الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سيناريوهات تغيير خريطة انتشار «داعش» بعد اختيار زعيم جديد لشرق آسيا.. أستاذ جغرافيا سياسية: التنظيم يبحث عن تمركزات جديدة تعوض خسائره.. وأستاذ تاريخ: الجماعات المتمردة ضد الحكم ستقدم لداعش دعما

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مرت المطاردات الأمنية لزعماء تنظيم داعش الإرهابي بعدة مراحل، منذ نشأة التنظيم وحتى الآن، ففي البداية كانت هناك صعوبات كبيرة في الحصول على المعلومات التي يمكن من خلالها معرفة مكان زعيم التنظيم، واستهدافه، لكن مع سقوط أبوبكر البغدادي، أهم زعماء هذا التنظيم منذ نشأته، أصبحت تتوالى، بين فترة وأخرى، أنباء انتصار أجهزة الأمن والاستخبارات على زعماء التنظيم، حتى صار سقوط كل زعيم جديد يختاره التنظيم مسألة وقت ليس إلا.

 

 

وبينما يرجع الخبراء والمحللون السقوط المتوالي لزعماء تنظيم داعش، إلى تنامي شبكة المعلومات الاستخبارية، الناجمة عن التعاون بين الدول المعنية بمكافحة الإرهاب، لشعورها بخطورة الإرهاب، فإن حالة الضعف التي يعيشها التنظيم حاليا، عقب تحطيم وجوده في مناطق نفوذه الأثيرة بالشرق الأوسط، تبدو سببا آخر لفقدان التنظيم لزعمائه واحدا بعد الآخر.

هذا الطرح دفع المراقبين إلى النظر بعين الفحص والتدقيق، للشخصية الجديدة التي أعلن عن توليها قيادة تنظيم في شرق آسيا، معتبرين أن اختيار «جير ميمبانتاس»، المكنى بـ«أبو زكريا»، زعيم التنظيم في شرق آسيا، والذي كان قائدا لجماعة «ماوت» الإرهابية الموالية لـ «داعش» في الفلبين، ليس مجرد ملء لفراغ القيادة فحسب، وإنما هو اختيار عن دراسة.

ويتفق الخبراء على أن اللجوء لتنصيب «أبو زكريا»، زعيما للتنظيم في شرق آسيا، يعد إشارة على وجود رغبة في تغيير خريطة الانتشار، بحيث يتم صناعة مناطق تمركز أخرى في العالم، بعيدا عن المناطق التي أصبحت هزائم التنظيم فيها أمرا معتادا.

زعيم جديد

يبسط تنظيم داعش في شرق آسيا نفوذه داخل كل من: إندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وتايلاند، وحتى وقت قريب لم يكن من المعروف على وجه الدقة، أن «أبوزكريا»، هو أمير جنوب شرق آسيا لتنظيم داعش، إلى أن كشفت ذلك السلطات الفلبينية.

و«أبوزكريا» هو «جير ميمبانتاس»، وهو أيضا فخر الدين حاج ستار، زعيم جماعة ماوت التي تتخذ من الفلبين مقرا لها، وتعرف بولائها لتنظيم داعش، وهو أيضا ابن شقيق عليم عبدالعزيز ميمبانتاس، نائب رئيس مجلس الإدارة للشئون العسكرية لجبهة مورو الإسلامية للتحرير، التي كانت تقود تمردا واسعا ضد الحكومة الفلبينية قبل أن تتحالف معها أخيرًا.

ويأتي تولي «أبوزكريا» للتنظيم في شرق آسيا، خلفًا لـ«عويضة مروهمبصر»، المكنى بـ«أبو ذر»، الذي كان أيضًا زعيما جماعة «ماوت»، قبل أن يقتل خلال مارس 2019، على يد الأمن الفلبيني.

ومع ما يمتلكه «أبوزكريا»، من خبرات، يبدو بحسب الخبراء، أنه الزعيم الأقدر على تنفيذ خطة نقل تمركز داعش إلى منطقة آسيا، بما فيها من زخم الجماعات الموالية للتنظيم.

