الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

هواها شعبي| «النقوط على مين؟!» إما جواهر وذهب وإما كرسي في الكلوب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى سلسلة «هواها شعبى» التى تقدمها جريدة «البوابة» خلال شهر رمضان المبارك نحاول الإجابة عن سؤال الهوية المصرية، أو بالبلدى كدا «إحنا مين؟»، وهل نحن حقًا نحمل سمات الحضارة المصرية القديمة، بكل ما تحمله من موروث ثقافى امتد عبر الأزمنة المتعاقبة، ومازال ينبض حيًّا جسده المصرى القديم عبر جدران المعابد والمقابر الأثرية. فمازال المصرى يحتفل بأعياد دورة الحياة من ميلاد وزواج ووفاة، حتى احتفالات الحصاد وغيرها من الاحتفالات التى تعبر عن الهوية المصرية، وفى هذه السلسلة سنعبر خلال الأزمنة والأمكنة لنلقى الضوء على هويتنا المصرية والمجسدة فى تراثنا الشعبى «الفولكلور».

يعتبر عادة تنقيط العروس والعروسة من العادات التى تعود إلى أزمنة بعيدة سواء كنت ملكا أو مملوكا أو صعلوك فالكل سيتزوج والكل سيأتى ليهنئ ويبارك للعروسين ويعطيه المال وعلى رأسى المثل «الغاوى ينقط بطاقيته»، والنقوط فى الثقافة الشعبية يعتبر دينًا على العروسين، وأهلهم ويتم رده فى المناسبات المختلفة، وغالبًا ما يتم تدوين كل ما يأتى للعروسين من هدايا ونقود حتى يتم ردها فيما بعد. 

والحكايات الشعبية مليئة بقصص النقوط التى رواها الشاعر الشعبى والتى تبرز مدى سعادة المهنئين بالزواج ومباركتهم له، والنقوط به نوعان أولهما هو نقوط أهل العرس ذاته، والثانى هو نقوط أهل المغنى أى من يقومون بإحياء حفل الزواج أو ليلة العرس.

ففى حفل عرس أقامه الملك الناصر بن قلاوون، قام الأمراء بحمل النقوط إليه، فكان ما تم جمعه خمسين ألف دينار، وغيرها من الهدايا التى كان يحملها الأمراء حين يقوم أحدهم بالزواج، أما فى عرس عنترة بن شداد فيقول الراوى الشعبى إن المعازيم قد تقدموا بالهدايا والنقوط لأصحاب العرس، وكانت هدية الأمير بسطام لعنترة عبارة عن مائتى رأس خيل من الجياد وألفى ناقة وألفى جمل ومائتى عبد مائتى جارية، وعشرين نافجة من المسك، ومائة عقد من الذهب الأحمر مفصلة بقطع الياقوت والجوهر، ومائة طبلة من العنبر ومائتى ثوب من الديباج.

ويقول الراوى فى سيرة الملك سيف بن ذى يزن: إن الملكة قمرية قد أعطت لشامة هدية عبارة عن عقد ذى أربعة عشر من فصوص الجواهر، كل فص يساوى ألف دينار كما أخرجت لها بدلة كنوزية بها الإبربسيم الخالص المنسوجة بشرائط الذهب وقتمت بتفريق عشرة آلاف دينار على الخدم. 

واستمرت عادة النقوط للعروسين عبر الأزمان المتعاقبة وكل مجتمع يعبر عنه بالطريقة التى تناسبه فتعتبر عادة تنقيط العروسين نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعى المحلى، وليكون بمثابة بداية جديدة للعروسين ليستطيعوا شق طريقهم فى الحياة وأيضًا لاستكمال ما ينقصهم، وتختلف النقطة من حيث المستوى الاجتماعى والاقتصادى للمهنئين فالأغنياء ينقطون بما يمثل قيمتهم الاجتماعية الاقتصادية، والفقراء أو ذوى الدخل المحدود فيباركون للعروسين بما يستطيعون أن يدفعوه، وتختلف نوع النقطة من حيث الشكل فمنهم من يقوم بإعطاء النقود، ومنهم من يساهم فى تجهيز العروس بإحضار الهدايا العينية ومنهم من يقوم بعمل الإثنين معًا، ومنهم من يحضر الأطعمة والفاكهة والحزين مثل الثمن والدقيق، ومستلزمات العروس من ملابس وغيرها من الأشياء التى تعتبر تعبيرًا عن سعادتهم ومباركتهم لهذا العرس. 

إذ يرسخ فى الوجدان الشعبى مفهوم الزواج باعتباره أحد الاحتفالات التى يظهر فيها مدى التكافل الاجتماعى بين الناس فالكل يساعد الطرفين ويعرض خدماته دون مقابل.