع ذلك لعدم اهتمام مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وخليفته أيمن الظواهري بدور المرأة، خاصة أيمن الظواهري الذي قد رفض وأكد أنه لا مكان للمرأة داخل التنظيم، خاصة في الحرب، لأن لها مهام في الصفوف الخلفية ومهام تقليدية لا غير، معتبر أن القتال ليس سهلا بالنسبة إلى المرأة، فهو يحتاج إلى محرم، لذلك دور المرأة فالقاعدة هو الخدمة، وبالتالي انحسر دور المرأة تحت زعامة بن لادن والظواهري في تحديد أدوارها التقليدية.
وأضاف «صفر» أن «داعش» من أكثر التنظيمات الإرهابية المسلحة في تجنيد وإشراك النساء في العمل المسلح، كما صنف على أنه من أكثر التنظيمات جذبًا وتجنيدًا للنساء الأجنبيات، وشاركت المرأة داخل التنظيم في أدوار اجتماعية وإدارية ولوجستية كأمهات وزوجات ومعلمات، حتى تدرجت لأدوار وظيفية وقتالية مهمة داخل التنظيم، فبدأت تشارك في التخطيط للعمليات التفجيرية، ومن هنا تم تكوين ميليشيات نسائية خاصة بالتنظيم، وفي يوليو 2014 أعلن تنظيم داعش عن إنشاء أول لواء نسائي خاص باسم كتيبة الخنساء لرفع الوعي بالدين الإسلامي ومعاقبة النساء غير الملتزمين دينيا، وبناءً على ذلك تمثلت وظائف الكتيبة في مجالات الدعوة والتعليم والأمن والشرطة، فقامت على تطبيق الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة النساء ومتابعتهن، ومحاسبة الخارجات منهن عن تعاليم الإسلام، وانتشرت نساء الكتيبة في الشوارع وقمن بمعاقبة المتبرجات وغير الملتزمات باللباس الشرعي الإسلامي والمقصرات، وواضعي العطور.
وأضاف، كن يقمن بمعاقبة المرأة الخارجة عن القواعد بشكل سريع عن طريق الجلد أو استخدام الكماشة، كما قمن بالتجسس على النساء من خلال الاندماج والاختلاط داخل الحشود، ولجأ التنظيم لاستخدام سيدات الكتيبة في العمليات الانتحارية، وكانت من أشهر نساء الكتيبة ندى القحطاني، السعودية التي كلفت من قبل أمير التنظيم أبو بكر البغدادي بإنشاء فرع من النساء للتنظيم في الحسكة، وأيضًا إيمان البغا فقيهة داعش الحاصلة على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، التحقت بالتنظيم وبايعته في أكتوبر 2014، بعد أن تركت التدريس وقدمت استقالتها من جامعة الدمام لتذهب للتنظيم وغيرهم من النساء.