خريطة جديدة

ويرى الأستاذ الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافية السياسية، أن تنظيم داعش أصبح يدرك أن معركته في منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا، خاسرة لأسباب عدة، أهمها تصاعد رغبة القوى الدولية في إنهاء النزاعات بالمناطق الساخنة في تلك المنطقة، مع تفجر تحديات وصراعات بمناطق أخرى كالحرب الأوكرانية الروسية.

وأوضح «الدياسطي» أن تنظيم داعش يعيش على الصراعات الداخلية في الدول، لأن ما ينعش وجوده ويعزز نفوذه هو غياب السلطة المركزية في الدول التي ينتشر فيها التنظيم، ومع النجاحات التي يحققها الأمن في مناطق وجود التنظيم، مثل: العراق، وسوريا، ومع اهتمام المجتمع الدولي بالقضاء عليه في ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، ومالي، والصومال، وإن كان بنسب متفاوتة، لكن هذا كله دفع قادة التنظيم إلى التفكير في مناطق ارتكاز أخرى تصلح بديلا للخسائر الضخمة الحالية.

وأشار إلى أن تنظيم داعش اختار أن يكون زعيمه الجديد، خبيرا بمنطقة شرق آسيا، حتى يستطيع أن يجد أماكن ملائمة لتمركزات التنظيم، حتى يبني وجوده الجديد، مستفيدا من انتشار الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة، وتمتعها بالنفوذ والقوة، فضلًا عن موالاتها، أو ميلها على الأقل، لمناصرة التنظيم.

دعم انتقامى

بدوره أيد الدكتور محمد عبدالجليل عثمان، رئيس قسم التاريخ والحضارات بمعهد البحوث والدراسات الآسيوية، الرأي السابق، مشيرًا إلى أن «أبوزكريا» لديه العديد من الحلفاء والمتعاونين في ماليزيا وإندونيسيا، مشيرًا إلى أن حركة التنظيم في تلك المنطقة ستكون مدعومة من قبل جماعات المترد المحلية، التي لا تخلو منها دول جنوب شرق آسيا، وهو ما يعني أن التنظيم سيلقى ترحيبا ودعما لنقل كل ثقله لتلك المنطقة، ولو بدافع أن تنتقم الجماعات المسلحة الموجودة في المنطقة من الأنظمة التي تطاردها وتتمرد عليها.
ولفت «عبدالجليل» إلى أن أكبر دليل أن «داعش» يمكن أن يتمكن من نقل تمركزاته إلى شرق آسيا، أن الجيش الفلبيني لم ينجح في القضاء على «أبوزكريا»، وجماعاته رغم الجهود الضخمة التي بذلها في سبيل ذلك.

مواجهة شرسة

من جهته أبدى عمرو فاروق، الخبير في شئون الجماعات المتطرفة، وجهة نظر مختلفة، حيث أشار إلى أن «أبوزكريا»، عليه أن يواجه أولا الحملات الضارية التي تشنها ضده أجهزة الأمن والجيش الفلبيني، حتى يستطيع أن يجد لنفسه وأتباعه مكانا آمنا، يبدأ منه مخططه لنقل تمركزات التنظيم من الشرق الأوسط، كما يتوقع بعض المراقبين.

وأشار «فاروق» إلى أن الجيش الفلبيني، طور خلال الفترة الأخيرة من أعماله، وأصبح لا يستهدف قلب التنظيم الداعشي فقط، وإنما توجه بهجماته إلى الجماعات الموالية للتنظيم، والتي تعد من أجنحته، بحيث يتم تقليص نفوذ بعضها، والقضاء على البعض الآخر، ليفقد التنظيم الدعم اللازم من العناصر البشرية، والإمدادات المسلحة، ويصبح بالتالي عاجزًا عن حماية وجوده، وأضاف: «نتائج هذا الصراع هي التي سترسم مستقبل داعش في شرق آسيا، وهل سيستطيع؟».