فوستوك 1 هي المركبة الفضائية الأولى في برنامج فوستوك، والمركبة الفضائية المأهولة الأولى في التاريخ، والتي انطلقت في مثل هذا اليوم 12 أبريل من عام 1961 بأول إنسان يصل للفضاء وكان على متنها رائد الفضاء الروسي يوري جاجارين، وأطلقت الكبسولة الفضائية فوستوك 3 كيه إيه من ميناء بايكونور الفضائي، وتضمن الرحلة الفضائية المدارية مدارًا واحدًا حول الأرض.
ولامس هذا المدار الغلاف الجوي العلوي للأرض عند ارتفاع 169 كيلومتر (91 ميلًا بحريًا) في أخفض نقطة للمدار، واستغرقت الرحلة مدة 108 دقائق من الانطلاق إلى الهبوط، وهبط جاجارين على الأرض بواسطة مظلته وبشكل منفصل عن الكبسولة، إذ خرج منها على ارتفاع 7 كيلو متر (23000 قدم).
بدأ السباق الفضائي بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الحرب الباردة بين هاتين القوتين العظمتين قبل أن يطلق الاتحاد السوفييتي القمر الاصطناعي الأول في العالم سبوتنيك1 عام 1957، وأرادت الدولتان تطوير تكنولوجيا رحلات الفضاء بسرعة، وبشكل خاص عن طريق إطلاق أول رحلة فضائية مأهولة ناجحة.
ناضل الاتحاد السوفييتي في مشروع فوستوك سرًا لمنافسة مشروع ميركوري التابع للولايات المتحدة، وأطلق برنامج فوستوك عدة مهمات غير مأهولة رائدة بين مايو عام 1960 ومارس عام 1961، بهدف اختبار وتطوير عائلة صواريخ فوستوك وكبسولتها الفضائية، واختلفت درجات النجاح التي حققتها هذه المهام، لكن آخر مهمتين تكللتا بالنجاح التام، وهما كوربال-سبوتنيك 4 وكوربال-سبوتنيك 5، ما أفسح المجال لإطلاق رحلة فضائية مأهولة.
صممت كبسولة فوستوك 1 لحمل رائد فضاء واحد، واختير يوري جاجارين البالغ من العمر 27 عامًا بصفة الطيار الأساسي لفوستوك 1، بالإضافة إلى فريق الدعم المؤلف من جيرمان تيتوف وغريغوري نيلبوف، وأجريت هذه التكليفات رسميًا في 8 أبريل، قبل المهمة بأربعة أيام، لكن جاجارين كان المرشح المفضل من بين كل الرواد المرشحين قبل المهمة بعدة أشهر على الأقل، واعتمد القرار النهائي لاختيار الشخص الذي سيحلق على متن المهمة بشكل أساسي على رأي قائد رواد الفضاء المتدربين نيكولاي كامانين.
كتب كامانين في مذكراته اليومية في 5 أبريل أنه لم يكن قد حسم قراره بعد بين جاجارين وتيتوف، والشيء الوحيد الذي منعني من اختيار (تيتوف) هو الحاجة لاختيار الشخص الأقوى بالنسبة لرحلة مدتها يوم واحد، وأشار كامانين إلى المهمة الثانية فوستوك2، وقارنها بالمهمة فوستوك1 ذات المدار الوحيد القصيرة نسبيًا من حيث المدة، وكان جاجارين سعيدا جدًا عندما أعلم بالقرار برفقة تيتوف في اجتماع عقد 9 أبريل، لكن تيتوف كان خائب الأمل.
أعيد تمثيل هذا الاجتماع في 10 أبريل أمام كاميرات التلفزة، لأنه سيكون هنالك تصوير رسمي لهذا الحدث وشمل هذا كلمة قبول المهمة التي ألقاها جاجارين، وذكر أليكسي ليونوف في وقت لاحق، وهو أحد الرواد الآخرين المرشحين، أنه لم يعلم من اختير للمهمة إلى أن بدأت الرحلة الفضائية، في إشارة إلى مستوى السرية التي كان عليه الأمر.
وقام فريق من الأطباء بفحص جاجارين قبل انطلاق رحلته. ذكر أحد الأطباء ما حدث لشبكة الأخبار التلفزيونية روسيا اليوم في أبريل 2011: “بدا جاجارين شاحبًا أكثر من المعتاد، كان انطوائيًا وهادئًا، بشكل لم يكن عليه يومًا، وكان يجيب بالإيماء أو بكلمة ”نعم" قصيرة على كل الأسئلة وهمهم أحيانًا ببعض الألحان، كان جاجارين مختلفًا، قمنا بتجهيزه ومعانقته، وقد قلت له: "يوري، كل شيء سيكون على ما يرام.. وأجابني إذ أومأ برأسه".
وأتم جاجارين الدوران حول الأرض في 108 دقيقة وعاد سالماً، واستغرقت محطات المراقبة التي كانت على اتصال بفوستوك 25 دقيقة لمعرفة ما إذا كان فوستوك استقر في مداره حول الأرض، ولم يكن الأطباء والمهندسون على دراية كافية بطبيعة رد فعل الطاقم في حالة انعدام الجاذبية مما جعلهم يقومون بالتحكم بوضع مركبة الفضاء بشكل آلي، وبدأت عملية إعادة التشغيل والخروج من المدار للعودة إلى الأرض بالقرب من أنجولا على الشاطئ الغربي لأفريقيا وعلى بعد 8000 كم من المكان المحدد للهبوط.
وكان من المفترض أن ينفصل الجزء المعد لاختراق الغلاف الجوي من المركبة عن هيكل المركبة الرئيسي بعد 10 ثواني من إعادة التشغيل إلا أن هذا لم يحدث حيث بقي الجزءان معلقين معاً بواسطة حزمة من الأسلاك واستغرق الأمر عشر دقائق حتى احترقت هذه الأسلاك وانفصل الجزء المخصص للعودة إلى الأرض واستطاع أخذ الوضعية الملائمة لاختراق الغلاف الجوي.