الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مئة بيت من الشعر العربي.. عصير الحب والموت والحكمة "قيس بن ذريح"

مصطفى بيومي
مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
قيس بن ذريح
«إلى الله أشكو فِقد لبنى كما شكا إلى الله فِقد الوالدين يتيمُ»
ليس يتيما من لم يعرف الحب، فهو بائس مسكين لا أكثر، لكن اليتيم اليتيم من يعرف ضياع الحب. الفقد عندئذ هو الجحيم، ولا أحد إلا الله يتجه إليه بالشكوى. يعرف الشاعر المأزوم أن البكاء على اللبن المسكوب لن يجدى، لكن اليتامى الحزانى لا يفكرون وفق المعايير السوية العادية. فى أوجاعهم، وما يترتب عليها من تداعيات، شفيع لهم ومبرر لابتكار قوانين ومقاييس غير تقليدية.
للوالدين مكانة سامية مقدسة، وبغيابهما معا تكتمل دائرة اليتم المدمر. لا أحد بعدهما يحنو ويشفق ويغفر ويستوعب ويتواصل ويعطى، ثم يمن الله برحمته وسخائه فتشرق حبيبة خارقة تمنح ما كانا يمنحان، وتملأ الفراغ المرعب المسكون بشياطين تقود إلى الضياع والجنون، لكن الحماقة داء خبيث يدمر خلايا الروح، وهل من حماقة تفوق التفريط فى لبنى؟.
موت الأبوين كارثة قدرية لا متسع للتعامل معها إلا بالشكوى، وفقد الحبيبة شأن مختلف. الموت بريء من تهمة الإطاحة بها، وعلى العاشق الأحمق أن يدفع الثمن الفادح المستحق جراء الخطيئة المهلكة التى يتحمل وحده مسئوليتها. إنه يحفر قبره بيديه، ويرتكب الجريمة التى تصل باليتم إلى منتهاه. ما الشكوى إلا أداة تنفيس لا تجدى نفعا ولا محصول لها، لكنها المهرب الوحيد لتجنب السقوط فى هاوية الجنون.